- من هي أسمهان عمور؟
من مواليد برج العذراء، الترتيب الثاني وسط خمسة أخوة من أصول أمازيغية، تحديدا من رباط الخير أهرمومو سابقا. نشأت وسط عائلة جد متواضعة، نشأت في المنطقة الشرقية بوجدة، بحكم اشتغال الوالد في صفوف القوات المسلحة الملكية، الوالد الذي افتقدته مبكرا سنة 1978 وعمري لم يتجاوز 16 سنة. في غياب الوالد المبكر، قامت الوالدة رحمها الله، بدور بطولي حيث استطاعت أن تحتضن الأسرة المكونة من ستة أشخاص، وأن تقودنا إلى بر الأمان بشخصيتها القوية، وتوجيهاتها وصرامتها التي كانت لنا جميعا خارطة طريق الحياة، رغم كون هذه الأم لا تعرف لا القراءة ولا الكتابة. تابعت دراستي الابتدائية والاعدادية والثانوية والجامعية بنفس المدينة، أي بمدينة وجدة.
أنا أم لأسامة وعبير، ومتزوجة من الإعلامي الحسين العمراني. - بداياتك الأولى في مجال الإعلام؟
أنا خريجة كلية الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة محمد الأول بوجدة سنة 1986، ولم يكن الإعلام وممارسته في صلب آفاقي آنذاك علما بأنني كنت من سميعي الإذاعة الوطنية والعربية، او التي كانت تبث من دول أجنبية إلا أنها ناطقة بالعربية، فكنت متابعة جيدة لمجموعة من البرامج في إذاعة صوت العرب، وإذاعة البي بي سي من لندن وإذاعة موسكو وإذاعة هلفرسن من هولندا. فالتصاقي بالمذياع لم يكن أبدا سببا حقيقيا في ولوجي الإعلام، بل كانت الصدفة إذ استدعيت إلى برنامج الشاعر محمد بنعمارة “ماذا يقرأون؟” وهو برنامج صيفي يعتمد على القراءات الصيفية، وصادف أن كان مدير الإذاعة الراحل عمر بلشهب حاضرا أثناء التسجيل، فأثنى على صوتي الذي اعتبره إذاعيا بامتياز فشجعني على ولوج الإذاعة. وهكذا، وجدتني في قسم الإنتاج العربي بالإذاعة الوطنية، رفقة جهابذة الإعلام آنذاك محمد الجفان، السيدة ليلى، رشيد الصباحي، محمد البوكيلي، والجيل الجديد آنذاك أيضا صباح بنداود، فؤاد آيت القايد، والحسين العمراني. فكان أول برنامج قدمته للإذاعة متابعات أدبية. ليليه، حقيبة الأسبوع وزهور. كان ذلك في سنة 1987 - هل يمكن الحديث عن تيار إعلامي معين تنتمي إليه أسمهان عمور؟
أنا لا أؤمن بالتيارات الإعلامية بقدر ما أؤمن بالموهبة أولا، ثانيا التخصص. فبعد تقديمي لمجموعة من البارمج ذات البعد الفني والترفيهي والسياسي والاجتماعي، وجدتني مؤهلة بحكم دراساتي الأدبية لإعداد وتقديم البرامج الثقافية، خاصة وأن هذا النوع من الإعلام الثقافي يستوجب الإحاطة والإلمام والمواكبة للحركية الثقافية وطنيا وعربيا. ومن هذا المنطلق أشرف من 1994 على إعداد وتقديم برنامج ثقافي “حبر وقلم” الذي حاورت فيه كبار المثقفين في المغرب والوطن العربي، ونلت بفضله الجائزة الفضية في مهرجان القاهرة للإعلام العربي. واستطعت من خلاله تمثيل الإذاعة الوطنية في مجموعة من المهرجانات الثقافية في الإمارات ومصر وتونس وسوريا. إضافة إلى تغطيات فعاليات ثقافية وطنية في المغرب، كما أذكر ان البعد الثقافي لازمني من خلال برامج أخرى، كبرنامج على متن باخرة وهمية وهو برنامج ذو بعد فلسفي ونظرة الضيوف إلى مجريات الأحداث في الحياة، وأعتز كثيرا بأني رحلت في هذا السفر الوهمي مع الشاعر محمد الفيتوري والأديب سهيل إدريس والشاعر عبد الوهاب البياتي والمغترب صلاح نيازي والشاعر محمد بنيس وغيرهم كثير. - هل أنت راضية على ما قدمته لحد الآن في مشاورك الإعلامي.
اعتقد أن مرور 32 سنة على معانقة المكروفون يجعلني راضية ليس على ما قدمته فقط، ولكن راضية أيضا على اختياري مجالا ليس بالهين وهو الاعلام الثقافي الذي لا يمنحنا الشهرة كإعلاميين كما هو مألوف بالنسبة للذين يشتغلون في الجوانب الفنية أو السياسية، لسبب بسيط، لأن الثقافة لا تشكل أولوية في المجال الإعلامي، وأن الثقافة غير مذرة بالمفهوم المادي. من هذا المنطلق اعتقد أن كل الذين يشتغلون في هذا المجال هم مناضلون بامتياز. ووجب التذكير أيضا بفضل اصراري على الاشتغال في هذا المجال، قدمت برنامجا تلفزيونيا لفائدة الدوتشيفيلي الألمانية “الصالون الثقافي”، وأعتبر هذه الخطوة انتصارا لتخصصي في المجال الثقافي. - من هو نموذجك في المجال الإعلامي؟
استنادا إلى ما قلته سابقا وهو الاستماع الدائم للإذاعات الوطنية والعربية، لازالت أصوات قديرة راسخة في الذاكرة، من خلال برنامج ندوة المستمعين في البي بي سي، أو إذاعة منوتي كارلو أو إذاعة الجزائر في بعض برامجها. إلا أن صوتا ألفته طوال دراستي الجامعية هو صوت فؤاد آيت القايد وصباح بنداود، وأعتبر الأول من رواد التنشيط الإذاعي بمفهومه الحديث الذي يعتمد على الحركية الموسيقية والخفة في الأداء. إضافة إلى الراحل محمد الجفان الذي كان لي الشرف أن اشتغلت معه في تقديم بعض البرامج في الإذاعة الوطنية، كما أن الذاكرة لازالت تحتفظ بصورة وصوت ليلى رستم مقدمة برنامج تلفزيوني “محاكمات أدبية”. - ما هي تقديراتك لحضور الإذاعة في مجال الاستهلاك الإعلامي العمومي؟
شخصيا، أعتقد أن الإذاعة كوسيلة إعلامية كان لها حضور بارز في تعميم الوعي والخطاب التحسيسي والرفع بالوعي الجماعي، علما بأن أدباء كبار اليوم ساهموا في صناعة إعلام هادف، كالروائي محمد برادة والرحل عبد الجبار السحيمي والعربي المساري وعبد الرفيع جواهري وعبد الحق زروالي ووجيه فهمي صلاح وغيرهم كثير ممن صنعوا امجاد الإذاعة الوطنية التي كانت وحيدة مركزية إلى جانب الإذاعات الجهوية. غير أنه في خضم تحرير السمعي البصري تناسلت إذاعات متعددة، كل لها لغة خطابها والشريحة المستهدفة وبالتالي فإن الإذاعة اليوم، من منظوري الخاص تقلص الدور الحقيقي للإذاعة كجهاز إعلامي، إضافة إلى ان الوسائل التكنولوجية الحديثة أصبحت تستهوي مستعمليها في إيجاد منافذ أخرى للمعرفة أو التسلية. - ما هو البرنامج الذي تمنيت لو انك من تنجزه؟
كثيرة هي الأقلام المهاجرة والمغتربة من المغاربة الذين اختاروا أن يعيشوا في بلدان بعيدة عن أوطانهم، وبحكم حضور الأسماء في الساحة الثقافية الدولية، حلمي ان أتنقل إلى مواطن إقامتهم للقاء بهم واستضافتهم في برنامج إذاعي يقرب هذه الأصوات المغربية والعربية التي لم تنسلخ من انتماءها العربي وتقدمها للجمهور المغربي. هي فكرة كثيرا ما راودتني وهي امتداد دائما لهذا النضال الثقافي الذي راهنت عليه منذ 1994. هذا الحلم لا يتحقق إلا بالإيمان بالفكرة أولا واحتضانها ماديا ومعنويا، هذا إذا كان للإدارة المشرفة إيمان بالثقافة. وقد كانت نواة الفكرة سنة 1997 في إطار برنامج “إبداعات مهاجرة” استضاف ميكروفون الإذاعة زوار المغرب المغتربين المبدعين.