في الآونة الأخيرة تم تداول “مادة إخبارية” متعلقة بطبع “مصحف” بالإمارات.. بهدف توزيعه على أوسع نطاق.. وتتضمن هذه “الطبعة” استبدال اسم سورة الإسراء باسم “سورة بني إسرائيل” !؟
ولا يخفى على المتتبع اليقظ تزامن هذا الفعل المنكر مع ما تشهده المنطقة الخليجية من ضروب انفتاح وتطبيع..
تجاذبتُ أطراف حديث في الموضوع مع أحد المنجذبين “للعلم الفيسبوكي..” فقلّل من شأن هذه النازلة، فكان عليّ أن أوضح له ولمن هو على شاكلته بعض المعلومات الأساسية لعله يذَّكَّر أو يخشى..
قلت له :
. اعلم يا أبا عبد الله أن هذا الفعل المجرم صادر من جهة متطرفة دينية إسرائيلية.. غايته المس بأقدس ما يلتف حوله المسلمون في مشارق الكون ومغاربه..
. تعلم هذه الجهة المدنَّسة ما يمثله القرآن الكريم في نفوس المؤمنين به..
. تعلم هذه الجهة المجرمة أن سورة الإسراء تعرض لقضايا ذات صلة بالعقيدة؛ مثل نظيراتها من السور المكية؛ قضايا الوحدانية والرسالة والبعث..
. تعلم هذه الجهة الخبيثة أن سورة الإسراء بسطت في مقام أول معجزة الإسراء؛ فقد أسرى رب العزة بعبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى إسراء شمل روحه وجسده.. وتصدر هذا الموضوع الكريم هذه السورة الكريمة التي أعلت من شخصية الرسول الأعظم وأبانت عن تأييد ربَّاني لهذا النبي الخاتم..
تعلم هذه الجهة المعادية للإسلام والمسلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قرآنا يمشي.. “وأن من أراد أن يرى رسول الله ممن لم يدركه من أمته، فلينظر إلى القرآن- كما نبه على هذا الشيخ محيي الدين ابن عربي في فتوحاته -فإذا نظر فيه، فلا فرق بين الناظر إليه وبين الناظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكأن القرآن انتشأ صورة جسدية، يقال لها محمد بن عبد المطلب، والقرآن كلام الله، وهو صفته ، فكان محمد صفة الحق..”
قلت لأبي عبد الله الفيسبوكي : في سورة الإسراء حديث عن :
– بني إسرائيل وما كتبه رب العالمين عليهم من تشرد جزاء الطغيان والفساد والعصيان..
– الوحدانية وناموس الكون..
– القيم الفضلى البانية للمجتمع..
– ضلالات المشركين..
– البعث والنشور والمعاد والجزاء..
– تنزيه الحق سبحانه عن الشريك والولد..
وبعد،
فكلام الله هو القرآن الكريم، وقد سماه رب العالمين أربعة اسماء في آية واحدة : صحف، مكرمة، مرفوعة، مطهرة. والقرآن وحي إلهي منزل على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
ما زالت شخصية محمد رسول الله في ترقٍّ، وما زال الحق في تجلٍّ، ولا سبيل إلى استيفاء ما لا يتناهى لكون الحق في ذاته لا يتناهى. لن يفلح مبتدعو فتنة الإساءة للقرآن الكريم الذي تحقق به رسول الله تحققاً ذاتيا كليا..
عبد اللطيف شهبون