كانت الأحزاب السياسية المغربية دائما محط نقاش وجدال لدى المواطنين على مختلف شرائحهم الاجتماعية ولم يكن الرضا عليها من قبلهم على مرعقود.يتجلى ذلك واضحا، خلال الحملات الانتخابية وفي غيرها من الأحداث والمناسبات، إذ من الصعب إقناع الناخب بجدية وفعالية حزب فلاني، مقارنة مع أحزاب منافسة له، حتى ولو كانت أحزابا عتيدة، راكمت العديد من التجارب وأي تجارب ؟ لأن المواطنين عامة يبرزشغلهم الشاغل في إيجاد فرص للعمل وتسهيل شؤون حياتهم اليومية المختلفة، من تقريب الإدارة وتوفيرالقدرة الشرائية وضمان جودة التعليم وتوفيرالخدمات الصحية، كل ذلك لبلوغ كرامة العيش.وبناء على هذا، نستنتج أن نفس تطلعات وأماني المواطنين تبقى هي هي، حبيسة الانتظارات، لسنين، بدون أن تستجيب لها أحزاب الأغلبية أوحكومات تأتي، ثم تذهب.وكل حزب قد يبهرالناخبين ببرنامجه الانتخابي، لكن في حالة فوزه وتصدره للمشهد السياسي وتسلمه لمقاليد الحكم، يشتكي لاحقا من بعض”المضايقات والعراقيل”، بشكل مبهم، ثم قد يرتدي هذا الحزب لباس المعارضة، بشكل غيرمفهوم، في الوقت الذي بحت الحناجروأوصلته نسبة الأصوات المرتفعة إلى أخذه بزمام الحكومة. ورغم ما ضمنه دستور 2011 للأحزاب السياسية والمجتمع المدني، إلا أن العديد من المراقبين والمهتمين يلمسون ضعف أدوارها وانعكاس هذا الضعف السلبي على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، خاصة منهم فئة الشباب، ففقدانهم للثقة في الأحزاب السياسية وراء تراجع الثقة في مؤسسات الدولة، لشعورهم بأنهم غيرمهمين في نظرالقيادات السياسية، مما ينعكس على ضعف المشاركة في الانتخابات، بالنظرإلى فترات تاريخية. ولهذا أصبحت فئة الشباب لاترى أي تأثيرلأصواتها في تغيير الأوضاع في بلدها، نحوالأفضل.وهذا لن يتم إلابتفاعل الأحزاب معها والاهتمام بمشاغلها واحتواء مطالبها، باعتبارها ركيزة أساسية للنظام الديمقراطي، سواء تعلق الأمر بالتأطيرالسياسي المستمروالنوعي وتجديد النخب والقيادات وإتاحة الفرص أمام مختلف فئات المجتمع، طبعا مع الحرص على نشر ثقافة المواطنة والديمقراطية.ثم إن الأحزاب في حاجة إلى تشريح دقيق يشمل مطابخها الداخلية، أولا، للوقوف على ضرورة تخليقها، بنوعية الاستقطابات المعول عليها، أخلاقيا ووعيا وسلوكا، لأن ما يلاحظ، حاليا، تحت قبة البرلمان، على سبيل المثال لا الحصر، من مداخلات ونوعية الكلام وشكل التصرفات الصادرة من بعض ممثلي الأمة، “يأتيك بالأخبارما لم تزود”…
وخلاصة القول، أن الحديث عن تصورالشكل الذي ينبغي أن تكون عليه الأحزاب يبقى حديثا ذا شؤون، لكن إلى متى ؟ هذا هو السؤال.
محمد إمغران