في ظل الحديث الدائر، بين الفينة والأخرى، حول اللغة الفرنسية واعتمادها، بشكل قوي، إلى درجة الدفاع عنها بالمغرب وترسيخها، خاصة في قطاع التعليم، سواء منه الابتدائي أوالثانوي أوالعالي، يبدوأن التوجهات الفرنكفونية مازالت تفرض نفسها أيضا حتى على مستوى التواصل بين المغاربة الذين يجبرون على التعايش معها، بتداولهم مصطلحات فرنسية، سواء شفاهيا، أوعن طريق ملء المطبوعات والاستمارات، الخاصة ببعض الإدارات العمومية والشركات والبنوك وغيرها من المؤسسات، الأمرالذي يستشعرمعه المغاربة بأنهم مازالوا مستعمرين، وفق تصريحاتهم وانطباعاتهم في أكثر من مناسبة، في الوقت الذي بدأت بعض الدول من مستعمرات فرنسا تدير ظهرها لهذه الأخيرة وتختارالانضمام إلى دول كانت تحت نيرالاستعمارالبريطاني.وهنا ليس معناه تزكية اللغة الأنجليزية وتمجيد هذا النوع من الاستعمار، رغم أن اللغة الأنجليزية لغة البحوث، بامتياز، فضلا عن كونها لغة عالمية، أكثرانتشارا وإنما ليس في القنافذ أملس !
الدفاع عن الفرنكفونية في المغرب يتواصل، بشكل يثيرحفيظة مئات الآللاف من المواطنين، لماذا ؟ لأن فرنسا، سواء عن طريق أبواقها الإعلامية أومن خلال رؤساء لجانها في أروقة الاتحاد الأوربي باتت تحارب مصالح المغرب، بكيل اتهامات مجانية له، من قبيل تمويله للإرهاب، فضلا عن سياستها الممنهجة لدى قنصلياتها في المغرب وتتجلى في منح التأشيرات للمغاربة بالقطرة ومنع رجال أعمال وشخصيات كبيرة من حقهم في التنقل والسفرإلى أراضيها، علما أن التوجه الفرنكفوني للتعليم بالمغرب يصب في مصلحة فرنسا أساسا وليس المغرب، وتعتبرهذه “الفرنسا”مسؤولة بشكل مباشر عن النزيف الذي يصيب هجرة الأدمغة، ففي كل سنة يتخرج حوالي 4 آلاف تلميذ من الأقسام التحضيرية، ويكلفون الدولة المغربية أكثر من عشرة ملايين سنتيم، سنويا لكل تلميذ، وفق تقاريرإعلامية رسمية.والملاحظ أن أول ما يقوم به هؤلاء التلاميذ، مباشرة بعد تخرجهم هوإعدادهم للمباريات الفرنسية، وكل سنة يهاجر نحو 250 تلميذا مغربيا متفوقا من الذين حصلوا على النقط الأولى في مؤسساتهم التي يزيد عددها عن 13 مؤسسة بالمدن المغربية. أكثرمن هذا، فهم يحلمون بمدارس “البوليتيكنيك” أولا، ثم مدارس المعادن والقناطر، ثم مدارس “المركزية” في باريس. كما جل هؤلاء لا يعودون إلى العمل بالمغرب.
ووفق ذات المصادر، فإن الاستقطاب لا يتوقف على التلاميذ، فحسب، بل على المهندسين أيضا، باعتراف وزير التربية الوطنية الذي تحدث في وقت سابق عن هجرة ما مجموعه 600 مهندس مغربي سنويا، ونصفهم يستقر نهائيا في فرنسا، لتصبح فرنسا هي الكل في الكل، بغض النظرعن هجرة ما مجموعه 7000 طبيب مغربي، صوب فرنسا، أغلبهم من ذوي التخصصات، في الوقت الذي تعاني الصحة عندنا ظروفا مأساوية، من رأسها إلى أخمص قدميها، بينما تكون بلادنا في حاجة ماسة إلى أبنائها الأطباء..
والخلاصة، يبقى كل ما أشيرإليه، سلفا، غيضا من فيض..فيض فرنسا، المدافعة عن توجهاتها الفرنكفونية، بل تتعهدها، تربية وطعاما ودواء وحتى ب :”ليكوش”، فعسى المغاربة الأحرارأن يهتدوا إلى عين الصواب ..
محمد إمغران