اسمه ونسبه وولادته:
هو الفقيه العلاّمة، الخطيب الواعظ، المدرّس النّفّاعة، الشريف سيدي محمد بن عبد الصمد بن محمد المؤذن بن عبد المومن التجكاني الغماري أصلاً، التطواني داراً وقراراً ووفاة.
ولد رحمه الله ولد بمدشر تُجْكان (بضمّ التاء وسكون الجيم وفتح الكاف المصرية) من بني منصور بقبيلة غمارة الشهيرة، عام 1317 هـ، وترجع أصول أسرته إلى قبيلة بني يزناسن بالرّيف الشمالي، وقد هاجر أجداده الأوائل منها في حدود المائة التاسعة للهجرة إلى قبيلة غمارة، ومنها إلى تطوان.
دراسته الأولى :
استظهر الفقيه العلامة سيدي محمد التجكاني القرآن الكريم بمسقط رأسه بمدشر تُجكان على العادة المألوفة عند المغاربة، فقصد مكتب القرية، وبه أخذ عن السّادة:
- الفقيه الشريف سيدي أحمد بن عبد الله المعروف بابن زهرة.
- الفقيه الشريف سيدي محمد بن الشاهد التجكاني وعليه أتمّ حفظ القرآن الكريم.
دراسته الثانية بتطوان:
وبعد استظهار الذكر الحكيم رسماً وضبطاً، وحفظ المتون اللغوية والشرعية التي تعتبر الأساس في طلب العلم، ولّى وجهه شطر مدينة تطوان، وذلك في ذي القعدة عام 1337 هـ، وبتطوان أخذ عن الفقهاء الأجلاء السّادة:
- العلامة النحوي المدرّس، خليفة القاضي سيدي الأمين بن عبد الله بوخبزة العمراني التطواني، الأجرومية في مبادئ النحو.
- الفقيه العدل، العلامة سيدي عبد الرحمان أقشار، الألفية بالمكودي وطرفاً من شمائل الترمذي.
- الفقيه المحدّث، والمدرّس النّفّاعة، سيدي محمد الفرطاخ طرفاً من الألفية بالمكودي ومن المختصر الخليلي بالخرشي.
- الفقيه الأديب، الصّدر فيما بعد، سيدي أحمد بن عبد الكريم الحدّاد طرفاَ من الألفية بالمكودي.
رحلته الدراسية إلى فاس:
وبعد إتمام الدّراسة بتطوان، تاقت نفسه للاستزادة من بحار المعرفة، فقصد مدينة فاس، التي هي مقصد كلّ طالب راغب، وذلك في فاتح ربيع الأول عام 1340 هـ، وبها التحق بشامة جوامعها (القرويّين العامر)، والتفّ حول مجالس أعلامها الكبار، وممّن أخذ عنهم هناك:
- العالم الفقيه سيدي الحُسين العراقي، المختصر الخليلي بالخرشي، والتحفة بالشيخ التاودي ابن سودة وهو عمدته.
- العلامة الفقيه النفّاعة، سيدي إدريس المراكشي، المرشد بميّارة والسُّلَّم بالقُويسني.
- العالم الفقيه الشريف مولاي عبد الله الفضيلي، طرفاً من جمع الجوامع بالمحلّي ومن المختصر الخليلي بالخرشي.
- العلامة الفقيه الشريف سيدي أحمد بن الجيلالي الأمغاري، المختصر الخليلي بالحرشي.
- الفقيه النفاعة، سيدي أبي الشّتاء الصنهاجي طرفاً من المختصر الخليلي بالخرشي.
- الفقيه العالم سيدي محمد الصّنهاجي فرائض المختصر الخليلي بالخرشي.
- العالم الفقيه مولاي أحمد بن المامون البلغيثي، طرفاً من جمع الجوامع بالمحلي ومن صحيح الإمام البخاري.
- العلاّمة الفقيه مولاي عبد السلام بن عمر العلوي، المختصر الخليلي بجواهر الاكليل.
- الفقيه المحدث سيدي محمد بن أحمد ابن الحاج السّلمي، طرفاً من الموطأ للإمام مالك.
- الفقيه العالم سيدي الحسن مزُّور السّلم بالقويسني.
وبعد إتمام ثلاث سنوات بجامع القرويين، (وهي مدّة يسيرة للأخذ بجامع القرويين في عرف الطّلبة آنذاك)، غادر مدينة فاس عام 1343 هـ، ومنها انتقل إلى قبيلة بني يزناسن الريفية، فأقام بها مدة، ثم انتقل إلى مدينة طنجة حيث مجمع أصهاره (بيت بني الصدّيق)، ومكث بطنجة مدّة يسيرة بسبب الأوضاع السياسية المضطربة، التي منعته من السفر إلى تطوان، وقد انتهز هذه الفرصة لتدريس العلوم الشرعية بإشارة من صهره العالم الصوفي سيدي محمد بن الصديق، وهكذا كان يجلس إلى الدرس بالزاوية الدرقاوية (الصديقية)، وبها درّس نظم ابن عاشر بميارة، والآجرومية في النحو، وكان السارد له الشيخ عبد الله بن الصدّيق. وبجامع الكبير، منظومة الشيخ الطيب بن كيران في الاستعارة بشرح البوري، وكان السارد له الفيه السيّد مصطفى بن عجيبة، قائد أنجرة فيما بعد. ليعود بعدها إلى مستقرّه تطوان، عام 1347 هـ، وبتطوان وصار يقوم بدروس تطوعية بالجامع الكبير وغيره .
وظائفه :
التحق الفقيه العالم سيدي محمد بن عبد الصمد التجكاني مدرّساً بالمعهد الديني الثانوي والعالي بالجامع الكبير بتطوان بعد تنظيم التدريس به، وكان معدوداً من مدرّسي الدرجة الأولى، وبقي يعمل في حقل التعليم به إلى أن أحيل على المعاش عام 1384 هـ. ودرّس أيضاَ بجامع لوقش عدة مواد في العربية والشريعة.
وممّا درّسه الفقيه التجكاني:
- ألفية ابن مالك بشرح المكودي.
- المرشد المعين لابن عاشر بميارة.
- ولامية الزقاق بشرح التّاودي بن سودة.
- فرائض الشيخ خليل بالخرشي.
- المختصر الخليلي بالزرقاني وبالدّردير.
- وتحفة الحكّام (العاصمية) بالتسولي وميارة.
- جمع الجوامع بالمحلّي في أصول الفقه.
- التفسير بالخازن.
- والحديث بالبخاري بشرح القسطلاني، والأربعين النووية بالشبرخيتي، والترغيب والترهيب في الرقائق.
وتعدّ حلقته من أشهر حلقات فقهاء وقته، يقصدها الطّلبة من مختلف الجهات، باختلاف الفئات.
ومن تلاميذه بتطوان، السادة:
- (صهره) الشيخ العلامة سيدي محمد بوخبزة.
- عبد الكريم اللبادي.
- أحمد بن عبد الكريم اللبادي.
- الحاج الطيب بوهلال.
- الحاج العربي الدفوف.
- محمد العطّار.
- محمد مرتيل.
- القاضي سيدي محمد اللّبّادي.
- الشيخ محمد حدّو أمزيان.
- القاضي عبد السلام بن علال.
- الفقيه القاضي محمد المرابط الترغي.
- الفقيه القاضي سيدي محمد العثماني، وغيرهم كثير.
وبالإضافة إلى العمل بالتّدرس، عيّن خطيباً بزاوية سيدي علي ابن ريسون، وظلّ بها مدّة، ثمّ صار خطيباً بجامع المسندي، ثمّ بمسجد العيون الشهير، وخلَفه صهره أستاذنا العلامة سيدي محمد بوخبزة رحم الله الجميع.
هذا إلى جانب الوعظ والإرشاد الذي كان له فيه اليد الطولى، واكتسب شهرة واسعة بفضل ما كن ينشر من الفكر الديني القويم، والمنبثق عن صفاء السلوك، وحسن الطوية، ونقاء السّريرة، والالتزام بمبادئ الشريعة، ومن المساجد والزوايا التي مارس بها الفقيه محمد الولي التجكاني الوعظ والإرشاد:
- جامع الكبير.
- جامع الغرسة الكبيرة.
- جامع المسندي.
- زاوية سيدي بوجيدة.
- الزاوية الريسونية.
- الزاوية التجكانية (وبها كانت سكناه).
رحلته :
ارتحل العلامة سيدي محمد التجكاني إلى الدّيار المقدسية لأداء الحج المفروض، وتشرّف هناك بزيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلّم، وكانت أوّل زيارته لتلك البقاع عام 1353هـ/1934م. ضمن الوفد الرسمي للمنطقة الخليفية، وبطلب من سموّ الخليفة، بصفته إماماً ومرشداً، ومعلماً الناس المناسك ثم رحل مرة ثانية ضمن الوفد الرسمي أيضاً بالصفة المتقدمة، وذلك سنة: 1354هـ/1935م.
وفاته ومدفنه:
توفي العلاّمة الفقيه سيدي محمد التجكاني يوم الأحد 7 رمضان عام 1411هـ/ الموافق لـ 11 مارس 1991م، ودفن عصر يوم الاثنين، وشيّعه إلى مثواه الأخير محبوه وتلاميذه ومعارفه من تطوان وطنجة، ودفن بالمقبرة العمومية بتطوان (باب المقابر)، وأقيم له حفل تأبين بالزاوية الحرّاقية يوم الرابع من وفاته، وضريحه يوجد عن شمال مصلى الجنائز ببناء كبير يضمّ زوجه السيّدة حبيبة بنت الشيخ محمد ابن الصديق، التي وافاها أجلها المحتوم يوم 1 جمادى الأولى عام 1414هـ/17 أكتوبر 1993م. رحمهما الله رحمة واسعة، وألحقنا بهما مسلمين.
إعداد: د. يونس السباح