الفقيه محمد اللغداس “رمز الخيرات”
جريدة الشمال – عبد الله بديع ( (محمد اللغداس) )
الجمعة 10 نوفمبر 2017 – 18:20:53
و من بـاب التقدير و الـوفـاء لهذا الـرجــل الكريم، نقدم هذه الترجمة التي لا ندعي أنَّها مـوفية بقـدره، شـاملة لكل ما جـــاد بـه، و الحـقّ أنّــه أكبر من هذه الترجمة ومن غيرها.
1- ولادتــه:
ولد العلامة الفقيه محمد اللغداس بمدشر العشايش من قبيلة الأخماس السفلى (إقليم شفشاون)، سنة 1327 هـ/ 1912م.
2- نشأتـه ودراستــه:
نشأ في بيت جـده الفقيه المقرئ محمد بن إبراهيم اللغداس، الذي ألحقـه بالكتاتيب القرآنية القروية، حيث حفظ القرآن الكريم على الفقيه السيد عبد السلام بن سعدون، ثم تصدى لحفظ المتون مما أهله للاغتراف من مناهل الثقافة الإسلامية والعربية.
أخذ العلم عن العلماء الأجلاء: عبد الله الشدادي والمفضل بن زروق والشيخ محمد بن عياد الخمسي ومحمد بن خجو ومحمد المعطي ومحمد العمراني وغيرهم.
3- مسيره المهني :
بعد تخرجه، تولـى الإمامة في عدة مساجد قروية، وتدريس الطلبة بها، ثم استقر بشفشاون وأسندت إليه مهمة الكتابة بنظارة الأحباس نحوا من ثلاث سنوات. التحق سنة 1938 للتدريس بالمعهد الديني في عهد مديره الشيخ محمد بن عياد الخمسي، في السنة الرابعة بعد افتتاحه، وسنه لا يتجاوز ست وعشرون سنة، كان يدرس جل المواد الدينية واللغوية والمواد العصرية مثل الحساب والتاريخ والجغرافيا، إلا أنه كان متخصصا في علم الفرائض فقها وحسابا، ومرجعا مهما فيه.
بعد إحالته على التقاعد، اشتغل بنظارة الأحباس وبسلك العدول، كما تولى كغيره من العلماء الأفذاذ مهمة الإفتاء.
تخلل عمله التربوي والإداري عضوية رابطة علماء المغرب.
4- جهـاده الوطنـي:
يعد المترجم به من الرعيل الأول للحركة الوطنية لقبائل الاخماس مجبولا في ذلك على حب الوطن، وقد ‹‹سجل بمداد من الفخر، صفحات نيرة من العمل المتواصل المقرون قولا وفعلا في ميدان حزب الاستقلال، سواء في قبيلة الاخماس أو في مدينة شفشاون، بحيث تحمل المسؤولية في المجلس الوطني للحزب، وفي مجلس النواب سنة 1963، وفي المجلس البلدي، فكان في كل هذه المسؤوليات الجسام مثالا يحتذى به في الوفاء والإخلاص وإسماع صوت المواطن والدفاع عن انتظاراته بتجرد تام من لبوس المصالح وفنون المراوغة››
تقلد عدة مهام داخل مؤسسات حزب الاستقلال، وكان أحد رموزه في الاخماس وشفشاون.
5- وفـاتـه:
توفي الفقيه محمد اللغداس رحمه الله يوم 9 ربيع الأول 1402/ 6يناير 1982 بشفشاون، وقد شيع جثمانه في محفل رهيب، و أبنه قبل دفنه الأساتذة: عبد السلام الفاسي ومحمد السفياني والهاشمي السفياني وعلي الريسوني.
وقد اعتبر المرحوم الأستاذ الهاشمي السفياني وفاته رزءا جللا على اعتبار أنه كان أحد الأعلام المميزين في علم الفرائض، وشيخا جليلا تتلمذت على يديه أجيال متعاقبة واستفادت من دروسه الأثيرة ومن علمه النافع في الدنيا والآخرة.
وفي كلمة مؤثرة للأستاذ “عبد الله الجراري” رحمه الله قال:‹‹..رجال عرفناهم نماذج حية في التربية عن صدق وإخلاص، جاهدين أنفسهم في تركيز العقيدة الحقة في النفوس وأحكامها في الصدور، وكان وقع نعيه في نفوسنا أليما، إذ فقدنا فيه عضوا عاملا صادقا أريحيا، طموحا لخدمة الصالح العام››
أما الأستاذ محمد الورياشي رحمه الله فقد رثاه بقصيدة طويلة منها :
قضـت أقدار ربي أن تروحا منيتـه بمن كان الطموحــا
مخلفا أثره أسمى المــزايـا مشيدا في القصـور الصروحا
سيذكره المؤرخ في فخـار وبعد بمن يقلده جنوحا
إلى الخيرات يعمل باجتهاد كما كان فيها الفقيد جموحا
فينعم بالجنان، جنان عدن مع الأبرار من سطروا شروحا
وجيشوا حولهم جموع الأنام يزيدون معارفهم وضـوحا
فنم في القبر يا من أسدى برا وكان بعلمه شهما نصوحا
وكان الجــود شيمتـه دواما وكان بفكره سمحا منوحـا
فكم من معرك خاض صبورا وكم قاسى في تحصيله جروحا
لقـد حمل السلاح بمعنييــه وقاوم في الجبال علا سفوحا
وشــاء الله إبقــاءه لـدرس ليمضي في الكون فذا كدوحا
يؤطر للبلاد والدين فوجا يعدهــم ليستلمـوا الرماحــا
ويدفعوا عن حمى الأوطان جهلا طغى وكما وقد خلف اللقاحا
فقد عرف الفقيد في كل جيل ممن قد عاصر كفؤا مزوحا
يقابل بالجميل وبالجمـال فلم تر وجهــه قط كلوحــا
ولم يسأل في مسألة إلا قال ما يدريه، أو راجع الصحاحا
فيأتي بالدليل لمن رجــاه ولو كان المعاند و اللحوحا
لقد قال الرسول وقال حقا بموت العالم يبقى شبوحــا
لقد جئناك نزورك في ضريح وقبرك في القبور غدا ضريحا
فأينك يا زروق ويا سمار ويا بقالي، استقبلوا المليحا
لقد أدى رسالته وجاء مخلفا مثلكم صيتا وريحا
وصكا عامرا بالمكرمات وذكر طلابكم قولا مديحا
وفي الختام، تجدر الإشارة أن جمعية قدماء طلبة التعليم الأصيل بشفشاون التي يرأسها الأستاذ الباحث محمد بن يعقوب، نظمت بتنسيق مع المجلس العلمي المحلي بشفشاون ندوة تكريمية للفقيه محمد اللغداس يوم الجمعة 29محرم 1439/ 20 أكتوبر 2017….