في تطور مفاجئ، قدم السيد السيد سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي أمام البرلمان تصوره لتدبير المرحلة المقبلة من الحجر الصحي المتعلق بتنظيم الدراسة وإجراء الامتحانات، والذي قرر على إثره إرجاء الالتحاق بالمدارس وإجراء الامتحانات إلى غاية شهر شتنبر، باستثناء السنة الثانية البكالوريا التي قرر أن تجرى في شهر يوليوز.
وقد لقيت هذه الإجراءات الاحترازية استحسانا واسعا لدى عموم المغاربة، على اعتبار أن الوضعية الوبائية بالمملكة لم تعرف بالشكل القطعي ما يسمح بالرفع الكلي للحجر.
هذه الإجراءات في عمقها التربوي والسياسي والحقوقي والإنساني نمت عن وعي وطني عميق لدى الوزارة بالمصلحة العليا للوطن.
من جانب آخر عبرت هذه الإجراءات عن وعي بمصلحة الوطن العليا متمثلة في العمل على حماية أرواح أبناءنا من التلاميذ وأطرنا من العاملين بالحقل التربوي وكل المصالح الإدارية الموزاية المرتبطة بها.
إن استحضار الصورة الواقعية لأغلب مؤسساتنا التربوية، على مستوى ما تعرفه من اكتظاظ شري، وعلى مستوى ما تعرفه من ضعف على مستوى بنياتها الاستقبالية، خصوصا منها الصحية، وغيرها من الاعتبارات الاخرى، يجعلنا نشعر بالاطمئنان الكامل تجاه السياسة التدبيرية الصحية التي انتهجتها الوزارة من خلال هذه القرارات.
كثير من الآباء والأمهات والأطر التربوية والإدارية كانت متوجسة، خلال الآونة الأخيرة، بخصوص سيناريوهات الولوج إلى مؤسساتنا التعليمية، مع رواج فكرة رفع الحجر الصحي وإنهاء حالة الطوارئ.
كما أن العديد من الخبراء الطبيين والسيسيولوجيا كانوا قد عبروا عن تحفظهم تجاه فكرة الخروج من العزل والتغاضي عن الوضعية الوبائية التي تعرف، كما سبق أن أشرنا، مؤشرات علمية مدققة تسمح بذلك.
إن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، في حقيقة الأمر لم تدعن للضغط الاقتصادي والسياسي الذي كان يسير في تجاه رفع الحجر، إعمالا للمصلحة الاقتصادية والسياسية، بل إنها عبرت عن جرأة غير مسبوقة بخصوص التحفظ أمام فكرة فتح المؤسسات التعليمية الوطنية.
مرة اخرى تعطي المملكة المغربة النموذج الأخلاقي العميق أمام المحافل الدولية بخصوص عملها على صيانة أرواح أبناءها.
قبل هذا، ومع بداية انتشار وباء كرورنا، كانت المملكة سباقة في اتخاذ ما كان يلزم من أجل الدود عن المصلحة الصحية للوطن، عبر قرارات وصفت بأنها استثنائية متشبعة بروح الوطنية.
في جلساته الاخيرة، عرف البرلمان الفرنسي جدلا قويا جراء إثارة بعض البرلمانيين استثنائية النموذج المغربي في التعاطي مع وباء كورونا، نقلته مختلف الوسائل الإعلامية الفرنسية.
كل هذا وغيره، بجعلنا نشعر حقا اننا امام نموذج للمدرسة الوطنية، التي هدفها الأول والاخير هو الاستثمار في العنصر البشري ورأسماله الرمزي، وليس فقط في ما قد تدره المدرسة من مكاسب وأرباح مالية.
هنيئا لنا أولا وأخيرا بهذا الحس الاخلاقي الذي ميز موقف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي. وسيظل ذلك موشوما في ذاكرة في الاجيال اللاحقة من أبناء المملكة.
• عبد الإله المويسي