” المقصد الشريف والمنزع اللطيف في التعريف بصلحاء الريف “
الجمعة 08 أبريـل 2016 – 16:06:05
يعتبر كتاب ” المقصد الشريف والمنزع اللطيف في التعريف بصلحاء الريف ” لصاحبه عبد الحق بن إسماعيل البادسي والصادر سنة 1982 عن المطبعة الملكية بالرباط، من أهم المؤلفات والمصادر التي اختصت في التعريف بصلحاء الريف، سواء منهم أولئك الذين كانوا منقطعين للعبادة أم الذين كرسوا حياتهم للجهاد ضد الأخطار الخارجية، أم الذين انتصبوا لنشر العلم والمعرفة بمنطقة الريف بشكل خاص، وببقية أجزاء التراب الوطني بشكل عام.
ويضم الكتاب، الذي تتوزع مضامينه بين 176 صفحة، مقدمة ركز فيها سعيد أحمد أعراب – الذي قام بتحقيق هذا النص – على الأهمية التاريخية لكتاب ” المقصد الشريف ” من حيث تأريخه لظاهرة التصوف بالشمال، ومن حيث سده للنقص الذي شاب كتاب ” التشوف إلى رجال التصوف ” لابن الزيات الذي ركز – أساسا –على التعريفبصلحاء الجنوب. وبعد التعريف بصاحب ” المقصد الشريف ” و بــآثارهِ و بمنهجه في التأليف و بالقيمة التاريخية للكتاب موضوع التحقيق، انتقــلَ المُحقّــق إلى تفصيل الحديث عن مجموع النُسَخ الخطية التي اعتمد عليها، معرفا بكل واحدة منها وبمكان وجودها، ومقارنا بين جميع هذه النسخ، ومركزا على المنهجية المعتمدة في تحقـيقِ المُعطَيــات والوقائع وفي التعريف بالأعلام البشرية والجغرافية والتاريخية والبيبليوغرافية.
وقد ذَيَلَ تحقيقهُ بتقديم تراجم مفصّلة ساهمت في توضيح مَضـامين الكتاب وتقريب محتوياته من ذهن القارئ وتسهيل عملية البحث والتنقيب بالنسبة للمهتمين. في هذا الإطار، ضم الفهرس الأول تقديما لأقسام الكتاب وفصوله وتراجمه، في حين قدم الفهرس الثاني مجموع الآيات القرآنية الكريمة الواردة في الكتاب.
أما الفهرس الثالث، فقد احتوى على مجموع الأحاديث النبوية الشريفة والآثار المشار إليها في الكتاب. وبالنسبة للفهرس الرابع، فقد قدم فيه المحقق لائحة المصطلحات الصوفية الأساسية الواردة في المتن، مرتبة حسب تسلسل الحروف الأبجدية. وفي الفهرس الخامس، رتب المحقق صفحات الأعلام الوارد ذكرها في النص الأصلي، في حين قدم في الفهرس السادس لائحة الشعوب والقبائل والطوائف المذكورة في ” المقصد الشريف “.
و قَـدّم في الفهـــرس السابع لائحة البلدان والأماكن الواردة – دائما – في نفس الكتاب. أما في الفهرس الثامن، فقد وضع المحقق جدولا خاصا بالأبيات الشعرية “للمقصد الشريف”، موزعا هذا الجدول بين خانة أولى خصصها لصدر البيت الشعري وخانة ثانية خصصها لقافيته، وخانة ثالثة خصصها لعدد أبيات كل قصيدة، وخانة رابعة عرف فيها بصاحب القصيدة، وخانة خامسة ضبط فيها أرقام الصفحات الواردة فيها كل قصيدة من القصائد المذكورة. وفي الفهرس التاسع، حصر المحقق لائحة المصادر الأساسية لتاريخ التصوف ببلادنا التي وقع ذكرها أو تمت الإشارة إليها في المتن الأصلي. وفي الأخير، قدم المحقق فهرسا عاشرا خصصه لتقديم المصادر التي اعتمد عليها في تحقيق ” المقصد الشريف “، وهي مصادر تظل – في جميع الحالات – غنية ومتنوعة وتبين مدى أهمية المجهود الذي بذله في عمله موضوع هذا التعليق، ذلك أن اللائحة قد ضمت أمهات كتب التصوف وطبقات الصوفية ورجالاتها بالغرب الإسلامي.
هذا بالنسبة للاجتهادات التحقيقية الموازية، أما بالنسبة للمتن الأصلي، فإنه يتوزع بين ثلاثة أقسام، اختص أولاها بموضوع المقامات والكرامات، وذلك بالوقوف عند مفاهيم أساسية في هذا المجال، وخاصة مفاهيم الولاية والولي والفقر والفقير والتصوف وكرامات الأولياء. أما القسم الثاني، فقد تناول فيه البادسي حياة شخصية الخضر الصوفية وخصالها ومكارمها. وفي القسم الثالث، قدم تعريفا لكل واحد من شيوخ التصوف بمنطقة الريف، وحصر عددهم في ستة وأربعين شيخا. ونشير إلى أن الباحث الفرنسي جورج كولان قد قام بترجمة هذا القسم الأخير إلى اللغة الفرنسية ونشره ضمن دورية ” الوثائق المغربية ” في الجزء رقم 26 الصادر سنة 1926 بمدينة باريس، كما قام الباحث ليفي بروفنصال بوضع قائمة ضمت أسماء المترجمين الوارد ذكرهم ب ” المقصد الشريف ” وأثبتها بالفهرس الأول لمخطوطات الخزانة العامة الذي يحمل اسم “المخطوطات العربية بالرباط“( ص ص. 140 – 141 ).
وإلى جانب ذلك، نشير إلى أن العلامة المرحوم محمد المنوني كان قد قدم كتاب ” المقصد الشريف ” في الصفحة رقم 75 من الجزء الأول من كتاب ” المصادر العربية لتاريخ المغرب ” الصادر سنة 1983.
وإذا كان الكتاب قد وقف عند حدود القرن الرابع عشر الميلادي ( فترة وفاة صاحب ” المقصد الشريف ” ) – مما يفتح الباب أمام مطلب تطوير النبش في الفترات التي أعقبت هذا التاريخ -، فالمؤكد أن الكتاب موضوع هذا التقديم، يظل مصدرا لا غنى عنه لكل مهتم بتاريخ التصوف والصوفية بشمال المغرب، وبشكل خاص بمنطقة الريف. كما أن التحقيق والدراسة العلمية التي أنجزها سعيد أحمد أعراب، قد أثبتت – بما لا يدع مجالا للشك –أهمية التعجيل بنفض الغبار عن مخطوطات شبيهة لازالت ترقد في عتماتالخزانات العمومية والمكتبات الخاصة الموزعة بين الأفراد بالمنطقة الشمالية من المغرب، وتلك مسؤولية تقع على عاتق مؤرخي المغرب الراهن وعلى أبناء المنطقة المهتمين بالتوثيق لماضيهم ولأعلامهم ولعمق انتمائهم الثقافي والحضاري والروحي.
جريدة الشمال