هل ستأخذ السلطات المغربية العبرة من جائحة “كورونا” خاصة على مستوى المنظومة الصحية، للعمل غدا ما بعد الوباء، بنفس جديد واستراتيجية جديدة وبروح المواطنة، لإنصاف قطاع الصحة “المهلوك” وكذا العاملين فيه والمحتاجين إلى خدماته من أبناء هذا الوطن ؟ صحيح أن خالد أيت الطالب، وزير الصحة، كان أشار إلى أن الوضعية الوبائية التي تمر منها بلادنا اليوم، “جد مطمئنة”، وذلك بفضل التعليمات النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس التي مكنت من تجنيب بلادنا أسوأ الاحتمالات المرتبطة بفيروس “كورونا” المستجد، وذلك خلال ندوة افتراضية ، فتحت، مؤخرا، أمام مهنيي الصحة والإعلام ،نظمتها الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة حول موضوع “جائحة كورونا: حصيلة المصحات الخاصة” .وأعرب الوزير عن ارتياحه لكون المنظومة الصحية استطاعت التفوق في تجاوز هذه المحنة بكل قوة و شجاعة، مقارنة مع أنظمة صحية في بلدان متقدمة وقوية اقتصاديا ولها إمكانيات كبرى في هذا الباب، من خلال الاعتماد على تعبئة وتظافر جهود جميع المتدخلين، مبرزا في هذا السياق أن نسبة التعافي من الإصابة بالفيروس بلغت 90 في المائة، بينما لم تتجاوز نسبة الوفيات 5ر2 في المائة.لكن كل هذا لا يعني بأن قطاعنا الصحي بألف خير، بل هو محتاج كثيرا إلى جرعات علاجية على أكثر من مستوى، بدليل صورة المعيش اليومي التي أراها أنا وأنت وهو وهي ونحن وأنتم من السواد الأعظم من المواطنين.
ورجوعا إلى الندوة ذاتها أوضح الوزير أن عملية إجراء اختبارات الكشف عن هذا الفيروس في أوساط الأجراء والمهنيين ستمكن من تدارك العجز الاقتصادي الذي تم تسجيله خلال فترة الحجر الصحي، وستسمح بعودة الدورة الاقتصادية إلى ديناميتها وحياتها الطبيعية تدريجيا، مذكرا في هذا الصدد بضرورة الحرص على احترام التدابير الوقائية للحيلولة دون انتشار العدوى، وعلى رأسها التباعد الجسدي ووضع الكمامات والحرص على النظافة والتعقيم، لكي تخرج بلادنا، منتصرة صحيا واقتصاديا واجتماعيا .وارتباطا بموضوع الندوة، نوه الوزير بانخراط المصحات الخاصة إلى جانب باقي المتدخلين في مواجهة هذه الجائحة، مبرزا أنها أبلت بلاء حسنا، إذ ساهمت من جانبها بمجموعة من التجهيزات والمعدات، وتكلفت باحتضان وعلاج عدد من المرضى، كما أن أطرها انخرطوا إلى جانب زملائهم في القطاع العمومي، لمتابعة الوضع الصحي للمرضى بمصالح الإنعاش والعناية المركزة .كما أضاف المتحدث أن المصحات الخاصة عبرت وطنيا عن استعدادها للسير على نفس المنوال بالدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش وفاس وغيرها من المدن، ووضعت نفسها رهن إشارة وزارة الصحة، لخدمة المغاربة في هذه الأزمة الصحية، موضحا أن هذه المجهودات تأتي لتؤكد أن المنظومة الصحية متماسكة وأن القطاع الصحي جسد واحد، مدنيا كان أو عسكريا، عموميا أو خاصا، أساتذة وأطباء وغيرهم من المهنيين، الكل في خندق واحد، مؤكدا ضرورة تعزيز هذا العمل المشترك ورص صفوف هذا البنيان وتقويته لمواجهة كل الإكراهات التي تعترض سبل تطوير المنظومة الصحية ببلادنا من أجل تلبية الاحتياجات الصحية للمواطنات والمواطنين ولضمان ولوجهم السلس إلى العلاج.
والحق أقول إن كل ما تداوله الوزير المحترم، خلال الندوة المذكورة، أمر يثلج الصدر، لكنه يدخل في إطار التصريحات الرسمية المألوفة لدى كل وزير في قطاعه، بينما الواقع “الصحي”ببلادنا، كما يراه عموم الناس، يحتاج وبمعزل عن الجائحة إلى كبير عمل، من تفان وإخلاص ومواطنة وأمانة وإنصاف وضخ إضافي في ميزانية القطاع.
• محمد إمغران