شهدت الساحة السياسية التي أعقبت استحقاقات الثامن من شتنبر من هذه السنة، وخاصة بمناسبة انتخاب رؤساء وأعضاء مكاتب الجهات والجماعات الترابية على المستوى الوطني، أحداثاً خطيرة لم يسبق أن عرفها المحيط السياسي المحلي، إذ تُطلعنا الصحف يومياً عن أخبار ووقائع تتسم تارة بالغرابة وتارة أخرى بغياب النضج السياسي، وكأننا لسنا بصدد انتخاب هيئات يُعهد إليها تدبير الشأن العام المحلي. هذا الأمر ترتب عنه نوع من الفوضى والتّسيب بخصوص عملية انتخاب رؤساء وأعضاء المكاتب الجماعية والظفر بمسؤوليات تدبير الشأن العام المحلي، وما تزال تطالعنا الأخبار اليومية التي تواكب هذه الانتخابات وما عرفتها من خروقات لا تُمِت للديمقراطية المحلية بِصلة، فما وقع بجهة كلميم واد نون من إطلاق للرصاص في حق عبد الوهاب بلفقيه مرشح الرئاسة لجهة كلميم واد نون الذي لقي مصرعه، وما تلقته أيضا مرشحة جهة الرباط -سلا -زمور-زعير من تهديدات بالقتل، زد على ذلك المواجهات بالأسلحة البيضاء التي عرفتها جماعة حربيل والتي أجلت انتخاب رئيس جماعة بمراكش.
هذه الوقائع لها دلالة تنافي القواعد الأخلاقية العامة والقواعد التنافسية الشريفة للانتخابات، حيث أن ما وصل إليه الأمر من حدة وغُلُو في التنافسية للوصول إلى رئاسة أو إلى عضوية مكاتب الجهات والجماعات الترابية، لأمر خطير، وله انعكاسات سلبية على مسار الديمقراطية.
إن المؤسسات الديمقراطية المحلية لا يمكن ان تكون مَطِية للامتيازات والفساد، فهي بالدرجة الأولى مؤسسات قريبة من المواطن، لذا يجب على المرشحين لتدبيرها أن يتمتعوا بثقة الناخبين، إذ لا يمكن الوصول إلى تدبير هذه المؤسسات عن طريق الرصاص والتهديدات.
وفي الختام، وجب التأكيد على أن الحكامة مطلوبة في هذه المواقف، وأن المؤسسات الديمقراطية تتطلب مواطنين يؤمنون بأفكارهم، وبوعيهم بالديمقراطية المحلية، لا التفكير في التهديد أو استعمال الرصاص كأسلوب متجاوز لتدبير الشأن العام المحلي.