لتقريب قراءنا من التداعيات السياسية والقانونية للحرب الروسية في أوكرانيا، يسرنا أن نستضيف العميد يوسف البحيري أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، وقد خص موقع ” أنفاس بريس” بهذا الحوار.
ماهي الأسباب والتداعيات السياسية التي تفسر لجوء روسيا إلى الحرب والهجوم العسكري على أوكرانيا؟
إن الحرب الروسية على أوكرانيا يمكن إعتبارها محطة جديدة في الصراع الإيديولوجي والسباق نحو التسلح بين الغرب وروسيا، تنبعث من رماد الحرب الباردة، التي إنتهت دون رجعة مع إنهيار جدار برلين ومحو الإتحاد السوفياتي من الخريطة الجغرافية للعالم. ولكن العديد من العوامل أعادت هذا الصراع الإيديلوجي والعسكري إلى الواجهة، خصوصا بعد إنضمام دول أوروبا الشرقية مثل بولونيا ورومانيا وغيرها، والدول الناشئة عن إرث الإتحاد السوفياتي إلى الحلف العسكري الغربي الناتو ودول الإتحاد الأوروبي، وآخرها دولة الجوار أوكرانيا التي تقدمت بطلب الإلتحاق بالمعسكر الغربي، وهي التي كانت جزءا من الإتحاد السوفياتي. هذا المعطى إعتبرته روسيا تهديدا عسكريا مباشرا وتدخلا سياسيا في مجالها المحفوظ، وتراجعا للولايات المتحدة الأمريكية عن إتفاق1992 بعد نهاية الحرب الباردة، بعدم التحرش السياسي والعسكري لروسيا والدول الناشئة عن الإتحاد السوفياتي. ويفسر لماذا هددت روسيا الولايات المتحدة والدول الأوروبية بأن أي تدخل عسكري من طرفهم في أوكرانيا ستعتبره حربا عليها، ويمنحها الدفاع الشرعي باستعمال الوسائل العسكرية ضدها وإعلان حرب كونية ثالثة.
ما هي القراءة التي تقدمونها بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا من زاوية القانون الدولي؟
إن الحرب الروسية في أوكرانيا هي عمل عدواني يشكل إنتهاكا جسيما للقانون الدولي الذي يمنع التدخل العسكري وإستخدام القوة ضد السيادة الوطنية والوحدة الإقليمية والإستقلال السياسي لدولة مثل أوكرانيا، عضو في هيئة الأمم المتحدة. فهذا العدوان العسكري الروسي يشكل كذلك جريمة دولية من منظور القانون الدولي الإنساني في الشق المتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من خلال تدمير المباني السكنية والمستشفيات والمدارس والطرق والمطارات وغيرها من الأهداف غير العسكرية والضرورية لحياة الإنسان، مستغلة مكانتها كعضو دائم في مجلس الأمن يمكمها مصادرة جميع قرارته الرامية لمعاقبتها.
كيف تحللون الموقف المغربي من النزاع العسكري والسياسي بين روسيا والدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة في الأزمة الأوكرانية؟
في إعتقادي أرى بأن الموقف المغربي هو موقف رزين وحكيم، يعكس تبصر وحكمة وإعتدال جلالة الملك محمد السادس والدبلوماسية المغربية، لأنه يروم الامتناع عن التصويت داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار إدانة روسيا. فالمقاربة المغربية بشأن الأزمة الأوكرانية تسعى لإعطاء الأولوية للحلول الدبلوماسية وفق مقتضيات الفصل السادس من الميثاق تماشيا مع طرق المفاوضات والمساعي الحميدة لنزع فتيل الحرب، والتشبت بمبادئ القانون الدولي المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين.
عن أنفاس بريس