محمد البوشوكي … دكتور في القانون العام.
إن حق الإنسان في سلامة صحته في مفهوم القانون الدولي لا يقتصر على سلامة جسمه فحسب, بل هناك عدد من الجوانب التي لا بد من الأخذ بعين الاعتبار, كالصحة النفسية و البيئية و المهنية و الغذائية , بل إن معنى الحق في صحة الإنسان في القانون الدولي يتجاوز فكرة السلامة المجردة إلى فكرة وصول الإنسان إلى أعلى مستوى صحي ممكن, و تضمن الدول الرعاية الصحية لجميع المواطنين, مشددة في ذلك على التدابير الوقائية و الثقافة الصحية و تخفيض معدل الوفيات.
طبقا لذلك فالمفهوم توسع بشكل ملحوظ ليشمل العديد من القضايا الصحية الجديدة التي تحددت في:
ـ تنمية البيئة و الحد من الإضرار بها و محاربة التلوث البيئي.
ـ الرقي بالمستوى الغذائي للإنسان و مكافحة الأغذية الملوثة.
ـ توفير المياه الكافية و الصالحة للشرب.
ـ توفير العلاج و الأدوية اللازمة للأمراض و الأوبئة.
ـ الاهتمام بالجانب الوقائي لصحة الإنسان.
ـ الاهتمام ببيئة العمل و السلامة المهنية.
ـ الاهتمام بصحة الإنسان النفسية و العقلية و الاجتماعية.
هذا ما يحيلنا إلى أن حق الإنسان في سلامته الصحية طبقا للقانون الدولي أصبح مقرونا بالطمأنينة, الأمر الذي نتج عنه ظهور العديد من المفاهيم التي تدعم السلامة الصحية للمواطنين كالأمن الصحي.
لذلك فإن المخاطر الصحية المرتبطة، ذات الأصل البيولوجي، من قبيل الفيروسات والبكتيريا والطفيليات والفطريات والمواد السامة، تشكل خطرا حقيقيا على السلامة الصحية والصحة العمومية، وذلك بالنظر لطبيعتها الخبيثة والشديدة العدوى.
فإن هذه المخاطر، سواء كان مصدرها طبيعيا أو عرضيا أو مدبرا، تحتم على السلطات الصحية والقطاعات ذات الصلة تقوية قدراتها في مجال المراقبة والرصد والمواجهة، فعلى الدولة المغربية أن تتخذ في هذا الصدد عدة تدابير لتعزيز قدراتها الوطنية والتقليص من هذه المخاطر التي أصبحت فوق طاقة البشر. علما أن مكافحة الأوبئة الفيروسية تستوجب عملا متواصلا، وذلك بالنظر للطبيعة المباغتة لظهورها، داعيا في هذا الصدد إلى تكثيف جهود الكشف المبكر وتطوير البحث المختبري لتطويقها قبل أن تأخذ أبعادا وبائية، كما هو الشأن بالنسبة لفيروس “إيبولا” الذي استشرى في غرب إفريقيا سابقا و فيروس ” كورونا” الذي ينتشر في عدة دول منها المغرب مهددا السلامة الصحية للمواطنين.
هذا لا ينفي دور المجتمع و الشعب و المواطنين في مكافحة هاته الأوبئة و المخاطر, ذلك عبر الالتزام بالتدابير الوقائية و التعاون مع السلطات للحد من تفشي و انتشار الأوبئة لما في ذلك من مصلحة الصحة العمومية, سواء محليا إقليميا و دوليا وفق نهج تشاركي يستجيب لتطلعات الخبراء والمتخصصين المهتمين بالقضايا المتعلقة بالحد من المخاطر الصحية والبيولوجية.