ستشرع جريدة الشمال في إجراء حوارات مع شخصيات بارزة على الصعيدين المحلي والجهوي في مختلف المجالات، بهدف تسليط الضوء عليها ومعاينة مسارها.
في هذا العدد نجري حوارا، مع الفنانة الشابة لبنى برياق، التي تشق طريقها بثبات، بعدما أصدرت أغنية “مهما نقول” على شكل فيديو كليب، وهي أغنية من كتابتها وتلحينها، حيث لقيت الأخيرة استحسان الجمهور.
في البداية نود أن نشكرك على سعة صدرك من خلال قبولك إجراء هذا الحوار:
ج: الشكر لكم على الاهتمام الجميل والمشجع للفن والفنانين.
س: نحن نعلم من هي لبنى برياق وما تتوفر عليه من إمكانيات صوتية مذهلة، لكن هناك فئة من الجمهور لاتعرف سيرتك الذاتية، فأعطينا نبذة عن سيرتك الذاتية وماهو مستواك الدراسي؟
ج: لبنى برياق من مدينة طنجة، فنانة ومخرجة سينمائية، عاشقة للإبداع منذ الطفولة، أتذكر إلى الآن كيف اكتشف أستاذي للغة العربية والذي كان يدرسني في القسم الرابع ابتدائي، موهبتي في الغناء من خلال تأديتي لأغنية ‘طلعت يا ما احلى نورها’ وشجعني على الاستمرارية، ومنذ ذلك الحين لم أتوقف عن الغناء بشكل مُعْلَنْ، لكنني قررت الدخول لهذا الميدان بشكل احترافي السنة الماضية، حيث بدأت في نشر بعض الفيديوهات على قناتي في اليوتوب، لأغناني كلاسيكية عربية مثل أغنية يا مسافر وحدك’ لمحمد عبد الوهاب، ثم قمت بعدها بطرح أول أغنية لي، والتي كانت اهداءا لأمي الغالية بعنوان ‘يْمّا’ من كلمات الشاعرة والمبدعة المغربية’ وداد بن موسى’ وألحان الأستاذ ‘عفيف عبود’ وتوزيع الفنان’ ياسين الدراوي’،.بعدها جاءت أغنية ‘مهما نقول’ من صلب تجربتي الحياتية، حيث قمت لأول مرة بتجربة الكتابة والتلحين.
أما عن مساري الدراسي، فقد تخرجت من الماستر المتخصص في السينما الوثائقية، بكلية الآداب والعلوم الانسانية بمارتيل، جامعة عبد المالك السعدي بتطوان سنة 2020، وحصلت على الإجازة المهنية في الدراسات السينمائية والسمعية البصرية بنفس الكلية سنة 2017، قمت بإخراج بعض الأفلام القصيرة من بينها الفيلم الروائي القصير ‘شجن’ ثم الفيلم الوثائقي “الرهان” وفيلم تخرجي من الماستر المتخصص”ريتا” الذي شارك ببعض المهرجانات الدولية مثل مهرجان “Ca Foscari” الدولي بالبندقية، وحاز على جائرة الجمهور بمهرجان “FEDEC” الدولي بتطوان.
اشتغلت كمعدة في الفيلم الوثائقي الطويل “في يدِ اللّه” من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية لمخرجه المبدع ‘محمد رضا كزناي’ سنة 2020، كما اشتغلت كمساعدة مخرج أول في الفيلم الوثائقي “الشيخ والجبل” الذي فاز بعدة جوائز دولية مهمة من بينها جائزة أفضل فيلم وثائقي بمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط سنة 2019، واشغلت في السابق بمجال الصحافة والاعلام، كمعدة ومراسلة وصحفية ببعض المنابر المحلية بعد أن حصلت على دبلوم تقني متخصص في الصحافة والاعلام سنة 2012، كما حصلت على ديبلوم الدراسات الجامعية العامة في القانون باللغة العربية سنة 2015 من كلية الحقوق بطنجة.
س: لاحظنا من خلال الأغاني التي اشتغلت عليها أنك تميلين للأغاني الطربية لماذا التوجه لهذا النمط من الفن؟
ج: ميولي لطرب يرجع لذاكرتي الطفولية حيث كانت أمي وأخواتي الأكبر مني سنا يستمعن إلى أغاني فيروز وأم كلثوم ونعيمة سميح وعبد الهادي بلخياط… وغيرهم من الفنانين الكبار، فكنت أجد نفسي دون إدراك أحفظ الأغنيات بسهولة وأغني، لهذا فتوجهي لهذا النمط تلقائي من جهة ومن جهة أخرى أحب الطرب والموسيقى الطربية لما تحمله من أصالة وإبداع في الكلمات و الألحان والدليل أنها لم تمت ولازالت تلقى إعجاب جمهور واسع، لكنني أحب أنماط فنية أخرى أيضا وأحب التنوع بشكل عام، لأني أجد فيه تشعباً وغناً، فتجدني أستمع للأغاني الغربية، و الأغاني العصرية، وأتابع التطور الذي نعيشه.
س: بالنسبة للمؤثرات الموسيقية ماهي المدرسة الطربية التي أثرت بشكل كبير في لبنى برياق؟
ج: تأثرت بمجموعة من المدارس الطربية، كما أحب التنوع بدل التركيز في مدرسة واحدة، على سبيل المثال فإن مدرسة الموسيقار الكبير ‘محمد عبد الوهاب’، من أهم المدارس، وفيروز أيضا، و الأغنية المغربية الأصيلة لها تأثيرها أيضا علي، كمدرسة الفنان الكبير عبد الهادي بلخياط، وعبد الوهاب الدكالي، وهناك مدارس أخرى غربية لها تأثيرها أيضا، و هذا التنوع ستجده جليا بين أغنيتي الأولى ‘يما’ و أغنيتي الثانية ‘مهما نقول’.
س: مؤخرا أصدرت أغنية بعنوان “مهما نقول”، والتي لقيت نسبة مشاهدة عالية بموقع يوتيوب، ماهي الرسالة التي أردت إيصالها لنا؟ وماهي الأنماط الموسيقية التي استعملتها لإيصال الرسالة؟
ج: الحمد لله لقيت أغنية ‘مهما نقول’ نجاح غير متوقع بالنسبة لي ولقيت أيضا استحسان جميل، رغم أنني لازلت في بداية المشوار، وكنت جد متخوفة من تفاعل الجمهور خصوصا أنني اخترت أن أشتغل على هذه الأغنية بطريقة فنية محضة فيها طابع ذاتي، بعيدا عن اتباع أنماط تجارية التي لها قاعدة جماهيرية أوسع واقبال أكثر، ويمكننا القول بأن أغنية ‘مهما نقول’ هي عمل فني إبداعي، والذي أقوم فيه لأول مرة بتجربة الفيديو كليب، هذا العمل الذي يعبر عن الصعوبات التي مررت منها في تجربتي الحياتية، ويعبر أيضا عن الإنسان الذي يسعى في الحياة وهو يحاول العثور على طريقه نحو السعادة، وأيضا العثور على ذاته، بحيث يكون أثناء طريق بحثه، يشعر بنوع من الظلم أو الضياع، بسبب التحديات التي تواجهه والظروف الصعبة، ورغم الطابع المأساوي الذي تحمله الأغنية إلا أنها تحمل أيضا نوع من التمرد على هاته المشاعر والظروف والتي تتجلى بشكل واضح من خلال كلمات ولحن الأغنية التي تتغير إيقاعها. وبالتالي فإن الرسالة واضحة كما ذكرت في الأغنية بكلمة ‘دابا تزيان’ بمعنى أنه رغم كل الظروف التي قد تعترض أي شخص في الحياة يجب أن لا يفقد الأمل لأن الأمور ستتحسن بتأكيد. واخترنا لها نمط موسيقي عصري ممزوج بموسيقي ‘الروك ميطال’ التي تعبر عن التمرد تارة والشكوى الحزينة تارة أخرى، باعتماد آلات غربية كالباتري الإلكتروني والقيتارة الالكترونية وغيرها.
س: مادمنا نتحدث عن الأغنية، ماهي المشاكل التي واجهتها خلال إنجازك لهذا المشروع الفني؟
ج: في بداية الأمر واجهتني صعوبات في كيفية تطوير الأغنية، واختيار النوع الموسيقى المناسب لها، كما كانت لدي بعض التحديات بخصوص الألحان، لكنني وجدت المساعدة اللازمة من قبل زملاء في المجال فأشكر من هنا الفنان ‘زكريا عباسي’ والفنان الموزع الموسيقى للأغنية ‘ياسين الدراوي’، ثم بعد ذلك بدأ التحدي في إنجاز الفيديو كليب حيث قمت بمحاولة البحث عن منتج أو مدعم للعمل لكن لم أتوصل بأية مساعدة في هذا الشأن، فقررت أن أكمل ما بدأته وإنتاج الفيديو الكليب بالامكانيات البسيطة المتوفرة حاليا، ولحسن الحظ فإنني تلقيت دعما معنويا وماديا من قبل فريق عمل رائع والذي كان جد متعاون معي ومع مشروع الأغنية، بحيث أشكر كل من شارك وساهم في إنجاحها وخروجها إلى النور بهذا المستوى: مخرج الفيديو كليب، وهو ‘محمد رضا كزناي’ مخرج سينمائي مبدع، والذي أشرف كذلك على إدارة تصوير الكليب، و المنسق الميداني ‘سامي الوصيفي’ و ‘سمير أمرنيس’ في الإضاءة ‘سيهام ساسي’ في الملابس والمكياج، ثم مساعد أول في الكاميرا ‘اسماعيل سعوف’، والفنان ‘محمد رضا كوزي’ وعازف آلة “الباتري” ‘توفيق الشربيني’ ، و’عماد آزمي’ بعزف القيثارة، في حين أشرفت شركة ‘قناديل’ على تنفيذ الإنتاج لهذه الأغنية التي تم تصويرها بمزرعة عائلة منير بن قويدر.
س: من خلال مسارك الفني، شاهدنا أنك أعدت إحياء عدد من الأغاني على شكل كوفر، حدثينا عن هذه التجربة؟
ج: نعم أشارك الجمهور على قناتي في اليوتوب أو على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع لأغنيات معروفة أحبها، هذه التجربة بالنسبة لي مهمة لأنها تقربني أكثر من الجمهور والمتابعين، كما انها تلبي حاجتي وحاجة المتابعين في الإستمتاع بأغنيات جميلة تستحق إعادة إحيائها، بأسلوبي الخاص وبإحساس عفوي، ويساعدني ذلك في تدريب وصقل امكانياتي الصوتية.
س: كنت قد ذكرت لنا بأنك درست الإخراج، كيف يمكن توظيفه في إيصال الرسالة الفنية؟
ج: دراسة الاخراج والسينما عموما ساعدني بشكل كبير في حياتي الشخصية والفنية، ويمكن توظيفه في إيصال الرسالة الفنية من خلال الامكانيات المعرفية والفنية والتقنية التي من شأنها أن توصل المضمون بسهولة وتحقق تأثيرا على ادراك المتلقي بشكل كبير، وكذا إيصال الرسائل الانسانية بطريقة سلسة وممتعة، حيث أن دراسة الاخراج والسينما تساعد المبدع الذي يقبع في داخلك على التعبير عن رؤيته وفلسفته في الحياة، وتبين لك عالما واسعا مليئا بالمعاني والجمال، ويمكن توظيفه أيضا في جعل الرسالة أقوى بحيث تساعدك الصورة والامكانيات الفنية والتقنية والمؤثرات البصرية في الوصول إلى انتباه المتلقي، بحيث تجذب حواسه وبالتالي يعلوا ادراكه، ويحقق له متعة ومنفعة أكبر، وتساعد الفنان في الوصول لجمهور واسع، ونظرا للعلاقة التي تجمع المجالين فالسينما توظف الموسيقى، والموسيقى الآن تعتمد في تسويقها إلى الصورة، بطرق لا متناهية، فالجمع بين هذين المجالين بالنسبة لي غناً وتميزاً، فدراسة الاخراج والمعارف التي اكتسبتها لا شك في أنني سأوظفها بكيفيات مختلفة لأقدم أعمالا تليق بالجمهور، وتحترم ذكائه من خلال الإبداع والخيال والابتكار والتجديد والتنوع في الأساليب الحكائية.
كلمة لجمهور جريدة الشمال.
ج: أشكر قراء جريدة الشمال على طيب الاهتمام، وأتمنى أن تستمتعوا بتجربتي المتواضعة، علّكم تجدون فيها ما يستحق الدعم والتشجيع، ودمتم محبين للثقافة والفن والابداع.
حاورها: ياسر بن هلال