ستبقى فاجعة الاثنين الحزين (8 فبراير) التي أودت بحياة ما مجموعه 28 شخصا ـ ضمنهم 19 امرأة وفتاة ـ مع إنقاذ ما مجموعه 18 شخصا، ألما كبيرا وجرحا غائرا في قلوب ونفوس سكان المدينة، خاصة سكان حي “الإيناس” بمنطقة “البرانص” الذين استيقظوا على إيقاع هذه المأساة التي استأثرت باهتمام الرأي العام الوطني والدولي وأسالت الكثير من المداد، كما واكبتها شاشات تلفزية وطنية وقنوات عربية ودولية.وكانت حصيلة الضحايا مرشحة للارتفاع أكثر في حالة حضورالعاملات والعمال بشكل كبير إلى مقرعملهم، يوم الحادث، كما هو الشأن، عندما تكون أعباء الشغل كبيرة.
هذه المأساة التي وقعت، جراء مياه الأمطارالتي تهاطلت دون انقطاع، صباح يوم الحادث، فكانت مدة 30 ثانية كافية، لإغراق قبو مصنع للملابس بإحدى “الفيلات” الكائنة بالمنطقة المذكورة، حيث وجود انحداربالمصنع أدى إلى علومنسوب المياه به، بلغ ثلاثة أمتار، مما صعب نجاة عاملات وعمال، من بينهم ـ كما ذكرت وسائل إعلام ـ شقيقات وأشقاء وأبناء عمومة وأزواج، قدر لهم أن يرحلوا معا، غرقا في مياه عكرة، استجابة لنداء خبزمغموربمياه عذاب.
واستغرق منسوب مياه الأمطار التي اجتاحت هذا المصنع ـ تحت أرضي، مدة حوالي ثمان ساعات من أجل تجفيفه من قبل رجال الوقاية المدنية، بعد أن تطوع مواطنون، بشجاعة وبراعة، في عملية إنقاذ أشخاص، كتب لهم عمرجديد، بعد أن تنفسوا من عنق زجاجة، إن صح هذا القول، بالنظرإلى هول الفاجعة التي ستبقى راسخة في الذاكرة الجماعية، هذه الفاجعة التي أعطى جلالة الملك تعليماته السامية من أجل فتح تحقيق حول ظروفها وملابساتها واتخاذ الإجراءات القانونية، المعمول بها، في مثل هذه الحوادث التي تستدعي تدخل الجهات المختصة، للفصل فيما جرى.كما خص جلالته أسر وعائلات الضحايا برعايته الكريمة، لطفا بظروفهم ومشاعرهم الأليمة، بسبب مصابهم الجلل.
وواضح أنه كلما تهاطلت الأمطاربغزارة، إلا ووقعت حوادث، هنا وهناك، سواء بمدينة طنجة أو بباقي التراب الوطني، مما يعني أن البنيات التحتية للعديد من الأزقة والأحياء تسائل دائما المجالس الجماعية، دون جدوى، قبل أن تقع الفأس في الرأس ويتكررالمشهد مرارا، ليفضح العديد من أموروشؤون المجتمع.
ومن هذه الأحياء، تذكرمنطقة “البرانص” التي رغم أنها تعتبرمنطقة راقية البناء، فإن أحدا من سكانها صرح، مؤخرا، عبربعض المواقع الإلكترونية بأنهم “يعانون من مشكل الواد وقنوات الصرف الصحي، حيث سبق لهم، طيلة سنتين، تناول الموضوع أوهذا المشكل الذي يضربهم، وذلك عبرمواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تحسيس الجهات المسؤولة بمطالبهم الملحة، دون أية استجابة ترفع الضررعنهم، قبل فوات الأوان ..”.
خلاصة القول، لابد من تسجيل ملاحظة حول ما وقع ويقع دائما في كثير من المناسبات والأحداث، تتمثل في كون الجهات المسؤولة لا تقوم بتدخلات وإجراءات استباقية في شتى المجالات، بل تنهج سياسة “عين ميكا” عندما تريد، تاركة الحبل على الغارب.وحينما تحدث كارثة معينة، لاتتم معالجة المشاكل والخروقات من جذورها، بل قد يتم التباطؤ أوالتلكؤ في اتخاذ المتعين القانوني اللازم، إن لم يتم طي ملف قضية معينة، بشكل أو بآخروتنتهي الحكاية، في انتظار وقوع حادث قادم، أبعد الله عنا شر البلية.
م.إ