عادات وتقاليد أهل شفشاون 1/3
جريدة الشمال – بقلم: محمد القاضي (عادات وتقاليد )
الجمعة 15 شتنبر 2017 – 17:59:54
•يختص المغرب بثروة هائلة من العادات والتقاليد ضمنها السكان الأوائل تجاربهم وثقافتهم ونكساتهم وانتصاراتهم تارة مكشوفة وطورا مقنعة بقناع رمزية، فارضة وجودها بدلالاتها وحمولاتها، وما أكثر هذا النوع من العادات الشعبية والطقوس الاحتفالية التي تندرج في إطار تقاليد وعادات المناطق، ومنها منطقة شفشاون ومحيطها المعروف جغرافيا وتاريخيا (منطقة جبالة).
إن مدينة شفشاون محروسة بالتقاليد الاجتماعية الصارمة، قلما تشهد اجتماعا للناس خارج الطقوس والاحتفالات الدينية وغيرها (صلاة العيدين، عيد المولد الشريف، أيام عاشوراء، المواسم، ليلة القدر، ليلة الإسراء والمعراج، 15 شعبان، توديع الحجاج إلى بيت الله الحرام وعند عودتهم، الالتزام بطقوس شهر رمضان المعظم، الحضور إلى المصلى أيام العيدين، الحرص على أداء واجباته الدينية كالصلاة مع الجماعة في المسجد أو الزاوية، الذهاب مع الجنازة، حضور حفلات الزفاف، الاعتقاد في الأولياء والصلحاء والمجاذيب، التعلق بأضرحتهم والرحلة والزيارة إليها. والحرص الشديد على الشرف والعفة والقناعة، والإفراط في النظافة والمحافظة على الطقوس الدينية وتعظيم آل البيت من الشرفاء، والحرص على تبادل الزيارات مع الأهل والأحباب والأصدقاء في مناسبات الأعياد، والمناسبات الاجتماعية بصفة عامة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
•شعبانة:
هي مناسبة سنوية، وتكون يوم 15 شعبان، وهو يوم استثنائي في حياة المجتمع الشفشاوني، ويطلق عليه بيوم (النسخة)، وكان –وما يزال- يطلق عليه (شعبانة) وفي هذا اليوم تشد الرحال إلى زيارة ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، وكان طلبة الكتاتيب القرآنية في المدينة والبادية يحرصون على الاحتفال بها “أي الزردة” حيث كانوا يقصدون من تجود أريحتهم بالفضل والخير على الطلبة فيمنحهم من يمنحهم ويتولون تهيئة (غداء) أو (عشاء) يحضره جميع الطلبة في منزل الفقيه أو منزل أحدهم، أما في البادية فكان يحضره أفراد من جماعة القرية ويتناولون الطعام جميعا ابتهاجا بقرب قدوم شهر رمضان المعظم، ويتلون الأذكار والأمداح النبوية، ويهللون ويكبرون ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ويخرجون في الأخير ختمات القرآن الكريم يترحمون بها على أرواح الموتى من أهل القرية.
ومن اهتماماتهم الكبيرة في هذا الشهر هو الاستعداد مبكرا بعد النسخة مباشرة لشهر رمضان بالأطعمة والأشربة والحلويات (الشباكية وما شابهها) والتين المجفف والتمر والعجائن (الشعرية والفداوش).
ليلة القدر:
من العادات الموروثة أنه إذا بلغت اليافع العمر الذي يمكنها من الصوم والقدرة عليه ولو ليوم واحد وهو (26 رمضان) فإن الأهل يحتفلون بذلك في المنزل وخارجه في موكب بهيج، وقد ألبسوها أجمل الملابس وكأنهم في حفل عرس، ويطوفون بها شوارع المدينة بعد صلاة العصر- وما زالت هذه العادة إلى اليوم- وتؤخذ لها صور بالمناسبة (استحدثت حديثا).
كما تؤدى صلاة التراويح في المساجد حيث يقوم السكان بالتنقل عبر مساجد المدينة بجلابيبهم الأنيقة غالبيتها بيضاء اللون المخططة بخطوط مذهبة أو خضراء أو حمراء، وأحذيتهم الجديدة، ويصحبون معهم أطفالهم الصغار بلباسهم الجديد التقليدي الصنع لأداء الصلاة والاستماع إلى قراءة القرآن الكريم حتى مطلع الفجر. ويتميز هذا اليوم بنكهة خاصة حيث يتناول فيه السكان بعد الفطور أكلة الكسكس، كما يقومون بزيارة موتاهم بالمقابر مترحمين عليهم وإلقاء الريحان على قبورهم، كما يجودون على الفقراء بما يسر الله لهم.
•الاحتفال بيوم عاشوراء:
تشكل عاشوراء حدثا تاريخيا هاما في حياة العرب والمسلمين وواقعا معيشا في كل زمان، يحبل بوقائع ومشاهد من الغرائب المستملحة والمقلقة من سلوكات ومعتقدات شعبية، وقد دأب المغاربة على تخليد عاشوراء في العاشر من شهر محرم من كل عام، جريا على ما سار عليه الآباء والأجداد، ويتميز بالتنوع امتزجت فيه هويات ثقافية عربية إسلامية، أمازيغية، أندلسية، افريقية، غير أن كل جهة من جهاته تنفرد بعاداتها وتقاليدها في هذا اليوم، وبالنسبة لمدينة شفشاون وغيرها من مدن الشمال والجنوب، فإن الاستعداد للاحتفال بيوم عاشوراء يبدأ من عيد الأضحى، حيث يتم تخزين جزء من لحم الجدي أو الكبش في شكل قديد (لحم مجفف) خصيصا لهذا اليوم، حيث يؤكل مع الكسكس في جو أسري حميمي يحرص الجميع على المشاركة في هذه الوليمة.
كما تتوالى استعدادات أخرى منذ فاتح محرم وتهم تنظيف المنازل وإعادة تبليط الجدران وتبييض واجهاتها الخارجية بالجير الأبيض وأحيانا يخلط معه قليل من النيلة الزرقاء، ويطلق عليها (العواشر).
أما بالنسبة للأطفال فهذه مناسبة شراء الدمى والطعارج والسكاكين والبنادق والسيوف والأقنعة البلاستيكية والبذلات العسكرية أو الشعبية والدفوف والمزامير والمسدسات المائية والأوتوماتيكية والمفرقعات وكافة أنواع اللعب، ولا ننسى (فلوس) عاشوراء، أي تلك التي يجمعونها من المارة ويطرقون أبواب السكان في كل حي مرددين على نغمات الطعارج والبنادير والمزامير، (بركة عاشوراء،، بركة عاشوراء) وينطلقون للعب، فيعمون البيت حركة دؤوبة ويشعون في أرجائه أجواء البهجة والحبور، كل فرح بلعبه التي اقناها له الجدان والوالدان والأعمام والخلان.
أما أطفال البوادي الذين يقصدون المدينة في هذه المناسبة بألواحهم وقد كتب عليها سور من القرآن الكريم يعرضونها على المارة واصحاب الدكاكين راجين الحصول على (بركة عاشوراء).
ظاهرة أخرى ترتبط بطقوس الكبار وهي كثافة الإقبال على شراء الفواكه الجافة والتمور واللوز والفستق والزبيب والجوز والحلويات المختلفة ألوانها وأشكالها.
كما أن المغاربة بصفة عامة وسكان شفشاون منهم غالبا ما يوقتون إخراج الزكاة بموسم عاشوراء الذي يسن فيه الصيام والتوسعة على العيال، مع حث الأاطفال على تجريب الصوم، كما يكثر صب الماء على الأرض، ويقوم (الكرابة: حمالي الماء) وهم يجوبون الأسواق مرددين “الماء للسبيل، الله يرحم مول السبيل / مول: صاحب”، كما يكثر في هذا اليوم التخضيب بالحناء مع الاكتحال والاستباك والتزين والتجمل، واستعمال البخور.
وكان يكتسي طابعا فريدا، تتميز به المدينة بحيث كانت تتحول فيه ساحة وطاء الحمام إلى موسم احتفالي رائع، فتنصب الخيام في جميع الجهات يعرض فيها أصحابها بضاعتهم المتنوعة من لعب الأطفال والفواكه المجففة والحلويات المتنوعة شكلها ولونها، والألبسة والبخور والتوابل ووسائل الزينة للنساء والفتيات، والدرابك والتعاريج والدفوف والبنادير والمزامير، كما تنتشر المطاعم الصغيرة والمقاهي، وتنصب النواعير المحلية المصنوعة من الخشب قرب الزاوية الناصرية وعلى امتداد الجهة المقابلة للمسجد الأعظم يتنافس الشباب والفتيان على ركوبها وإبراز حركاتهم البهلوانية وهي تدور بهم بين الأرض والسماء مقابل أجر يدفع لأصحابها الذين كانوا يقومون بدورانها اعتمادا على مجهودهم العضلي، وتمتلئ الساحة لمدة ثلاثة أيام صباحا ومساء بالوافدين عليها من سكان المدينة ومن البوادي والقرى المجاورة لها، بل وحتى من مدن تطوان وطنجة ووزان والمضيق وغيرها من الأماكن الأخرى، وتعرف المدينة رواجا تجاريا مهما في هذه الأيام وقد تحول مكان الاحتفال منذ السبعينات من القرن الماضي إلى ساحة الدمومن خارج المدينة العتيقة ومنها إلى السوق الجديد حيث يقام اليوم، وما زال محافظا على طابعه.
•الاحتفال بعيد المولد النبوي:
ترجع بدايات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالمغرب إلى منتصف القرن السابع للهجرة عندما استحدثت أسرة العزفيين اليت كانت بمدينة سبتة عادة الاحتفال بالمولد النبوي وذلك على غرار احتفالات عيد النيرزو يوم فاتح يناير، والمهرجان أو العنصرة يوم 24 يوينو، وميلاد المسيح عليه السلام يوم 25 دجنبر الذي كان يشارك فيها المسلمون في سبتة والأندلس.
وتتنوع مظاهر الاحتفال هاته بين الليالي الدينية القائمة على قراءة القرآن الكريم، وتلاوة الأذكار والصلوات، وقراة الأمداح النبوية وسرد السيرة النبوية والشمائل المحمدية ومجالس العلم والمواكب الدينية.
وكان يكتسي طابعا متميزا في مدينة شفشاون بحيث تحيى ليلته في ضريح مؤسس المدينة والزوايا المبثوثة في أحياء المدينة وعددها (13) زاوية، ويطعم فيها الفقراء الكسكس وتوزع كؤوس الشاي والحلويات على الحاضرين، كما يعرف الاحتفال عملية ختان جماعي للأطفال بعد صلاة العصر من يوم العيد، وتوزع على اسرهم هبات يتبرع بها الموسرون من أهل المدينة. وما زالت هذه العادة سارية المفعول إلى يومنا هذا، ونفس الشيء يقوم به أهل البوادي المجاورة للمدينة.
وكان يكتسي طابعا خاصا لا يماثله إلا موسم سيدي بوعراقية بطنجة، حيث يؤتى بالثيران ويطاف بها على الضّريح سبع مرات ثم تذبح داخل الضريح وتوزع لحومها على الفقراء والمساكين، وكانت هذه الثيران مساهمة من الإدارة المدنية والعسكرية، وبعضها كان يشترك في ثمنها سكان الأحياء كالتجار والصناع والحرفيين، وكانت تلتقي فيه الفرق الصوفية (العيساوية، الدرقاوية، الحمدوشية، الشقورية) وتحيي الليلة داخل الضريح يرتلون قراءة القرآن والأذكار والأمداح النبوية، وتقدم فيه قصعات الكسكس باللحم والخضر التي كانت الأسر تتنافس في تهيئتها، والمساهمة بها في هذا الاحتفال البهيج، وبعد أن تمر في استعراض يحضره السكان والهيئة الإدارية يقوم المقدمون المكلفون بتوزيع هذه القصعات على الفقراء والمساكين، ومنها ما كان يرسل إلى المسجونين بالسجن المدني، ويعضها يرسل إلى دار الخيرية بالمدينة.
•يوم حاكوزة:
كان يحتفل به في فاتح شهر يناير الفلاحي، ويتميز بأكلاته الخاصة كالاسفنج المصنوع في البيت والبغرير، والحمص والفول المعطر بالتوابل المعروف (بشيوخة) أو طقس التمني والتريد بالدجاج البلدي، وكانت الأسر تجمع أبناءها ليلا حول غربال مليء بالتين المجفف والزبيب المجفف والجوز والحمص المقلي والرمان (أحيانا حيث كان يحتفظ به لهذه المناسبة) وتبدأ الأم في تحديد قسمة كل واحد من الملتفين حول هذه الذخيرة من الأطعمة، كما يتم توزيعها في بعض المناطق على الأطفال اليتامى والفقراء والمساكين تعبيرا عن خيرات محصول السنة الماضية، وإبرازا لآمالهم بأن تكون السنة الجديدة أكثر خيرا وأوفر عطاء من سابقتها، وكانت تمارس بالأندلس وما زالت وتسمى ليلة YANNAYER وكان من العادة عندهم “أن يأكل الناس في هذا اليوم بعض المأكولات المكونة من الحبوب المطبوخة في الماء المالح تفاؤلا بالعام الخصب”.
ويرى الباحث يوسف احنانة أن لفظ (الحاكوزة) محرف من العامية المغربية عن العجوزة أو العجوز، وقد كانت تعني في الثقافة الشفوية القديمة آخر ليلة من ليالي السنة الشمسية الفلاحية التي كانت تقويم المغاربة في مجتمعهم الفلاحي، وحيث إنها آخر ليلة في السنة فهي على هذا الأساس الليلة العجوز، وهي عند الاسبان La noche vieja.
وتتمثل في المخيلة الشعبية، وبخاصة مخيلة الأطفال، في هيئة امرأة عجوز شمطاء تأتي في هذه الليلة لتضع تحت وسادة الأخيار منهم هديتها المعهودة والتي كانت تتمثل في الغالب في بعض الفواكه اليابسة أو بعض الدريهمات أو بعض الملابس الجديدة، في حين يتم تخويف وترهيب الأطفال الأشقياء بأن (للا حاكوزة) ستحرمهم من هداياها أو ستجرهم وتذهب بهم إلى البحر لترميهم فيه، إن هم لم يكفوا عن شقاوتهم وتمادوا في عصيانهم.
•الزفاف الشفشاوني:
من عادات الزواج في مدينة شفشاون أن طقوسه كانت تخضع لميقات معين بالنسبة للعريس بحيث يخضع لتقاليد خاصة به بحيث يحتوي على المحطات التالية: -يبدأ يوم الأربعاء وينتهي يوم الجمعة- (النزول، الدخلة، الصبحي) وبالنسبة للعروسة كذلك يضاف إليها حفلة (الظهر) وهو خاص بالنساء، ويبدأ يوم الصبحية بعد الزوال، وينتهي بعد صلاة العشاء.
ويسبق الزفاف عقد القران ويسميه الأهل (الملاك)، ويكون قبل حفل الزفاف بمدة لا تتجاوز عادة السنة، ويتم في بيت أهل العروس ولا يستدعى إليه سوى أهل العروسين، وبعض الأصدقاء المقربين، وعادة ما يتم عقد القران بعد صلاة العصر بحضور العدلين، إذ يسلم العريس المهر إلى والد العروسة الذي يدونه في سجله.
ويسبق هذه المحطات (حفل الحمام/ أو الحناء)، إذ تدعو العروس مجموعة من صديقاتها وقريباتها من غير المتزوجات للحمام، يكون على حساب العروسة بحيث تقوم باستأجاره من طرف أهلها مسبقا، وبعدها يعود الموكب إلى بيت العروسة بالزغاريد والأهازيج والغناء وهي ملفوفة في (الحائك الأبيض).
النزول: يمثل النزول أول العرس الشفشاوني، ويمكن اعتباره مراسيم توديع العزوبية، إذ تقتصر على دعوة الفتيات من الصديقات وقريبات العروسة، دونما النساء، باستثناء النسوة المقربات منها من أخوات وعمات وخالات.
في هذه الليلة تلبس العروس رداءا أبيض اللون، ويغطى وجهها بمنديل شفاف يخفي دموعا تختزل مشاعرها المتناقضة بين الفرح بزواجها وحزنها لمفارقة أسرتها.
وعلى إيقاع الإمداح التي تتغنى بها “الحضرة”، وهي فرقة نسائية لإحياء المناسبات الدينية، تقوم أخت العروسة أو إحدى قريباتها بعمل ما يطلق عليه “الفال”، حيث يوضع قطن على أصابعها ليوضع عليه قليل من الحناء، ثم يوضع قطن آخر، وتغطى اليدان بمنديل حرير مطرز.
الظهور: يسمى هذا اليوم “بالظهور” لكون العروسة خلال هذا اليوم تظهر للمدعوات من فتيات ونساء عارية الوجه، لابسة الشدة الشفشاونية، وهي لباس تقليدي مميز للشفشاونيات، وتعتبر من أهم الطقوس التي كانت ولا زالت سائدة في المجتمع الشفشاوني، وخلال ظهورها ترافق العروسة “المشطة” أي المرأة التي تتكفل بتزيينها وتقديمها للحاضرات، والتي تعنى بأدق التفاصيل المتعلقة بالعروسة من لباس وتسريحات الشعر… ويخصصن هذا اليوم فقط للنساء والفتيات، ولا يستدعى له الرجال، بل تكون حتى الفرقة الموسيقية، مشكلة كلها من النساء، ويستمر الحفل إلى غاية منتصف الليل.
يقام في بيت العريس والعروسة، كل على حدة، حفل البوجة، الذي يجتمع فيه المقربون والأصدقاء، وأهم ما يسجّل هنا هو حضور الغيطة والطبل، إيذانا بحياة جديدة، وكذلك تعبيرا عن أن الزوجين لم يسبق لهما الزواج.
وخلال هذا اليوم وفي ختامه يبعث العريس مجموعة من أهله وأصدقائه لإحضار العروسة من بيت أهلها في “البوجة/ العمارية/ الهودج” –وهو محمل على شكل غرفة صغيرة- يحملها عادة الأخ الأكبر للعروسة بمساعدة الجيران والأصدقاء والأحباب.
وقبل أن تغلق باب البوجة والعروس بداخلها، يمسك والدها برأسها ويتلو آية الكرسي مباركا زواجها، لتحمل إلى بيت العريس، حيث يسبق الموكب فتاتان صغيرتان تحملان الشمع. ويتقدم الجميع جوق موسيقي وأصدقاء أسرة العريسين خلف العمارية، وهم يرددون الأناشيد الدينية (طلع البدر علينا) وبنور الوئام. والكلّ محتفي بهذه المناسبة.
وتحمل العروسة معها في البوجة رغيفا من الخبز ومفتاحا كرمز للرزق والحياة السعيدة، لتجد في استقبالها حماتها مقدمة لها الحليب والتمر، في إشارة للمودة والحب، ليتلقفها عريسها، ليودع العريسان من بقي من الأهل وينبري عن الأنظار.
وفي الصباح، يقوم الأهل بزيارة العريسين وتقديم التهاني، مع تقديم فطور يشتمل ما لذ وطاب من الحلويات المحلية وتقديم الهدايا. وعادة ما تقدم أم العريس هدية ذهبية للعروسة.
من العادات المتبعة بالنسبة للعروس الشفشاونية أنها في أول ظهور لها في مناسبة اجتماعية، تلبس وتتزين بثياب معينة ويخصص لها مكان مميز، ويمكن أن تحظى بهذه المعاملة الاستثنائية إلى أن تصبح أما.
وتذكر السيدة الحاجة عائشة أبراق قيدومة الحضرة النسائية بالمدينة “أن الأعراس كانت تمتد أسبوعا كاملا، إذ تنطلق من يوم الثلاثاء بذهاب العروس إلى الحمام، ويكون يوم الأربعاء يوم “للترول”، لقد كانت النية حاضرة في كل تجليات الحياة، بحيث كنا نقوم بمزج البيضة بالعسل بعد تكسيرها بمفتاح قديم وصبها على شعر العروس تفاؤلا بدخولها حياة جديدة ولإبعاد النحس عنها، حيث أن بعض الأسر ما زالت تطلب مني القيام بذلك إلى الآن، وكانت أم العروس بعد مدة عن عرس ابنتها تقوم بزيارتها حاملة إليها طاجينا من اللحم و “طيفورا” من الإسفنج”.
وبعد يومين من اختتام الحفل، يكون يوم (الملقى) بين عائلتي العروس والعروسة في بيت الأول، ويقوم العروس بإهداء أم العروسة هدية هي عبارة عن السبنية من الحرير والحراز والشربيل، إلا أن هذه الطقوس عرفت تطورات اجتماعية وافدة على المدينة حاملة لعادات وتقاليد جديدة، ثم المصاهرة التي تمت بين الأسر الشفشاونية والأسر التي استقرت بالمدينة في العقود الأخيرة، وهذه هي سنة الحياة…