عادات وتقاليد أهل شفشاون 3/3
جريدة الشمال – بقلم: محمد القاضي (عادات وتقاليد )
الخميس 04 ينـاير 2018 – 16:54:13
•الطقطوقة الجبلية:
يرتبط الغناء الشعبي بالبيئة والمجتمع الذي خلق فيه، وهو ذو جذور وأصول عريقة، ويتنوع بتنوع المناطق، بحيث لا تخلو جهة من جهات المغرب، سواء كانت مدينة أو قرية من فن غنائي وموسيقى يطبعها بطابعها المحلي، والعاكس للاهتمامات والمشاغل اليومية للإنسان الحضري أو القروي، وهو مرتبط بالحياة بما فيها من لحظات حزن وفرح وجفاف وخصب وحرث وحصاد، يجسد عفويا وتلقائيا تلك الاحتفالية بما تقدمه الحياة من متع ومن مظاهر الخصب والجذب، تلك الأغاني التي ساهم في إبداعها رجال ونساء وتناقلتها الأجيال عبر عشرات السنين، فهناك أغاني المهد (الخاصة بالأطفال) وأغاني الخصب كتعبير عن الفرح بموسم فلاحي جيد، وأغاني الأعراس، وأغاني الاحتفال بحفظ القرآن الكريم (الختمة أو التخريجة)، وأغاني الأعياد، وأغاني الصيادين، وأغاني الحصاد… إن كل هذه الأغاني بكلماتها وأنغامها وإيقاعها ومواويلها تعكس أمال الشعب، وجميع الصفات المهمة لحياته..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وللجوق لباس خاص وموحد يميزهم، ويتكون من جلباب خاص قصير وعريض وعمامة صفراء (الشرقاوية) أو طربوش أحمر أحيانا وبلغة صفراء غالبا، وذلك لإثبات الهوية الخصوصية للمنطقة الجبلية.
غير أن بوادر الثراء التي بدأت تطفو على المنطقة منذ الثمانينات من القرن الماضي، وبدأت معها مرحلة الفتور بسبب الانفتاح والمنافسة، وهذا ما أبداه الفنان محمد العروسي في إحدى حواراته حيث قال : “يؤسفني مدى التراجع الذي طال هذا التراث الفني حتى أصبح فنانوه يعدون على رؤوس الأصابع… بسبب الإهمال الذي لحقه”.
ومن مقاطع العيطة الجبلية نورد هنا هذا المقطع:
طلعوا الطلعة يزوروا * طلعوا بالجـــــلالة
مولاي عبد الســـــلام * هو شيخ جبــــــالا
أبو هلال أبو هـــــلال * عالي وفيه نزاها
الجلسة مع لحبــــــاب * شحايلي نتــمناها.
ويروى في صيغة أخرى:
(عيوع… الحبيب مولاي عبد السلام)
طلعوا الطلبة يزوروا / طلعوا بالجلالة / الحبيب مولاي عبد السلاتم / واربيع عماد / وارعاتوا القطيفة / الهوي في الشاون يحييني / الشاون عالية تشجيني/ فرسانها في كل قبيلة.
وتصاحبها ما يسمى (التبوريدة)، وهو طقس فلكلوري جبلي يرافق الاحتفالات بالمدينة والمناطق المحيطة بها، وتقدم خلاله عروض موسيقية، وتتكون هذه الفرقة التي يطلق عليها (البوردية) من رجال قد يزيد عددهم على العشرة بلباس موحد وهو جلباب صوفي قصير وعريض، بني اللون، وعلى أكتافهم بنادق أو (المكوحلة)، وهي ذات تصميم خاص تتميز بالطول، يطلق منها البارود بعد أدائهم لرقصة دائرية يرددون فيها اهازيج تبدأ بالصلاة على النبي (ص)، وبعد كل دورة يقومون برفع بنادقهم إلى السماء ويطلقون الرصاص في الفضاء محدثين بذلك صوتا موحدا والناس ملتفون حولهم يتفرجون. إنه طقس عريق ارتبط بالمنطقة وما زال موجودا إلى اليوم.
•معتقدات شائعة بالمدينة وضواحيها:
على الرغم من أنها خرافات واعتقادات شعبية قديمة، كان يتصورها الأجداد في حياتهم اليومية كمنهاج معرفي يساعدهم على فهم الأشياء وتفسيرها حتى قبل وقوعها، فإن بعض هذه المعتقدات لا زالت سارية المفعول إلى اليوم، نذكر منها ما يلي:
– النسخة ومولاي عبد السلام مشيش :
موعدها هو منتصف شهر شعبان من كل عام، حيث يتم بضريح الولي عبد السلام بن مشيش العلمي (على بعد 40كلم من المدينة) إحياء ليلة النسخة يحضرها القادمون من مدن وقرى شمال المغرب، في نطاق الاعتقاد الشائع بأنه في مثل هذا اليوم “تنسخ الأرواح” (من سيموت ومن سيحيى منها). وهناك من يتبنى فكرة حسب ما هو متداول هو أنه كلما تعددت زيارة ضريح هذا القطب الصوفي وبلغت سبع مرات فإن ذلك يعادل القيام بأداء فريضة الحج، ويوجد بالقرب من ضريحه معلمتان يحج إليهما الكثير: الأولى هي (حجرة المرضيين) وهي عبارة عن حجرتين متقاربتين من الجبل بينهما ممر ضيق، ويعتقد أن من مر بينهما بسهولة فهو في عداد من يرضى عنه والداه، أما إذا استعصى عليه المرور، فيهب بعض الفقهاء إلى قراءة القرآن عليه، وعلى والدته أن ترضي عليه، فيمر و يعود من حيث أتى.
أما الثانية فهي التي يطلق عليها (العروسة المسخوطة) وهي عبارة عن مغارة في آخرها يصب ماء بطيء يشبه الدموع، ويعتقد أن هناك عروسة من المنطقة مسخت في ليلة زفافها، وانطبق عليها الجبل، ومن ثم تزورها الفتيات الراغبات في الزواج وتغردن ويصلين ويسلمن على النبي (صلى الله عليه وسلم) عسى أن تمنحهن “العروس المسخوطة” عريسا في أقرب وقت!
– الخميسة (نسبة إلى رقم5) التي تتعدد تمظهراتها ووظائفها في الحياة الشعبية اليومية والطقوسية، إنها اليد الخماسية الأصبع التي قد تحمل آية الكرسي في بعض الحالات، أو عينا مفتوحة وسط كف اليد، والتي تستعمل في مجملها للوقاية والحماية من كل عين عائنة، تحمل هذه اليد الرمزية اسم يد للا فاطمة الزهراء، لذلك قد نجدها على صدر باب منزل أو في عنق مولود… في كل الحالات تؤدي وظيفة الحماية ضد الحسد، وقد أدركنا مهاميز بعض أبواب الأسر الميسورة مصنوعة من النحاس أو الحديد متقونة الصنع تثير الناظر وفضوله، يطرق بها على الأبواب، وهي ترمز إلى اليد.
– إذا جلست البنت على الوسادة، فإنها ستنجب بعد زواجها البنات فقط!
– الفتاة البكر لا تكنس ليلا، مخافة عدم الزواج!
– لا تضرب الفتاة بمغرفة لأنها لن تتزوج بعدها!
– لايجب أن تمشط الفتاة أو السيدة شعرها ليلا، لأن ذلك يجلب لها المصائب!
– تكسير الأواني الخزفية يوم الزفاف دليل على فشل هذا الزواج!
– في حفل العرس، لا يجب قلب “زلافة/الإناء” الحناء حتى لا تصاب العروس بالعقم!
– في يوم العقيقة لا يشوى لحم الكبش ولا الكبد ولا الرأس وذلك حتى لا تصاب الأم ومعها الأب بفاجعة في مولودها الجديد فتكتوي بنارها!
– إذا أصيب الطفل ببوحمرون (مرض جلدي) يتم إلباسه ثوبا أحمر لشفائه، ويكثر من أكل الحلوى!
– حك الحاجب الأيمن علامة على أن هناك من يتكلم عنك في الخير، أما الأيسر ففي الشر!
– رمش العين علامة على أنك سترى أحد أقربائك!
– صورة البوم نذير شؤم!
– تحليق البوم فوق إحدى الدور دليل على قرب موت أحد أفرادها!
– إذا وضع الإنسان حذاءه أو نعله ووقع أحدهما على الآخر فإنه سيسافر!
– لايجب أن يقاس شعر الفتاة، لأن ذلك يحد من طوله!
– إذا نطق شخصان في لحظة واحدة، فإن أحدا يقول فيهما كلاما!
– إذا تلاقت خطوط راحة اليد فإن رزق ذلك الشخص سيكون واسعا!
– إذا دخل إلى البيت طفل صغير يجب أن تعطيه قطعة سكر كي لا تتكاثر الفئران في البيت!
– إذا جلست على عتبة الباب فإنك تمنع الرزق من دخول البيت!
– يستبشر الناس خيرا، عند قدوم إحدى الفراشات “بشارة الخير” إلى منزله لأنها تخبر بقدوم الخير إلى منزله لأنها تخبر بقدوم الخير والسعد إلى المنزل!
– يتحاشى الناس النظر إلى القط الأسود والكلب الأسود، فهما يجلبان النحس طيلة اليوم!
– وضع اليد بالوراء أثناء المشي يعتبر نذير شؤم ومؤشرا على دخول صاحبها إلى السجن!
– تعليق صحائف البهائم بالبيت يذهب عنه الحسد والأذى!
– إذا وقف الخبز فوق المائدة فإنه دليل خير أو قدوم ضيف!
– إذا قام الطفل بحمل المكنسة وبد يكنس بها فإنها علامة لقدوم ضيف!
– لاينبغي تنظيف الزربية بعد آذان المغرب لأن ذلك يذهب بالرزق!
– يمنع الصفير داخل الدار أو المتجر لاعتقادهم بأن ذلك يؤدي إلى الإفلاس.
– الشعور بحك في الشارب معناه أنك ستسلم على أحد!
– حك راحة اليد اليمنى علامة على أنك ستقبض المال، وحك اليسرى معناه أنك ستصرفه!
– لايجوز أن تخطو فوق الصغار مخافة أن يبقى طولهم قصيرا!
– وجود خيط على ملابسك علامة على أنك ستستقبل الضيوف!
– إذا صببت الماء الساخن في المرحاض أو (المجرى) فإن الجن سيضربك أو يسكنك!
– إذا أصيب أحد من أهل العريس بمكروه بعد العرس فإن ذلك يرجعونه إلى أن العروسة منحوسة!.
– خاتمة:
إن الهوية الشفشاونية تجابه التحديات وتدعو إلى التصدي لكل ما يحاول أن يخترقها بالحداثة أو التطور أو التجديد، فإن دورنا يقتضي الحفاظ على فاعلية هذه الهوية التي لا تزال تشكل قوة التماسك في النسيج الاجتماعي الشفشاوني، المتمثلة في رابطة الأسرة بمعناها الواسع من جهة، وفي الانتماء إلى العماد الثقافي الواحد والمشترك من جهة ثانية