كريمة ولد علي بنت الريف تتوج بجائزة اسبانية رفيعة لأحسن جمعية للمتطوعين
جريدة الشمال – بقلم: : عزيز كنوني ( بتعاون مع فكري ولد على وموقع ناظور سيتي)
الجمعــة 12 ينايـر 2018 – 10:31:06
• تفضل الأستاذ فكري ولد علي، على جريدة “الشمال”، وهو من أبرز أنصارها والمساهمين فيها، فخصنا بمقالة هامة، تخص مغربية من عرين الريف المجيد، ومن مدينة الحسيمة بالذات، نجحت في فرض اسمها ووجودها في العديد من المحافل الدولية، انطلاقا من إسبانيا التي تقيم بها منذ سنوات والتي يتميز مقامها بها ، بنشاط دءوب في خمة الجالية المغربية ، في إطار “الجمعية المغربية لإدماج المهاجرين، التي ترأسها.
ولعل تألق الأستاذة كريمة ولد علي رئيسة الجمعية المغربية لإدماج المهاجرين، في مجالات تخصصها يعتبر من الجوانب المضيئة لنجاح مغربيات ومغاربة العالم، في مجتمعات الاستقبال حيث صاروا يحتلون مكانة بارزة في مختلف المجالات السياسية والثقافية والفكرية والعلمية ويحضون باحترام الجميع..
وفي هذا الإطار تندرج جهود الأستاذة كريمة ولد علي، التي فازت جمعيتها بجائزة أحسن جمعية للمتطوعين، من بين خمسين جمعية وطنية اسبانية ودولية، ومنظمات غير حكومية، تبارت كلها من أجل الفوز بالجائزة.
وتسلمت الأستاذة كريمة ولد علي الجائزة في حفل كبير بحضور مئات من الفاعلين المجتمعيين والحقوقيين والسياسيين والمتتبعين والمعنيين بالعمل التطوعي الإنساني .
ولم يكن وصول الأستاذة كريمة ولد على، بجمعيتها إلى المركز الأول لهذه الجائزة بالأمر الهين، إذا علمنا أن مدينة مالقا تضم، لوحدها، فوق ألف ومائتي جمعية تنشط في مختلف مجالات العمل المجتمعي التطوعي ومن بينها جمعيات تنتسب لمنظمات كبرى بميزانيات ضخمة كالصليب الأحمر واليونيسيف والمنظمات الخيرية التابعة للكنيسة، وغيرها، خصوصا إذا علمنا أن هذه هي المرة الثالثة التي تحصل فيها الجمعية المغربية لإدماج المهاجرين على هذه الجائزة التي فازت بها في سنة 2011 و سنة 2016 تقديرا من المسؤولين الأسبان للجهود التي تبذلها الجمعية المغربية لإدماج اللمهاجرين وجدية وفعالية المخططات والبرامج التي تضعها لهذا الغرض.
وكانت الجمعية قد اشتغلت هذه السنة على مشروع موجه للأطفال المهاجرين غير المرافقين والشباب المغاربة الذين كانوا تحت وصاية حكومة الأندلس، وهو المشروع المدعم من طرف الوزارة المنتدبة لدى وزير الخارجية المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة.
وتعمل الجمعية من خلال هذا المشروع على تقديم مجموعة من الخدمات لهذه الفئة، كالمرافقة الاجتماعية والتوجيه القانوني و التكوين في عدة مجالات، وكذا المواكبة الصحية والنفسية والتوجيه في مجال الشغل والمواكبة والمتابعة قبل مغادرة مراكز الأطفال وبعدها.
ولتحقيق أهدافها قامت الجمعية المغربية- التي يوجد مقرها المركزي بمالقا- بالضغط على السلطات الإسبانية ضمن خطة عمل منظمة و محكمة مزجت بين العمل المؤسساتي والعمل الإعلامي وذلك من أجل التعريف بمشاكل الأطفال المغاربة غير المرافقين والذين غالبا ما يطردون من مراكز الإيواء عندما يصلون سن 18 و يتحولون إلى العيش بالشارع.
وتحرص الجمعية المغربية لإدماج المهاجرين على الاستعانة بوسائل الإعلام في إيصال رسائلها إلى المؤسسات الرسمية وإلى الرأي العام بخصوص مشاريعها، الأمر الذي دفع بالإدارة العامة لسياسات الهجرة بحكومة الأندلس إلى تكوين خلية من الخبراء من ضمنهم فريق الجمعية المغربية لإدماج المهاجرين من أجل دراسة وضعية هؤلاء الشباب وتقديم مقترحات بهذا الخصوص إلى المنتدى الأندلسي للهجرة وهي أعلى هيئة استشارية في الهجرة بحكومة الأندلس يدخل من ضمن اختصاصها اقتراح مشاريع القوانين.
وكنتيجة لهذا العمل المتواصل، قامت حكومة الأندلس بتعديل برنامجها الإستراتيجي في الهجرة من أجل ضم الشباب المهاجرين الذين كانوا تحت وصاية السلطات الإسبانية كفئة ذات أولوية في برامج الدعم الإجتماعي . كما أن بلدية مالقا قامت بخلق خلية محلية وشبكة من دور الإيواء المؤقتة لتسهر على استقبال الشباب البالغ سنهم 18 سنة، المحتمل طردهم من مراكز الإيواء للأطفال.
ومعلوم أن موضوع الأطفال المغاربة المهاجرين إلى إسبانيا والغير مرافقين عاد بقوة هذه السنة، حيث تقول إحصائيات وزارة الداخلية الاسبانية إنه إلى حدود نهاية شتمبر الماضي، تم تسجيل وجود 1468 طفل مغربي غير مرافق بالأندلس من بين 2076 طفل، وهو ما يعني أن الأطفال المغاربة يمثلون 71 بالمائة من مجموع الأطفال غير المرافقين،
دكتوراه حول الوضعيةالقانونية
للعائلة المغربية بإسبانيا
ومعلوم أن الأستاذة الباحثة كريمة ولد على سبق وأن ناقشت بجامعة جيان الإسبانية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ، حول موضوع “تحليل قانوني للوضعية العائلية للمرأة المغربية بإسبانيا: الزواج و انحلاله و حضانة الأطفال”.
وقد أشرف على هذه الأطروحة أساتذة متخصصون في القانون الدولي الخاص من أهم الجامعات الإسبانية و المغربية، الذين نوَّهوا بأهمية الموضوع و تميزه.
وقد تطرقت الباحثة في إطروحتها إلى مجموعة من المواضيع التي تهم المشاكل العائلية للمرأة المغربية القاطنة في إسبانيا مثل الزواج المختلط، وانحلال ميثاق الزوجية، وحضانة الأطفال، وتطبيق القانون الأجنبي، وتنازع القوانين، إلخ… كما تطرقت إلى التساؤل حول الدور الذي يلعبه القانون الدولي الخاص الإسباني و مدى محافظته على تطبيق القانون الأجنبي (المغربي) داخل التراب الإسباني عندما يتعلق الأمر بأطراف مغربية.
أهية الموضوع لا تكمن فقط في تقديم مدونة الأسرة المغربية بإسبانيا و تحليلها باللغة الإسبانية، و إنما أيضاً في تحليل القانون الإسباني عندما يدخل في تنازع مع القانون المغربي خاصة المبادئ المتعلقة بالقانون المدني الإسباني و القانون الدولي الخاص. في هذا المجال قدمت رسالة الدكتوراه حلولاً للعديد من المشاكل القانونية، وكذا نظريات مهمة و جديدة يمكن تطبيقها و إدخالها في السياق القانوني بين البلدين. و قد جاءت هذه الأطروحة نتيجة سنوات عديدة من البحث حيث قامت الباحثة المغربية بنشر عدد من المقالات في المجالات القانونية المتخصصة متطرقة للقانون المغربي و تطبيقه في إسبانيا. كما نشرت ترجمة مدونة الأسرة إلى اللغة الإسبانية، حيث شارك في العمل ثلة من الأساتذة الجامعيين المغاربة و الإسبان المنتمين لشعبة القانون و شعبة الأدب الإسباني و الترجمة، و تعتبر حالياً هي الترجمة الصحيحة المأخوذ بها من طرف المختصين و مراكز البحث باللغة الإسبانية. كما تقوم الباحثة بإلقاء عدد من الدروس و المحاضرات من أجل عرض وشرح قانون الأسرة المغربية في الجامعات الإسبانية و للأطر الإسبانية التي تعمل في مجال الهجرة كالمحامين و المساعدين الاجتماعيين بالبلديات. هذه المحاضرات تنظم في عدد من المدن الإسبانية من طرف الجمعية المغربية لإدماج المهاجرين التي ترأسها الباحثة.
سيدات ريفيات رائدات
أخبار “ابنة الريف” والنجاحات المتواصلة التي تحققها، في خدمة أبناء وطنها وفي مختلف المجالات المتصلة بالمرأة المغربية ، حقوقها وواجباتها ومساهماتها في بناء الوطن، وتطلعاتها المحقة لمستقبل المساواة والكرامة، تذكرنا بالرائدات الأمازيغيات المجيدات اللائي طبعن الحياة السياسية والفكرية والمجتمعية بالمغرب، عبر العصور، من كنزة الاوربية زوجة المولى إدريس الأول، وزينب النفزاوية واسمها بالأمازيغية “زاينة تانفزاوت”، وفاطمة الفهرية، والسيدة الحرة، في العصر الوسيط، وقبلهن ملكات أمازيغيات بسطن نفوذهن على ممالك شمال إفريقيا وطبعن التاريخ بجمالهن وأناقتهن وواسع ثقافتهن، وبلائهن في الدفاع عن شعوبهن وتحصين أراضي مملكاتهن. إلى رائدات معاصرات قدمن الكثير من البذل والعطاء للمغرب الحديث ومن أبرزهن أول صحافية مغربية الراحلة ارحيمو المدني، التي نشرت أولى مقالاتها بجريدة الريف ينة 1936 ، فكانت بحق أول مغربية ولجت عالم الصحافة . وارحيمو المدني هي لمعرفتكم، ابنة المجاهد ميمون المدني رفيق الجهاد لأمير الريف محمد بن عبد الكريم الخطابي، التي سجل أهالي الشاون وتطوان وطنجة مسارها وحياتها ونشاطها التربوي، بالكثير من الإعجاب والتقدير . ونذكر بالمناسبة أيضا السيدة أمينة اللوه العالمة الريفية وهي كريمة المجاهد عبد الكريم اللوه، أحد كبار رفاق الأمير عبد الكريم الخطابي، وأمها السيدة رقية الخطابي، إحدى بنات أعمام الأمير الخطابي. أما عمها المرحوم العربي اللوه، فقد كان من أكبر وأبرز علماء الريف والمغرب بشكل عام, وهي أول امرأة تنال شهادة الإجازة، حيث حصلت عليها سنة 1957 بكلية الآداب بجامعة مدريد. وقد كانت أستاذة باحثة بالمركز الجامعي للبحث العلمي بمدينة الرباط. كما لها مشاركات إذاعية تدعو إلى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والعلم والثقافة. ولها مجموعة من المؤلفات أشهرها “الأميرة خناثة بنت الشيخ بكار” (زوجة مولاي إسماعيل).
ونالت أمينة اللوه عن هذا التأليف جائزة المغرب عام 1954، ولها كتابان آخران، الأول عن الطفولة المغربية، والآخر عن الأخوين محمد ومَحمد عبد الكريم الخطابي, كما أنها اشتهرت بترجمة روائع الشعر الاسباني إلى العربية.
ولو أن المجال لا يسمح باستحضار نساء الريف العالمات الأديبات المناضلات، فإنه يلزم الإشارة إلى عالمة ريفية شابة اقتحمت “حصن” محطة الفضاء الأمريكية، العالمة أسماء بوجيبار المرتبط نسبها إلى المقاومة الريفية المجيدة، حيث إن جدها هو المجاهد أحمد بوجيبار من الجماعة الريفية الأولى التي أطلقت وأطرت المقاومة المسلحة الريفية بقيادة الأمير محمد عبد الكريم الخطابي وكان مشرفا على تدبير مالية المقاومة.
أسماء بوجيبار من مواليد 1984، نالت إجازة في علوم الأرض من جامعة رين/ فرنسا، ثم شهادة الماستر من جامعة جزيرة لارينيون (حيث كان الخطابي منفيا) عن عالم البراكين حيث تشتهر الجزيرة بكثرتها ، وتركز اهتمام بحوثها حول تشكل الكواكب وتفريقها. أسماء بوجيبار تعتبر أول عالمة مغربية تقتحم محطة الفضاء الأمريكية.
ونختم بالتلميذة الريفية مريم بورحايل التي حصلت على معدل 21.03 في امتحال الباكلوريا لسنة 2013 – 2014 بفرنسا ، وهو المعدل الأعلى في تاريخ الاتحاد الأوروبي.
ولن يتسع المقام لذكر العديد من الرائدات من بنات الريف المتألقات في شتى حقول العلم والمعرفة ، فضلا عن اللائي خلد التاريخ أسماءهن في معارك الجهاد المقدس من أجل الوطن…