لمحات تاريخية عن مسجد سيدي بوعبيد بطنجة للشيخ محمد بن العياشي سكيرج
الخميس 04 غشت 2016 – 16:55:47
تقديم
مسجد سيدي بوعبيد الواقع بالسوق البراني بطنجة من المساجد التاريخية العريقة بهذه المدينة. للوقوف عند حلقات من هذا التاريخ، نقدم للقارئ صفحات تاريخية حبّرها يراع الفقيه المؤرخ الأديب الشيخ محمد بن العياشي سكيرج (ت 1965)،وضمّنها كتابه الرائد “رياض البهجة، في أخبار طنجة” الواقع في جزئين . وجب التنبيه إلى أن في هذه النبذة إشارات لها ارتباط بالكتاب كله الذي كان الجزء الثاني منه موضوع رسالة جامعية أنجزتها منذ أزيد من عشر سنوات رفقة الفضيلة الباحثة الأستاذة نبوية العشاب، فلتؤخذ تلك الإشارات المرتبطة بالسياق بعين الاعتبار.
كما وجب التنبيه إلى أنني توخيتُ هنا الحفاظ على النص في طبيعته الأصلية دونما أيّ تدخل غير محمود؛ نظرا للفوائد التاريخية الغنية التي أوردها فيه صاحبه، باستثناء حذف استطراد فقهي يتعرض فيه الفقيه الشيخ سكيرج لمسألة بناء المساجد فوق المقابر، ارتأيتُ أن أنشره في مناسبة لاحقة .
و أخيراً، سيجد القارئ في النص بعض الكلمات التي عسر عليّ، في الوفقت الرهن، فكها؛ غير أنني عازم – بحول الله وقوته- على التغلب عليها في وقت لاحق حين تتاح لي الفرصة للعمل من جديد على هذا النص. والله الموفق للصواب.

وعلى كل حال، فإن صح ما ذكره المنقول عنه فلا يبعد أن يكون سيدي بوعبيد هذا هو السلطان أبو عبد الله المكنى – أيضا – بأبي زيان، واسمه محمد، ولقبه الواثق بالله، ابن أبي الفضل ابن أبي الحسن علي ابن أبي سعيد عثمان ابن المنصور بالله يعقوب ابن أبي بكر عبد الحق المريني، الذي قتل بطنجة – كما في “الجذوة” – سنة 789 هجرية، ودفن بها كما أشار لذلك بعض المؤرخين، حاكيا له بمؤدى: “ويقال إن المحل الذي دفن به السلطان محمد الواثق المريني هو بالقرب من المحل الذي فيه باب مدينة طنجة عن يسار طريق القالة” انتهى؛ والقالة – كما سبق بالمقدمة عن العلامة البكري – اسم موضع يتصل بطنجة ما بين جبل شبرتال والمدينة، ومن المعلوم أن المحل المعروف -الآن- برمل القالة هو قريب من وادي اليهود، متصلا بالمحل المشهور – الآن- بـ “المراتح”، والظاهر – والله أعلم- أن اسم “قـالـة” كان يطلق في ذلك العهد على ما يعرف – الآن- بـ “أكلي” المعمور بأجنة المدينة، وما يقرب من وادي اليهود دعي بـ “رمل القالة” لاتصاله به من جهة البحر، حسبما تشعر بذلك الإضافة، وتفيده – أيضا – إشارة بعض مؤرخي الإفرنج، حيث سمى المحل المعروف بـ “أكلى” بـ “القلـى”، وإن كان في ذلك نوع تكلف؛ وأما كونه – أي لفظ “أكلى”- يوجد اسما لمحل آخر معروف – إلى الآن- بالقبيلة الأنجرية قرب سوق الخميس منها، فلا يلزم من إطلاقه عليه قصره عليه.
كما أنه لا يبعد – أيضا – أن ما أشار له المؤرخ المشار له – سابقـًا – من كون محل سيدي بوعبيد هو قبر السلطان محمد الواثـق – على ما يقال – ينطبق – كذلك- على الضريح المعروف بـ “سيدي المخفي” الذي بالسوق الخارجي، عن يسار الطريق – أيضا – المار ذكره، إنما يبعد عنها بطرف من مساحة السوق المذكور، وهو عبارة عن بيت مربع الشكل، يظهر على بنائه أثر القدم؛ في الجملة طوله نحو الخمس خطوات في مثلها عرضا، وبوسطه قطيع فاصل بين القبر وبين المحل المتخذ فيه مسجدا الآن، والقبر الموجود فيه هو بالنصف الغربي، ورأسه لناحية يمين القبلة، يتّصل بحائطه …… من هذه الجهة، ورجلاه للجهة الشمالية، وهو محل محترم يقصد للتبرك به، والقائم بشؤونه هو مقدم أهل مدشر السواني الذي بحوز المدينة، أحد المداشر الفحصية الأربعة والستين السابق بيانها بالمقدمة؛ كما أن القائم بشؤون سيدي بوعبيد هم جماعة آل السوس من قدماء المقيمين بطنجة إلا أن من خرافاتهم – هم ومن هم على شاكلتهم من بسطاء الأهالي – قولهم: “إن ضريح سيدي بوعبيد هذا أقدم ضريح بطنجة”، بل منهم من يقول “أنه المسجد العتيق”، ويحتجون لهذا بأن بانيه هم آل السوس – أيضًا- من سلفهم الذين هم الأصليون بطنجة، وهم المؤسسون لها أيضا؛ ولكن المطلع إذا رأى هذا يتضاحك منه وجوه : أما أولا، فلم يكن قبر سيدي أبي عبيد – كما قدمنا- إلا حوشا صغيرا، علوه لا يتجاوز ذراعا، وإنما شيد بناؤه الحالي بشهور عام 1309 هجرية؛ وأما ادعاؤهم أن آباءهم الأصليين من آل السوس هم المؤسسون لها فدعوى بلا دليل.
والدعاوى ما لم يقيموا عليـ | ـها بينات أبناؤها أدعياء |
نعم، ربما سمع بعض المتفقهة منهم أن آل السوس هم الفاتحون لها مع العرب في الصدر الأول، فظن أولئك هم هؤلاء، وهو غلط، ومنشاؤه – والله أعلم – اعتبارهم أن آل السوس الداخلين مع الفاتحين لطنجة من العرب كسيدنا عقبة بن نافع سنة 62 هجرية، ثم مع موسى بن نصير سنة 89 للهجرة – كما تقدم – هم بعينهم المعروفون- الآن – بآل السوس، وليس كما يظنون فإن الذين جاؤوا مع عقبة ثم مع موسى المذكورين وغيرهما، هم البرابر القاطنون – إذ ذاك – بالمغرب كله، واسم طنجة – أيضا – كان يعرف بأسره كما تقدم، فاسم السوس يشملهم من حيث العموم في تسمية أرض المغرب به بأسرها، فلا معنى لتخصيصهم أنفسهم بذلك، من حيث كونهم أهل القطر السوسي المعروف – الآن – بهذا الاسم بوجه التخصيص العرفي. وبيان ذلك أن القطر المغربي بأجمعه، كما كان يعرف – قديما – بأرض طنجة، كذلك يعرف بأرض السوس، ومقسم بحسب ما كان عليه إلى: السوس الأقصى، وهو ما بين مدينة القيروان ووادي ملوية وما بينهما من القبائل والأقيال؛ وإلى السوس الأدنى وهو ما بين مراكش والشواطئ البحرية الغربية وما بين ذلك من القبائل الحيحية والركراكية والشيظمية وما يتبعها من الأفياء إلى ما تحده الصحراء؛ وإلى [سوس] أوسط وهو ما بين وادي ملوية ومراكش وطنجة الحالية وما بين ذلك من القبائل والشعوب الريفية والجبيلية الصنهاجية والغمارية والحوزية وتوابعها؛ إلا أن هذا الإطلاق كان بحسب التقسيم القديم، ثم خصص العرف – بعد ذلك – إطلاق لفظ السوس على خصوص القطر المعروف – الآن – بما وراء مراكش الحمراء وميناء الصويرة وهو إقليم كبير؛ قيل: والسبب في تخصيصهم به هو وفور عددهم فيه، وعند تحيز أقوياء البربر إليه؛ وعلى هذا درج مؤلف كتاب “أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم”، وهو ممن نبغ سنة 375 هجرية، حيث قال: “السوس كورة بأقصى المغرب ومدينة بأوله وأخرى ….. وكورة …….. وبالمغرب سوسة” انتهى، وعلى ما يفيد التقسيم الأول درج مؤلف كتاب “البلدان” أبو بكر أحمد بن محمد الهمذاني، المتوفى سنة 334 هجرية، وهو بعينه – أيضا – عند صاحب “الممالك والمسالك” أبي القاسم عبيد الله بن خرداذبه، المتوفي – كما للمسعودي- بحدود سنة …… هجرية، قال: “وكانت دار البرابرة فلسطين، وملكهم جالوت، فلما قتله سيدنا داوود عليه السلام، انتقلت البرابر إلى المغرب، ثم انتشرت إلى السوس الأدنى خلف طنجة، والسوس الأقصى وهي من…… موضع القيروان، وكرهت البرابر نزول المدائن، فنزلوا الجبال والرمال” انتهى باختصار، وفيه بمحلات من كتابه المذكور ما يفيد نحوه فلا نطيل به.
وبالجملة، فمنشأ غلط من علق بذهنه كون طنجة كانت لأهل السوس هو عدم تفرقته بين من كان يطلق عليهم هذا الاسم قديما، وبين من خصص به، والأمر في ذلك قريب. ومما تتضاحك منه – أيضا – أن امرأة طنجوية من أهل المائة الثالثة عشر للهجرة كانت دفنت بجوار قبر سيدي بوعبيد هذا؛ ولكون صورة القبرين متقاربة انتحل المبطلون لتك المرأة نسبة قرابتها لصاحب الضريح، فقالوا إنها زوجته أو ابنته، الشك منهم؛ والواقع أن هذه المرأة إنما هي من آل أولاد شاشون الداخلين لطنجة من جملة فرق المجاهدين بفتحها الأخير سنة /223/ 1095 هجرية، حسبما أخبرني بذلك صديقنا الطالب الأحسب الصدوق السيد محمد بن المعلم ………….. شاشون، قال: “وهي تتصل بإحدى جداته”، وتبرأ مما ينسب إليها من هذا.
وقد كان من أمر السلطان محمد الواثق بالله المريني السابق ذكره، أنه كان – قبل ولايته – عند ابن الأحمر بالأندلس، في جملة القرابة؛ ولما استوحش الوزير مسعود من سلطانه موسى ابن أبي عنان المريني ورام نقض بيعته، بعث ابنه يحيى إلى ابن الأحمر يسأل منه إعادة السلطان أبي العباس بن أبي سالم بن أبي الحسن المريني إلى ملكه وهو الذي كان خلع بتحكم من ابن الأحمر في المملكة المغربية، بما كان له من الأرصاد في القرابة المرشحين بالملك وجنده، ولما كانت سنة 785 هجرية، اتصل به أن دار الملك بفاس بقيت عورة من الجند والحامية، فانتهز الفرصة التي كان يضغن بها على السلطان أبي العباس المذكور، حيث كان لا يوافق هواه، وصادفه الحال هو نهض إلى تلمسان، واستولى عليها بالسنة المذكورة، وبينما هو مشغول بها بادر ابن الأحمر بتسريح أبي فارس موسى المتوكل على الله ابن أبي عنان بن أبي الحسن إلى المغرب، بعد أن قومه واستوزر له مسعود بن عبد الرحمن بن ماساي، رئيس الفتنة وقطب رحاها، وكان عنده بالأندلس بعد مفارقة عبد الرحمن بن أبي يفلوسن، فنزل موسى ابن أبي عنان المذكور بسبتة، واستولى عليها وسلمها لابن الأحمر، فدخلت في طاعته، ثم تقدم إلى فاس فدخلها من يومه واستقر قدمه بها، واتصل الخبر بالسلطان أبي العباس، وهو باق بتلمسان، فجاء مبادرا، ونزل بتازا، فأقام بها أربعا، ثم تقدم إلى الموضع المعروف بـ “الركن”، فانتفض عليه رؤساء جيشه، وتسَلّلــوا عنه إلى موسى، طوائف وأفرادا، ولما رأى ما نزل به رجع إلى تازا، بعد أن انتهبت محلته وأضرمت النار في خيامه، وذلك يوم الأحد الموفي ثلاثين من ربيع الأول سنة 786 هجرية، ثم بعث موسى ابن أبي عنان من أتاه به في الأمان، فقدم عليه وقيده وبعث به إلى ابن الأحمر، فبقي عنده محتاطا عليه، وصفا الجو لموسى، وكان بويع يوم الخميس الموفي عشرين من ربيع الأول المذكور، وقام بدولته وزيره مسعود المذكور، مستبدا عليه، إلى أن صار يحاول الفتك به، وشعر بذلك مسعود، فاستوحش وحصلت له نفرة منه، طلب لأجلها البعد عنه، وبادر بالسفر مظهرا أن قصده مدافعة الحسن ابن الناصر القائم على موسى بقبائل غمارة، بعد أن داخل بطانة السلطان في الفتك به، واستخلف على دار الملك أخاه يعيش بن عبد الرحمن بن ماساي، فلما انتهى إلى قصر كتامة بلغه الخبر بموت السلطان موسى، وكانت وفاته بجمادى الأخيرة، طرقه مرض، فهلك ليوم وليلة من مرضه، قال ابن خلدون : “وكان الناس يرمون يعيش أخا الوزير بأنه سمه”، وقال في “الجذوة” : ” تـوفي السلطـان موسى ابن أبي عنان مسموما، يوم الجمعة الثالث من شهر رمضان سنة 788 هجرية، وله إحدى وثلاثون سنة، وولي بعده محمد بن أحمد بن أبي سالم” انتهى. ولما ورد يحيى بن مسعود المذكور – آنفا – على ابن الأحمر يطلب إليه إعادة أبي العباس إلى ملكه، أخرجه ابن الأحمر من الاعتقال، وجاء به إلى جبل الفتح، المعروف بجبل طارق، يحاول إجازته إلى العدوة؛ فلما توفي السلطان موسى بدا للوزير مسعود في أمره، ودس لابن الأحمر في رده، وأن يبعث إليه بالواثق بالله محمد المذكور، إذ رآه أليـق بـالاستبداد والحجر، فأسعفه ابن الأحمر في ذلك ورد السلطان أحمد إلى مكانه بالحمراء وجيء بالواثق، فحضر بجبل طارق عنده، فأجازه إلى سبتة، ثم اتفق أن جماعة من حاشية الإمارة انتفضوا على الوزير مسعود ولحقوا بسبتة، فقدم عليهم الواثق وهم بها، فرجعوا به إلى المغرب وتقلبوا في نواحيه، حتى وصلوا جبل مغيلة بالقرب من فاس، فبرز إليهم الوزير مسعود في العساكر، ونزل قبالتهم وقاتلهم أياما، ثم وقع الاتفاق على أن يبايع مسعود هذا للواثق بشرط الاستبداد، فتم الأمر على ذلك.
قال في “الجذوة “: “بويع الواثق بالله أبو زيان محمد بن أبي الفضل يوم الجمعة الخامس عشر من شوال سنة ثمان وثمانين وسبعمائة 788 هجرية، وقام بأمره الوزير مسعود ابن ماساي، ثم حدثت الفتنة بين الوزير المذكور وبين ابن الأحمر، بسبب أن الوزير طلب منه إعادة سبتة إلى الإيالة المرينية، وكان موسى ابن أبي عنان قد نزل له عنها – كما مر- وكان طلبه لها على سبيل الملاطفة، فاستشاط ابن الأحمر غضبا وأساء الرد، فجهز ابن ماساي العساكر لحصار سبتة مع العباس بن عمر بن عثمان الوسنافي ويحيى بن علال ابن آمصمود والرئيس محمد بن أحمد الأبكم من بني الأحمر، فاستولى عليها، ثـمّ سرح ابن الأحمر السلطان أبا العباس – المتقدم الذكر- من اعتقاله وبعثه إلى المغرب، لطلب ملكه وللتشغيب على ابن ماساي، الجاحد لإحسانه- بزعمه، فعبـر السلطان أبو العباس البحر إلى المغرب، فاحتل سبتة واستولى عليها، ثم تقدم إلى فاس فحاصرها، وضيق على ابن ماساي وسلطانه الواثق بالله، وأهرع الناس إلى الدخول في طاعته حتى من مراكش، فاستمر الحصار على فاس الجديد ثلاثة أشهر، ثم أذعـن الوزير مسعود للطاعة على شرط أن يبقى وزيرا ويغرب سلطانه إلى الأندلس، فأجيب وخلع الواثق، ثم خرج إلى السلطان أبي العباس، فبايعه وتقدم أمامه، فدخل دار ملكه يوم الخميس خامس رمضان سنة تسع وثمانين وثمانمائة 889 هجرية، ولحين دخوله قبض على الواثق بالله، فقيده وبعث به إلى طنجة، فقتل بها بعد ذلك، وسنه يوم قتل ثمان وثلاثون سنة، وبها قبر.
ولما تم الأمر وبويع أبو العباس، وذلك يوم السبت السابع من رمضان المتقدم ذكره، وملك أمر نفسه؛ قبض على الوزير ابن مسعود ابن ماساي وعلى إخوته وجميع حاشيته، وامتحنهم امتحانا بليغا، حتى هلكوا من العذاب، ثم سلط على مسعود من العذاب وأنواع الانتقام ما لا يعبر عنه، واعتد عليه بما كان يفعله في دور بني مرين النازعين عنه إليه، فإنه كان متى هرب منهم أحد عمد إلى بيوته فنهبها، فأمر السلطان أبو العباس بعقابه في أطلالها، فكان يؤتى به إلى كل بيت منها، فيضرب عشرين سوطا، إلى أن برح به العذاب وتجاوز الحد، ثم أمر به فقطعت أربعته، فهلك عند قطع الثانية وذهب مثلا للآخرين”، نعوذ بالله من شرور أنفسنا.
هذا، وقد حاول المتصرفون بأبي عبيد هذا أن يزيد – أيضا – ببنائه طرفا من المقبرة المتصلة به، لطول العهد بمقابرها، وضيقه هو عمن صار يعمره من المصلين في هذه الأعوام الأخيرة؛ فإن غالب جوار المدينة وأرباب الصنائع بأطراف هذا السوق، وهم كثيرون، وكذا أرباب الحوانيت يصلون به؛ وقد شاهدت كثيرا منهم – يوما – جاؤوا لصلاة المغرب فيه، ولم يجدوا محلا لضيقه عنهم بالنسبة لوفور عددهم هناك.
وبناء عليه، كان اجتمع بعض الأعيان من أولئك المتصرفين وغيرهم وطلبوا من قاضي الوقت بالحضرة، وهو الفقيه العلامة، النبيه الفهامة، أبو عبد الله سيدي محمد بن أحمد الهواري الفاسي ثم الطنجي، مساعدته للوساطة مع الدوائر المخزنية المسند إليها أمر ذلك في الوقت، فأحالهم على استفتاء أهل العلم في جواز ذلك أو منعه، شرعا، قائلا: “ليعضد طلبهم ما أشير إليه بوجه شرعي”، لكن اختلط – بعد ذلك – الحابل بالنابل، ولم يهتد في المسألة لصواب مسؤول ولا سائل، فراح هذا مشرقا وذاك مغربا، وهذا مباعدا وذاك مقربا، ثم لم يحصل في المطلوب طائل، وبقي ما كان على ما كان، ولم يزد شيء – إلى الآن- بذلك المكان.