يُعد الحديث عن الأمثال الحسانية ذا أهمية قصوى، وهو حديث لا يقل أهمية عن باقي الأنواع الأدبية الحسانية الأخرى لكونها تعكس تأملات الفرد الحسَّاني وتقلباته الحضارية ومساراته في صعوده وهبوطه وقوة انكساره في صراعه من أجل أن يكون، وهي صورة صادقة لهذا المجتمع توارثتها الأجيال وحاولت صيانتها لاستلهامها سداد الرأي منها.
إلا أن هذا التراث الذي قل تدوينه عانى في الماضي ولازال يعاني من اندثار الكثير منه لنذرة التدوين واعتماد ذاكرة الحفظ وانفتاح الإنسان البيظاني على الحضارات الأخرى وغيرها من العوامل، وكان نتيجة هذا الضياع إعراض الكثيرين عن هذا الجانب من تراثنا، وجهلهم بمعاني المفردات والصيغ، مما خلق قطيعة بين الماضي والحاضر، لذلك كله سنحاول من خلال هذه النافذة عرض ما تجمع لدينا من الأمثال الحسانية مع إبراز معانيها ودلالاتها وكذا استخلاص العبر منها متوخين في ذلك التأكيد على أن المشترك الإنساني يتجاوز المعطى اللغوي ليُبحِرَ في معاني ودلالات تتوحد فيها تجارب الأفراد أيا كانت خلفياتهم و مشاربهم وأماكن تواجدهم وحتى خلفياتهم الثقافية.
وهكذا سيكون لنا موعد بين الفينة والأخرى للحديث في هذا الركن عن مثل وعبرة من التراث الحساني:
و مثل اليوم هو: ]مْدْ أَيْدَكْ وَأَتْبَعْهَا، ولا[1] أكْرفْها وَأڭعَدْ عَنْدهَا[[2] يُضرب في الحث على فعل الخير لما يعود به من فضل على صاحبه، واجتناب البخل لأن البخيل إنما يقف عند حدود إحسانه على نفسه، ولا يتوقع من غيره إحسانا، لقوله تعالى: ﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾[3].
د, عبدالله عيلا
باحث في التراث الحساني وقضايا الترجمة
الداخلة – المملكة المغربية