تقديم:
أدب الرّسائل، يتضمّن جوانب مهمّة تقتضيها الكتابة الحرّة، والموضوع المسترسل، ويتضمّن هذا الأدب إشارات علمية، وإفادات فنّية، وإنشادات معرفية…
وفي هذه السلسلة ندرج بعضاً ممّا توفّر لنا من أدب الرّسائل التي التحمت فيها أرواح علماء شمال المغرب. وندرج في هذه الحلقات مراسلات (صادرة وواردة) من الفقيه الصدر الأعظم أحمد الغنمية رحمه الله، والتي أمدّنا بها حفيدة الأستاذ الأديب المرحوم عبد السلام الشرتي.
-78-
[من الصدر الأعظم أحمد الغنمية إلى محلّ ولَده السيد محمد الزّكاري، يلحّ عليه قبول صلح…]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله وسلم
محلّ الولد البارّ الأنجد، الفقيه سيدي محمد الزكاري رعاك الله، سلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد، فتأكيداً لما ظهر لي سلوكه بكتابي المحرر إليك اليوم من قبول الصلح في قضيّة الإرث والرّضى فيها بما سنح لي من أخذ ستة من عشرة، زدتك هذا تعضيداً لذلك المنظر الذي تحمدونه إن شاء الله تعالى، إذ لا يخفاك أنّ الحصول على كمال النّصاب وإجراء القضايا مجراها الحقي متعذر أو عسير، وعليه؛ فأرى نصحاً لكم وراحة بالكم وطرحكم أعباء الأفكار المبادرة لجوابي بقبول هذا الصلح، وقد استشرت فيه من أعلم موافقة مقابلكم لنظره، فظهر لي منه ارتياح له ومساعدة في السعي فيه إن أجبتم بقبوله، وهو مستعدّ للكتب لمن يسعى في إصلاح ذات بينكم هنالك، مراعاة لرحمكم في إلزام بنت عمّكم قبول ما اقترحناه إن رضيتموه، ومن الله تعالى نستمدّ الهداية لسبيل الرشاد، وعلى المحبّة والسلام.
في 5 ربيع الثاني عام 1351هـ.
أحمد الغنمية لطف الله به
-79-
[من الصدر الأعظم أحمد الغنمية إلى محلّ ولَده السيد محمد الزّكاري، في طلب صلح]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله وسلّم
محلّ ولدنا الأعزّ الأرضى، الفقيه الكاتب الأنبل، سيدي مَحمد الزّكّاري أمّنك الله وسلام عليك ورحمة الله، عن خير سيّدنا دام علاه.
وبعد، فقد وصل كتابك مبدياً فيه مزيد استيائك ممّا تراه جارياً في قضيّة إرث ابن عمّك المرحوم، ومقترحاً فيه ما اقترحته، وصار بالبال.
فلتعلم أنّ هذه القضيّة حيث جرت على الوجه الذي ذكرت، صار فصلها على الوجه الذي يرضيكم من قبيل ما لا يمكن، وقد تلقّيت من مصدر صحيح أنّ الحجج الذي بيد الخصم، وغن كانت في نفس الواقع كما تعلم، هي قوية جدّاً، ولذلك أرى أنّكم إن دعيتم للصّلح، أن تُجيبوا إليه، وقد شافهت بعض من له اطلاع على القضيّة، وتفاوضت معه في شأنها، فظهر له أنّ سلوك سبيل الصّلح فيها أوفق وأصلح، ووعدني بأنّه إن حصلت المساعدةُ من جنابكم على قسم واجب التّعصيب قسمين، فهو يقوم بمباشرة هذا الصلح مع الخصم، على أنّي مستعدّ لإعادة المخابرة معه ثاني مرّة، عسى أن يكون هذا الصّلح بجعل واجب التّعصيب عشرة أجزاء، ستّة منها لكم، والباقي للخصم، وعليه، فنحبّك أن تفاوض والدك بعد السلام عليه وعلى أخوتك في ذلك، وتجيبني بما يراه فيه، ونرجوا الله تعالى أن يساعد عليه حيث إنّ إجراء القضيّة إلى النّهاية يخشى منه على ما يظهر عدم النّجاح، وقد ألهمت رشدك في لزوم الحياد، فلتدم عليه، إذ هو اللائق برضائك، ووفور عقلك ونباهتك.
أمّا ما ذكرته في شأن الوظيف فهو شيء متعذّر لشغل كلّ الوظائف المناسبة لك بأربابها، وعلى فرض الحصول عليه بعد طول الانتظار لا أراه كافياً في شيء، وعلى المحبّة والسلام.
في 5 ربيع الثاني عام 1351هـ.
أحمد الغنمية لطف الله به
-80-
[من الصدر الأعظم أحمد الغنمية إلى محلّ ولَده السيد محمد الزّكاري، في طلب إنجاز وعد]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله وسلّم تسليماً
محلّ الولد الأبرّ الأرضى، الفقيه الأنجد، سيدي مَحمد الزّكّاري رعاك الله، سلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد، فلا زائد على ما بارحتنا عليه طالباً لك من المولى دوام الهناء، وأن لا يطرقك عناء.
هذا ولا زلت مشرئباً لما واعدت به غير مقيل لك في إنجازه، فإن صادفك هذا فقد فعلت، فحبّذا وتلك شنشنتك ومقتضى نجدتك، وإلاّ فالوعد دَين، وغريمُك لا ينظرك ولا يظنّ بك غير الوفاء.
وسلّم مني على الوالد والإخوة، وفّر الله جمعكم، وأقرّ بالأماني عينكم، وعلى المحبّة والسلام.
في 21 شعبان الأبرك عام 1351هـ.
أحمد الغنمية لطف الله به
-81-
[من الصدر الأعظم أحمد الغنمية إلى محلّ ولَده السيد محمد الزّكاري، بخصوص تسجيل ملك]
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله وسلّم
محلّ الولد الأبرّ، الفقيه سيدي مَحمد الزّكّاري رعاك الله، سلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد، فبعد مبارحتكم ورعاية الله حاديكم، والشّوق يناجيكم، صرت متطلعاً لإنجاز وعدكم، حتّى وصل فتصفحته فألفيتُه مؤلّف قد أبدى في ديباجته ما رفع عنه اللّوم، وحمى فكره عن بخس السّوم، حيث ادّعى في المسألة الاجتهاد، ونكب فيها عن مذهب من كان تضرب إليه من الإبل الأكباد، وليت شعري أدعواه تلك في خصوص مسألة المسح، أم هي مطلقة في سائر المسائل، ولا يخفى نباهتك حفظك الله، ما في تتبّع رخص المذاهب، كفانا الله المَعاطب.
وها الكتاب لازال عندي راجعه إلى أن يرد إليك بحول الله تعالى، والمؤكّد به عليكم الآن هو تسجيل الملك لندرك به العيد إن شاء الله تعالى. أمّا غيره مما شافتك بطلبه، فعلى هوادتك حتى يتيسر إن شاء الله، وقد حرّرت لك هذه العجالة، وعلى واقف ينتظرها ليذهب للمدينة مستعجلاً، والغرض الآكد هو الملف بارك الله فيكم، وعلى المحبة والسلام.
23 قعدة عام 1352هـ.
أحمد الغنمية لطف الله به
ومنه: واعلمني هل طوابع البسطة المرقوم عليها 15 هي خاصة بالصادرة عنكم أم هي عامة حتى في الوارد إليكم من المكاتب.
إعداد: يونس السباح