نحن وسبتة ؟ .. آه يا سبتة.. !
الجمعة 03 فبراير 2017 – 17:53:24
سبتة المدينة الاستراتجية تاريخيـًا التي كانت دائمًا محط أطماع بين القوى المتصارعة في البحر الأبيض المتوسط لم تفقـد قيمتهـا في الحـاضـر، إذ تشكـل إحـدى مَحَطَــات العُبـور البحرية المهمة من إفريقيا، وخاصة المغرب إلى الضفة الأخرى من المتوسط، و نقطة تجارية هامة بحكم “النظام الخاص” الذي تتمتع به.
أول ما يستقبلك قبل الدخول إلى هذه المدينة التي تعتبر قطعة من الغرب الأوروبي رغم وجودها جغرافيا بإفريقيا، هو المركز الحدودي المغربي>الإسباني والإسباني>المغربي، الدخول إلى سبتة والخروج منها يخضع للشروط المتفق عليها بين الدول فيما يتعلق بالتنقل بين الحدود، التأشيرة بالنسبة للبعض و جواز السفر فقط بالنسبة للبعض الآخر، لهذا أصبح جواز السفر الصادر في تطوان وما جاورها مطلوبا وازداد الطلب عليه بعد أن اكتشف الكثيرون أن التسوق من سبتة يعفي من التسوق في سوق باب النوادر أو سوق خديجة أو غيرهما.
صُفوف السيّـارات وطـوابير البشر تنتظر على أبواب سبتة قبـل القيـام بـإجراءات الدخـول والخروج في فَضــاءات أمنيــة، بــامتياز، يغلب عليها الحديد والخرسانة المسلحة والأسلاك الشائكة، تشعرك بالضيق، وكأنك تقوم بعمل خطير.
لهذا؛ ينتـابـك الشُعــور بالحريـّـة عندما تلمَس رجلك تراب الوطن، و يلف جلـدك شيء من الغـربـة عنـدمـا تتعـدّاه إلى عتبة سبتة حيث يطاردك بائعو الأورو وعيون العسس والحواجز، ويؤلمك عنف الحياة ومعاناة النساء والبحث عن سلع راكمت ماراكمته عبر الزمن من بريق قديكون لامعا أو خادعا.
ولأن منطق التبادل هو منطق السوق، فإن ثلج الأحاسيس المتضاربة يذوب شيئا فشيئا في كأس آخر من اللباقة الإنسانية الضرورية في الطريق إلى سبتة أو عند وجودك في قلبها. لماذا هذا التشوف الزائد إلى سبتة، رغم عنت الوصل، وليس إلى طنجة أوتطوان أوغيرهما؟. قد يكون مس الغرب الذي قتل بجنونه الكثيرين، رغم أنه لم تعد له نفس السطوة على العقول، وقد يكون جنون الاستهلاك وسحر العلامات التجارية الذي بدأ يغزو عالمنا، وقد يكون وهم الرغبة في التسوق الاقتصادي، أو السفر، أوالتجول أوالتعرف على أمكنة قريبة منا لكنها لا تشبه أمكنتنا…، أو كل هذا معا؟ ! كل واحد له أربه ويجيء إلى سبتة ليقضي وطره، سواء كانت له نظرة الجوار أو نظرة البعد، يلتقي الناس من كل الأعمار والسحنات واللكنات…
عند الدخول إلى سبتة وهم يراقبون ويترقبون، وعند الخروج منها وهم مستعجلون، يحكون ويتقاربون ويتعارفون، وفي سبتة وهم يتبضعون ويأكلون ويشربون ويتفسحون…لماذا لا تشبه مدننا مدينة سبتة التي نشتهيها بقوة وهي قريبة منها، سؤال ،والله، محير ! قد يكون لكل مشته جواب فتزيد الأسئلة لهيبا والتي تحتاج لكي نطفئ غلتها إلى جواب جماعي مازال مفقودا الآن!!!.