نكبة أنوال و الإبداع المسرحي
الجمعة 22 ابريل 2016 – 13:29:29
…و قد سعد الصالون الأدبي لنادي الإتحاد بحضور أدبي متميِّز ، إذ استضافت مجلة الروافد الأدبية الأساتيذ : الدكتور حسن الطريبق ، من أجل تقديم و توقيع إصداره الجديد “أنوال…في مواكب الإشراق ” ، بمعية الكاتب المسرحي الأديب رضوان احدادو و الناقد الأديب محمد أهواري ، الذين ربطتهم متانة طبيعة لغة الضاد كلاًّ واحدا . و الذي تتهددها الكلمات الأعجمية مع استخدام الحروف اللآتينية في كتابة اللغة العربية ، و كتابة الأعجمية بالحروف العربية . هناك جهات غربية غريبة تقوم بتمويل أي عمل “فني” يروم إلى عدم استعمال اللغة العربية و تعويضها بالعامية بالقدر الذي يدخلها في ليل سرمدي .
نمتلك حرية الكلمة في المجال الأدبي لندق ناقوس الخطر . إنَّ الأمة التي لا تحافظ على لغة ثديها لجديرة بأنِ تنال من الإذلال و الذلِّ بكل أصنافه . فالخطاب الثقافي ليس حكرا على طبقة معينة ، بل هو للجميع يستأثر به المنتجون له من بينهم مجلة الروافد الغراء … القوة و النفوذ على قدر الأمة و هويتها أدبيا و علميا للإنتاج الفكري . و هل تنحدر اللغة بانحدار أممها ؟ ما قولنا في الأدب و الشعر و المسرح إنِ حكَّمنا زمانه ؟ هل يكون منحطا كزمانه ؟ كلاّ ثمَّ كلا ، بل افتراء عليه . هوية اللغة نسق يؤثر و يتأثر بتفاعل عناصر الزمان و المكان . كلُّ الأدباء كانوا يتمنون سجالا أدبيا بين العقاد حين كتب عن الخيال في رسالة الغفران للمعرّي ، الأمر الذي استفزَّ الدكتور طه حسين ، مخالفا العقاد في رأيه . “المعركة ” إنِِْ حصلتِْ لأعطتْ ثمارا للأدب العربي . مدلول الأدب ثمرة القريحة و صدى الإبداع و الإلهام تتناقله الأجيال . إيمان العيان و البيان أنَّ طه حسين أديب عالمي .
و حتى لمّا انتقد ديوان إيليا أبو ماضي في ” الجداول ” . و على صورة المعارك الأدبية بين العقاد و بنت الشاطئ في مسابقة القصة القصيرة . على ضوء السجال الأدبي في المشرق العربي ، كان الدفاع عن الأدب بين محمد بن تاويت و الدكتور عبد السلام الهراس ، و مساجلات نقدية بين عبد الله كنون و عبد الرحمان الفاسي . كان أيضا الدكتور حسن الطريبق ناقدا لمحمد بنيس في ملفه النقدي ” المسألة النقدية من جديد ” القائمة على إيديولوجية معينة و التساند الحزبي الضيق ، لأجل قهر الخصم السياسي ؟ هل كانت التهمة ، تمازح بين القيم النقدية و التقليدية و بين المصطلحات و القيم النقدية السائدة في المنهج التأثري ؟ واجه الأديب حسن الطريبق “كوكبة” من الأدباء الأجلاء ، أطلق عليهم صفة ” التعاونية النقدية الاشتراكية ” . انطلقت “المعركة” على صفحات الجرائد الوطنية ، العلم و المحرر ، بين الأدباء و الخصوم الأدبي المنتمين إلى إيديولوجية معينة بنقد معرفي . كانت تلك المشاكسة الأدبية ، و نحن نحسن الظنَّ بأدبائنا . أمّا التوصيف الدقيق لطبيعة العلاقة بين اللغة ، لغة البيان و توظيفها في النص المسرحي ، و هل تأثرت بالتراكمية المعرفية التي نفتقدها في فكرنا العربي و لها بصمات على ثقافتنا ؟ القيمة الجمالية في الكتابة للدكتور حسن الطريبق ، انبجستْ مياهها في الصنيع الشعري للمسرح الأدبي في حرب الريف ، لتوحيد الوطن ، دعما للفكرة الوطنية ضد نذالة الاستعمار ، من الإشراق لرجال “شهداء” يدافعون عن أرضهم من المحتل الغاصب عند نظمه لأبيات :
شعارنا زمن له ِ~ تسمية أزلية
نجملها في كلمات ~ أربع قدسية
إسلامية عربية ~ مغربية وطنية
فلن يكون موطنا ~ للقوة الأجنبية
و رصدا للتحولات التاريخية ، و تكالب الاستحمار ، و لدحض استراتيجية تمزيق بلاد المغرب ، يبدع عقل الأديب من الخلق أبياتا :
المغرب الموحد ~ هو الشعار المفرد
لا فرق بين البربري~ في المغرب المعتبر
وبين العربي الأصيلْ~في العزم و المجد الأثيلْ
تأتي فكرة الإيمان ، وقد قذف العلي القدير الرعب في قلوب المستمرئين في غيِّهم ، عند نظم ما اختلجته قريحة الشاعر لمسرحيته :
لم أر الثأر كيف يؤخذ من غا ~ صب أرض كما رأيته في الريف
قدرة الله مكنتنا من النص~ ر عليهم بكل عز و تشريف
ثمَّ شهد شاهد من أهلها قائلا :
هذه نكبة سنفقد فيها ~ البعض من أهلناقد تهاوت جيوشنا وتداعت ~ كلها في مواقع التتريك
يلاحقنا الثوار من كل جانب ~ فما وهنوا من طول المتاعب
يحكي شاهد عيان أنَّ امرأة ريفية ، للاستحواذ على السلاح من يد العدوّ ، كانت تعتكف في خلوة من العرائش ، تتربص عند منبع عين من المياه الجارية و قد انحسر الماء عن بقاع كثيرة ، مستأنسة بنقيق الضفادع ، لمدة قد تطول ، إلى أن تستضيف (العين) عسكريا غاصبا للارتواء و السقاية ، فيضع بندقيته على قارعة البركة ، ثمّ حين تلامس شفتاه الماء الطاهر وهو على صورة القرفصاء، تنقضُّ المجاهدة عليه بمنجلها ، فترديه قتيلا . فحينئذ تصبح الغنيمة سلاح العسكري(اللفيف) .
تلك كانت إحدى مناهج حرب العصابات من إبداع البطل الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي (وهي ماركة مسجلة) .
كانت الأغلال في عنق المجرمين ، لمّا استعجلوا باغتصاب أرض بكر طاهرة . فأبدع الأديب في تشخيص المقام عند نظمه :
لقد دفعوا مهر عدوانهم ~ و قد كان أكبر من كلّ مهر
هناك حانت قيامتهم ~ و حان-على عجل-يومُ حشر
على لعلعات الرصاص ترامى~حديث الجهاد إلى كلّ برّ
الصورة المكتملة التي تعبر عن الإنسان المغربي تتجسد في مختبر المسرح الشعري الكبير تتلألأ في ثرية المبدع لخيال متعدد الأبعاد ، في تشخيصه للحدث :
قطعنا رأس الأفعى ~ لمّا أتتنا تسعى
هذي هي المكارم التي ما بعدها مكارم ~ تحققتْ بعد التجلد المرير و الملاحم .