على إثر نشر قائمة بأسماء المستفيدين من الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة للأغنية المغربية، وعلى إثر حالة الاندهاش الكبير والصدمة الصاعقة التي أصابت المغاربة لما تضمنته القائمة من مبالغ اعتبرها كثيرون إهدارا حقيقيا للمال العام، خصوصا إذا ما استحضرنا أن أغلبية الأسماء المستفيدة ليست ذي شأن فني كبير، وخصوصا أيضا إذا ما استحضرنا الظرفية العامة التي تمر منها بلادنا من الناحية الاقتصادية بسبب ما تزال جائحة كورونا تخلف من تداعيات سلبية على المردودية المالية. على إثر كل هذا، وما ارتبط به من بعيد أو قريب، شهدت منصات التواصل الاجتماعي حالة عارمة من الاحتجاج اتخذت أشكالا مختلفة لكنها صبت كلها في اتجاه إدانة مبادرة وزارة الثقافة.
ومعلوم أن وزارة الفردوس خصصت مبالغ غير مبررة، من الناحية الفنية التقنية، لدعم 459 مشروع فني بلغت قيمتها المالية إلى الملايير، رغم التأثير المباشر لجائحة وسببها الرئيسي في الانكماش الاقتصادي الذي تمر به بلادنا وما ارتبط به من فقدان لمناصب الشغل مست العديد من الشرائح الاجتماعية.
وحسب العديد من المصادر الإعلامية فإن الفردوس رصد مليار و 930 مليون سنتيم لدعم الجولات المسرحية، و314 مليون لاقتناء الأعمال الفنية التشكيلية والبصرية ودعم معارض الفنون التشكيلية والبصرية التي تنظمها أروقة المعارض المتخصصة، كما خصص مليار و 400 مليون لدعم مشاريع في مجالات الموسيقى والأغاني وفنون العرض والفن الكوريغرافي.
حالة الاحتقان الشديد، التي خلفتها قائمة الدعم، لم تقف في حدود ما عبر عنه المغاربة من مختلف الشرائح الاجتماعية والاقتصادية، بل شملت حتى فنانين كبار معروفين بريادتهم لمشوار الأغنية المغربية أعربوا عن غضب عميق في هذا الصدد وصل حد درف الدموع عبر فيديوهات تواصلية مع عموم المغاربة، وتأتي على رأسهم الفنانة لطيفة رأفت التي صبت غضبها الواضح على سياسة الفردوس.
كما أن حالة الاحتقان مست قطاعات أخرى اعتبرت هذا الدعم إهدارا واضحا للمال العام في ظرفية اقتصادية حرجة جدا، ويأتي هنا بشكل واضح موقف قطاع الصحة الذي تواجه، كما هو معلوم، بشكل ميداني مع جائحة كورونا دون أن يحظى بأي امتياز مالي استثنائي.
مغاربة الفايسبوك ومواقع تواصل اجتماعي متنوعة حولوا سياسة وزارة الثقافة المغربية في الدعم إلى مجال واسع لـ”التنكيث والتفكيه”، حيث تضمنت تدوينات وصور وفيديوهات مركبة مضامين ساخرة جدا تناقلها العالم بأسره.
من جانبهم، عبر المثقفون والكتاب المغاربة عن استهجانهم هلذه السياسة التي تبخس كل ما يرتبط بصناعة الكتابة عبر دعم هزيل ومخجل يقدم لمؤازرة للمنشورات المغربية، مقابل سخاء مفرط يوجه لمجالات الغناء والطرب والترفيه.
ومن خلال التدقيق في الأسماء الواردة بقائمة الدعم أكدت العديد من الجهات المتصلة أنها قائمة تخلو من أي بعد تضامني أو إنساني مرتبط بالضرر الذي يعيشه قطاع الأغنية في هذا الظرفية، وأن اغلب المستفيدين يتمتعون بظروف مادية مريحة جدا.
هذا إلى جانب الخروقات التي تضمنتها القائمة، حيث أنها تضمنت، حسب ما ذهبت إليه العديد من المصادر الإعلامية، أسماء وجمعيات ومؤسسات ومقاولات لم يتم التحقق في هوية استحقاقها القانون والأخلاقي للدعم.
جريدة “الشمال” من جانبها، ووعيا منها بحساسية الموضوع قررت تخصيص ملف كامل عن حالة الاحتقان، وهي بصدد ربط الاتصالات مع مختلف المرتبطين بالمجال لأخذ مواقفهم ذات الصلة.