حروب اختلط فيها “الحابل بالنابل”
الجمعة 11 مارس2016 – 11:00:24
…ثمّة حالات نَشاز لقضية الربيع العربي ، و على غرار ثورة الياسمين ، كتب أطفال درعة إشارات سياسية مطالبة بإسقاط النظام، علقوها على الجدران . لجأت أجهزة الأمن العسكري إلى تعذيبهم . فنكلَّ بهم و عذبوا و اقتلعت أظفارهم . فكانت آثار التعذيب على أجسامهم . و قد أوذي العالم العربي ” بأنظمة عثت في الأرض فسادا ” ؟ كان هذا النظام يريد قمع الثورة قبل أن تبدأ .
خرج ذويهم للاحتجاج سلميا و تبعتهم درعة التي خرجت هي أيضا عن صمتها ، فتبعها الشعب العربي السوري الباحث عن الحرية و الكرامة أسوة بالثورة التونسية . نتيجة ظلم النظام من إفقار الطبقة الفقيرة التي عانت من العجز و القهر و المعتقلات من أجل امتيازات رجال الأعمال “اللوبي ” الباحثين عن الهروب من الضرائب على حساب الطبقات الكادحة بمعية الحكام . انطلقت المظاهرات ، لأنَّ الشعب كان يريد منظومة الإصلاح . فلا يمكن تجريم الأطفال ، حينها واجهوا ، و بأوامر صادرة من أعلى الجهات ” للقتل ” . و أنْ يفتح ” الجيش ” النار عليهم بالدبابات و المدرعات ، فكانت القشة التي قسمت ظهر البعير .
اضطر الشعب لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم . فكانت الشرارة الأولى التي ذهب ضحيتها الطفلان ” حسام ” و ” حسام ” قتلا بالرصاص الحي . فانتفض قسم ضدَّ النظام و احتمى قسم بالنظام ، تحولت إذاك من ثورة سلمية إلى حرب إبادة بدعوى مكافحة الإرهاب؟ ثم انشقّ بعض الضباط عن الجيش غداة تأسيس معارضة من الائتلاف الوطني . تدخلت إيران مع حزب الله لصالح النظام الذي يزعم حجة ” الإرهاب ” كذريعة يستخدمها لقمع شعبه . كانت بعض الظروف الدولية مواتية للنظام ، ليس على سبيل التحليل أو الاستنتاج ، من أجل أن يستخدم كذبة الإرهاب شماعة للمجتمع الدولي . فالدولة السورية شيء و النظام شيء آخر . ليس هنا إمكانية للحديث عن الشرعية في سوريا ” لنظام قمعي”. وهو يبحث عن الحجج لإبقاء مصالح الطغمة النظامية للحفاظ على ” أجهزة الدولة الأمنية ” في سوريا لكي يبرر القتل . ارتكب جرائم ضد الإنسانية باستخدام السلاح الكيماوي و البراميل المتفجرة . لا غرو في ذلك إنْ كانت طبيعة العقد الذي يقوم عليه النظام السوري الطائفي ، للأكثرية يجب أنْ يكون لها التمثيلية الأكثرية . إذ للنظام مواطنون من الدرجة الأولى و الدرجة الثانية ! هي دولة قائمة على عقد اجتماعي طائفي . هذا العقد هو الذي تدور حوله الحروب بانتهاكات لمبادئ حقوق الإنسان . فكل الدول التي كانت تقوم على أجهزة القمع تنعدم فيها الحرية و الكرامة و الاستقلال . فحين طالت روسيا (نوع من الاستعمار ) بطائراتها المعارضة المعتدلة و المستشفيات ، أصبحت صاحبة الكلمة العليا في سوريا ، جزاء ( لروسيا ) لها بإبادة شعبها . هل لروسيا أنْ تبني سوريا ديمقراطيا ؟ هي ديمقراطية على أساس ( صفقة ) أنْ تستدعي دولة أجنبية لقتل شعبها للحفاظ على عدم إزالة ” الدولة ” أم النظام ؟ اللاعب الأبرز الذي لا يمكن لروسيا إلا أن تكون عرّابا ؟ إذا ذهب الأسد من يضمن أنْ يحمل الناس السلاح ؟ فبقاء الأسد موقف روسي و لا يشكل مشكلة لها ؟ فجيشه وهو يقتل “شعبه” ، هل هو وطني شرعي ؟ أم هو مليشيات ؟ دمّر مصحات و مدارس و مساجد و كنائس و آلاف السنين من الحضارة الإنسانية . فأما القتلى فحدث و لا حرج . ثمَّ المناطق المحاصرة ( من 8،1مليون شخص و 5،4مليون يعيشون في مناطق يصعب أن تصل إليها المعونات ، وكلُّ ذلك من أجل شخص واحد ( وهو ربهم الأعلى ) ؟ و مازال الشعب يؤمن بالثورة حتى ينتهي إليها ….
هي جرائم لعقاب جماعي ” ماركة مسجلة ” إسرائيلية أقدم عليها النظام السوري في درعة و حلب و على طول و عرض خريطة الشام ، تسببت في أبشع جرائم القرن الواحد و العشرين ، إذ بجثث الأطفال و الصبيان تطفو على سطح البحر ” الأسود ” المتوسط . لجوء المهاجرين من جرائم النظام إلى البلاد الاروبية عبر البحار .
مما زاد الطين بلة أنَّ عدد من الدول الأروبية لها موقف متشدد و عدائي من اللاجئين من بينهم النمسا التي ترغب في إقصاء اليونان من معاهدة ” شينكين ” إن هي لم تغلق أبوباه بحارها في وجه السوريين و العرب ، وهم يشكلون خطرا على أروبا ؟ فكل من ارتكب جرائم في حق السوريين و العرب ، يجب أن يحاسب و يحاكم إنْ عاجلا أم آجلا . وقد أسلموا أمرهم لله . فيومئذ لا ينفع للذاكرة سباتا شتويا من استحضار أحداث سوداء للطغمة العسكرية لانقلابها سنة 1966م برئاسة المدعو ” بوكاسا ” على دولة إفريقيا الوسطى بتنصيب نفسه إمبراطورا على شعبها في مسلسل تراجيدي من مسرحية ، سخرية القدر . أسوة بهؤلاء الطغاة المارقين أجهز سنة 1973م بانقلاب عسكري الجينرال ” أكوستو بينوشي ” على صناديق الإقتراع و شرعية الرئيس المنتخب الدكتور ” أييندي ” ، حيث تعرض لجريمة قتل في عقر رئاسة الجمهورية بقصر ” لا مونيضا ” . أعقبه انقلاب عسكري سنة 1976م أطاح الجينرال ” فيديلا “بالرئيس الشرعي ” بيرون ” ، و علق الدستور و حل البرلمان ، ثمّ أعدم الديمقراطيين و الوطنيين من المعارضة . فكانت عاقبة المنذرين أحكام بالإعدام أو المؤبد بعد حين . فالثائر الحق هو الذي يهدم الفساد و يرد الظلم لأصحابه . ندافع عن أغلاطنا و نعلم أننا لسنا على حق . قال رسول الله –صلعم- :
لولا عباد الله رُّكع و صبية رُضّع و بَهائم رُتّع لصُبَّ عليكم صَبّـا ثـمَّ لـترَصُنَّ رَصّـا .