أكيد أن وتيرة الاقتصاد المغربي عرفت تقهقرا سيئا إبان مرحلة هيجان وباء كرورنا، وأكيد أن مرافق اقتصادية عديدة تضررت من ذلك. مس الأمر تقريبا كل القطاعات الحيوية …في الصناعة في الفلاحة وفي التجارة.
غير أننا، ومع قرار الرفع التدريجي للحجر الصحي، وتقسيم المملكة إلى منطقتين وبائيتين، قصد محاصرة الانتشار العشوائي للوباء، فإن قطاعات اقتصادية كثيرة بدأت عودتها للدوران من جديد. طبعا وفق الالتزام الحازم بالشروط الصحية المنصوص عليها من قبل الخبراء الصحيين بالمغرب.
فبعد أكثر من ثلاثة أشهر على ولوج المملكة حالة العزل الكامل، ها نحن نلاحظ إيقاعا مضطردا في شروع العديد من الشركات والمحلات التجارية والمقاهي والمطاعم وعموم المرافق ذات المصلحة العمومية في فتح أبوابها مع المغاربة لقضاء شتى أشكال احتياجاتهم. غير أن الامر يستدعي توضيحا مفصليا، وهو أن هذه العودة الاقتصادية لم تعدم أبدا استراتيجية الاستناد إلى طقوس وتقاليد جديدة في دينامية سوق العمل، ولم تعدم تبني شروط صحية أشد صرامة في ما يتعلق بالاتزام بجميع مستلزمات الوقاية من ارتداء للكمامات وتحقيق للتباعد الجسدي الجغرافي، وتوفير كل متطلبات وسائل التعقيم ووضع الحواجز الواقية وتهوية فضاءات التجمعات العملية.
وبالتوازي مع ذلك، أطلق المغرب حملة وطنية لتشخيص وباء “كوفيد-19” لدى العمال في مجموع شركات القطاع الخاص، قصد تحقيق المحاصرة الشديدة لانتشار الوباء من جانب، وقصد معاينة حجم التزام مسؤولي هذه الشركات بالقرارات الحكومية الوقائية..
ومعلوم أن جلالة الملك محمد السادس، وفي أفق استئناف الأنشطة الاقتصادية في ظروف آمنة كليا، دعا وزارة الصحة لجعل جميع مواردها المادية والبشرية في الخدمة العاجلة من أجل القيام بعملية تشخيص واسعة.
من جانبه كان السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قد عقد في الأيام الأخيرة لقاءات مكثفة مع الأحزاب والنقابات وممثلي الشركات والفئات المهنية لتدبير مرحلة ما بعد رفع الحجر الصحي ومواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي خلّفها التوقف الاقتصادي في مرحلة الطوارئ الصحية.
ومعلوم أيضا أن جمعية اتحاد التجار والمستوردين بالدار البيضاء كانت بدورها قد عرضت في لقائها مع الحكومة الإجراءات التي تقترحها من أجل إنجاح عودة النشاط الاقتصادي المغربي إلى الواجهة.
من بين هذه الاقتراحات التي اعتمدتها الجمعية تنظيم حملات توعوية في صفوف التجار تشدد على إجراءات الوقاية الأساسية وتنظيم العمل بشكل يراعي التباعد الجسدي، واعتماد التكنولوجيا في التواصل مع عملائهم.
وتعمل الحكومة حسب ما أعلن رئيسها سعد الدين العثماني في لقاءات مختلفة على وضع خطة لإنعاش الاقتصاد تقوم بالأساس على تعديل موزانة 2020، وهي الخطة التي ينتظر تقديمها في الأسابيع القليلة المقبلة.
وتراعي الموازنة المعدلة توقعات تراجع معدل النمو وانخفاض المداخيل الضريبية وتركز على الاستثمارات العمومية، وينتظر عرض التوجهات العامة لهذه الموازنة قريبا على المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك المغربي وبعده على المجلس الحكومي ثم إحالتها إلى البرلمان.
وستكون أولوياتها -حسب رئيس الحكومة- هي التعليم والبحث العلمي والصحة والتشغيل والحماية الاجتماعية ودعم الإنتاج الوطني والتحول الرقمي.
• عبد الإله المويسي