قابيل و الحروب العبثية !؟
الجمــعــــة 17 مارس 2016 – 11:50:36
…نزفت قلوب ذوي الأرحام و تسللت في صورة “حق” و في حقيقتها باطل ، من العراق و سوريا و اليمن إلى ليبيا ، حيث يتقاتل فيها الإخوة بمنكر من القول و الزور . و بصيحات لصفة المطلق ، لإسم الجلالة ” الله أكبر” لجملة حق خبرية في الأزل . أول “جريمة” في تاريخ البشرية من (قابين) قابل لأخيه هابيل ، ومن باب توخي الموضوعية ورث الإنسان النكبة عن (من) السلف إلى الخلف . كما جاء في محكم التنزيل : فطوَّعت له نفسه قتل أخيه فأصبح من الخاسرين – صدق الله العظيم –(الآية 30من سورة المائدة ). هل هي حمية الجاهلية ؟ الليبيون هم من يملكون القدرة على الحل ، لإقناع هؤلاء الأطراف المتناحرة و هي طبيعة الأزمة ، حينها يستطيع تعايش الفرقاء لحسم صراعاتهم . كان يغلب على الظن عند توقيع اتفاق الصخيرات ، سوف يُخرج ليبيا من أزمتها ، إذ توصلت تلك الأطراف إلى صيغة تفصل السلطات التشريعية عن التنفيذية لإيقاف الحرب العبثية . فتأكد حصول تقدم في هذا الشأن من أجل جمع الشمل الليبي ، بعد اتفاق على تشكيلة حكومة كاملة .
و على الأقل توفر الآليات لعدم العودة إلى حل الصراعات بقوة السلاح . و على الأقل أيضا اتفاق الصخيرات بتاريخ 7/12/2015م الذي أخذ مدا و جزرا منذ مدة ، ينص على إعادة إدماج المسلحين في الجيش الرسمي . ثم يضمن لكل منهم الخروج ، إلا من كانت يداه ملطخة بالدماء . لفهم الواقع المجتمع الدولي راعى و ساهم في شخص نائب الأمين العام للأمم المتحدة ، في هذا الاتفاق . ربما لم يحدث ذلك أمام معضلة الأقلية التي ترفض و تعرقل إلى حد كبير عمل الحكومة . وهي تُعِّقد أيضا الملف سياسيا و أمنيا . كل واحدة من الجماعات تصنف غريمتها بالإرهاب . لعلى دور الجار بالجنب شرقا لم يساهم في تمرير عملية حكومة الصخيرات ، وهو يعيق العملية السياسية خوفا من الديمقراطية ؟ إذ كان بإمكان إتمام الأمتار الأخيرة من أجل الوصول إلى شاطئ النجاة ، لولا عزم الدول العربية و الغربية إلى التدخل في ليبيا ، “فضلا” عن تدخل قوات(الجنيرال المتقاعد) حفتر إلى بنغازي . هل يعني ذلك وداعا للثورة الليبية ؟ إذا سلمنا جدلا فشل الأمم المتحدة ، وقد تزامنت مع وصول الطائرات الفرنسية على حاملتها (شارل دكول ) إلى البحر الأبيض المتوسط ، ثم إنزال الطائرات الأمريكية على القاعدة الإيطالية للحلف الأطلسي . فيجب حتما إنْ كان التدخل ، أن تكون له صفة قانونية عن طريق الأمم المتحدة . و ليس استغلالا من بعض أعضاء مجلس الأمن لتتكرر مهزلة العراق ، للحفاظ و الدفاع عن أجندات سياسية شخصية .
استطاعت السعودية في الأربعينيات من القرن العشرين في توحيد الطوائف الليبية بمعية الأمم المتحدة ، فساهمت في استقلال القطر الليبي سنة 1951للميلاد . على غرار ذلك و لثقلها الإقليمي ، هناك دواعي مبادرة سعودية من أجل الضغط على الأقلية الرافضة مع المجهودات التي يدعمها المجتمع الدولي ، بموازين القوى . للدور السعودي ، ثقة من لدن الليبيين موجودة و متاحة وهم ( الليبيون) لا يمانعون بدور إيجابي من أجل توسيع دائرة التوازن داخل صراع الإخوة . هل يمكنها لملمت كل هذه المواقف المتناقضة ، لمبدإ تجمعي و تشاركي ، إذ هي لا يجب عليها أن تفرض طرفا عن طرف أو تنحاز إلى طرف . ينبغي عليها أن تكون على نفس المسافة من المتقاتلين . علاقتها “الممتازة” سوف تحول السلبي إلى إيجابي ! و كيف لها أن تفتح معضلة جديدة ، و المفصل عندها هي سوريا و اليمن ، على غصتها و خاصرتها ، و ليست الأطراف الليبية . يرتسم تدخلها على مستوى الديبلوماسية ، بإشراك جميع الجماعات المسلحة باستثناء ما اصطلح على تسميته بالإرهابيين ؟ و من هؤلاء الإرهابيون في خضم صراع يحتدم بين زعماء الطوائف وهم زعماء الحرب ؟ إن كانت خصوصية ليبيا أنَّ مجتمعها متدين و ليس له مساحة فكرية إرهابية و ليس لها حاضنة اجتماعية . و أنَّ هذا المجتمع يرفض هذه التميزات ، فمن يقحم أنفه ، إنْ كان سياسيا أو حتى عسكريا ، لاستغلال هذه الخلافات ، إنْ لم يكن الغرب من أجل النفط العربي ؟ إلا أنَّ ” الخيانة ” فطرة في دم من في قلوبهم مرض ، وجدوا أنفسهم في منطقة فارغة عجزت ” الدولة ” عن احتضانها ، وهم المستفيدون و الغرب من العرقلة بين الفرقاء السياسيين . ما لم توجد حكومة موحدة تجمع الشتات . للسعودية دور و مسار جديد لن يكون مجديا في خضم إصرار” البعض” على التهويل في ليبيا .
أهي استراتيجية “غربية” لبلقنة منطقة الغرب العربي ؟ بعد الانقلاب العسكري في أرض الكنانة على الشرعية ، الذي يقود النظام فيها حربا ” قذرة ” على الإخوان ؟ و هل يقبل هذا النظام بوجود عناصر من هذه الجماعة على حدوده ؟ حتى و إنْ كان تنظيم الإخوان في القطر الليبي محدود جدا . فهم لا يشكلون قوة على الأرض . كان لهم دور للوصول إلى اتفاق سياسي في الصخيرات . إنما مشكلات ليبيا مع الأقلية المتطرفة التي تحاول فرض أجندتها ( إنْ لم تكن أجنبية ) بالقوة . إنْ تقهقرت (سيناريو) مبادرة السعودية و أظلت مقيمة في مهب الريح . و في حالة انهيار “الدولة ” فيجب ( و هو المراد من السيناريو ) أن تقوم قوات غربية بإنزال على السواحل ، بتدخل عسكري في ليبيا للحفاظ على مصالحهم بذريعة القضاء على الإرهاب و ليست لإحلال السلام . التدخل البريطاني و الفرنسي و الإيطالي في الساحل الليبي ، “دفاعا” عن “الأمن القومي ” لهذه الدول الاستعمارية .
و ذلك على مشجب مهترئ ، ليس هو إلا نسخة من مسلسل “بوش الإبن ” في العراق ، تتوجس منه تونس و الجزائر …يعقبه تدخل ” للعام سام ” لارتباطه باغتيال السفير الأمريكي في مدينة بنغازي، و ليس لمطية السلام الذي يتغنون به . وهل الأمن القومي الأمريكي هو أيضا في خطر ؟ و هم يملكون قرارات مجلس الأمن ! فالتدخل الأجنبي سوف يزيد من عرقلة الأمر و يفضي إلى إبادة الشعب الليبي . و مما يزيد الحنضل خمطا “الأخ” الجار الانقلابي على التخوم الشرقية و قد مََثّلََ “معجزة لإسرائيل ” ، جاء هذا التصريح على لسان الصهاينة . الانقلابيون يعتمدون “مجاملة” الغزل لإسرائيل كظاهرة من مظاهر إيصال رسالة إلى أمريكا من أجل الاعتراف ” بشرعيتهم ” و للحرص على ضمان الدعم الدولي للنظام المصري ، حتى و إنْ ُطلب منه الإنزال العسكري في ليبيا ، فهو رهن الإشارة !…
قال عزَّ من قائل جلَّ في علاه : ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون – صدق الله العظيم –سورة الروم ، الآية 41