رؤوس أفكار..
اللغة أداة اتصال وتفاهم وتعبير وتحصيل وتفكير وتوثيق..
تعليم اللغات أولوية حضارية تتيح التفاعل المطلوب مع المستجدات بمختلف أنساقها..
أولوية اللغة الوطنية بوصلة لبناء المواطنة الموحدة..
التعدد اللغوي في البلد الواحد ميزة ثراء فكري وليس مجالا للدخول في منازعات عنفية وإيديولوجية مسخرة لأجندات سياسوية..
من حسن طالع المواطنين المغاربة أن الدستور الجديد نص على الثراء اللغوي بالمغرب في إطار رؤية مستشرفة للمستقبل على قاعدة توافق مواطِن..
الذي يرفع من شأن اللغة هو سعة مفهومها وتعدد زوايا النظر إليها في إطار وظائفها الطبيعية الجامعة الموحدة..
ملامح عن الوضع اللغوي بالمغرب..
تميز المغرب وما زال بتعدده اللغوي الممتد في جهاته شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.. تميز بمستويات الدوارج العربية والأمازيغيـة : تريفيت، تشلحيت ،تمازيغت، بالإضافة إلى اللغتين الإسبانية والفرنسية.. لكن هذا الوضع يعرف نوعا من التخبط والحيرة في التماس مداخل علمية للسياسة اللغوية بالمغرب.
مازالت اللغة الفرنسية؛ لغة المحتل بالأمس القريب سائدة في مواقع إدارية وسياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية وتعليمية نافعة، ولم تتمكن شعارات الإصلاح اللغوي من الخروج بقاعدة صلبة في النظر تراعي مبادئ الهوية المواطنة الجامعة وحاجيات مواكبة العلم في بلدان التقدم..
ثمة تجاذب حاصل بين العربية واللغات الأجنبية، ومن ثم فإن إصلاح التعليم يتعين أن لا يسقط في النظر الدوني للغة العربية بوسمها عاجزة عن مواكبة حقول المعرفة والعلم، ولدينا أمثلة عديدة على قدرة بل براعة العربية في استيعاب العلوم المعاصرة ونموذج ذلك ما قام بإنجازه البرفسور المغربي محمد البغدادي، في خمس مجلدات، بعنوان” أسس الفيزياء المعاصرة”..
إن تدريس اللغات الأجنبية يجب أن يحظى بأهمية كبيرة لارتباطها بالمجالات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، مع إعطاء الأولوية للغة الإنجليزية لكونها رائدة في المجالات المذكورة.
ولعل المشروع الجديد “الباكالوريوس” قد يكون بابا في هذا المنحى رغم كونه لم يحظ بنقاش علمي وموضوعي من طرف كثير من المختصين والممارسين والمهتمين..
إن المطمح المبتغى لإصلاح البنيان التعليمي في المغرب يقتضي الاستناد إلى رؤية استراتيجية منفتحة على الرهانات الكونية وخاضعة لتقويم منتظم احتكاما لمرتكزات الحكامة المطلوبة وهذا يفرض رفع التحدي وتأهيل اللغة الوطنية بتوحيد جهود المؤسسات العلمية ومديرية المناهج بالوزارة الوصية..
القانون الإطار 51/ 17والهندسة اللغوية..
من أهداف النموذج البيداغوجي الجديد تجاوز التلقين والشحن واستبداله بمنطق تعلم وتعلم ذاتي ينمي النقد ويزكي المبادرة بواسطة تفاعل مبدع بين التلميذ والأستاذ..
وفي هذا المسعى تنبني رؤية المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على:
- اكتساب اللغات والمعارف والكفايات والقيم..
- رفع تحدي الفجوة الرقمية..
- توسيع فرص النجاح المدرسي..
- التقليص من نسب الأمية ..
- تحقيق وحدة المدرسة من حيث الأهداف و الأساليب..
كما تنطلق الهندسة اللغوية الجديدة من:
- تطوير تدريس اللغات مع مراعاة التكامل والانسجام داخل المنظومة التعليمية والتربوية..
- اعتماد اللغة العربية لغة التدريس لكونها اللغة الرسمية للدولة ومقوما رئيسا للهوية المغربية..
- حضور اللغة الأمازيغية لكونها لغة رسمية ورصيدا مشتركا بين المواطنين المغاربة..
- مراجعة مناهج وبرامج تدريس اللغات الأجنبية في أسلاك التدريس..
وهذا ما تجليه البيانات الخاصة والموجهة للتعليم الأولي والابتدائي والثانوي والعالي والتكوين المهني..والمطالبة بتفعيل أكاديمية محمد السادس للغة العربية، والمجلس الوطني للغات والثقافة بالرجوع إلى المقتضيات الدستورية..
خلاصة..
يواجه المغرب إكراهات وتحديات نابعة مما تفرزه ظاهرة العولمة، وهذا يفرض عليه أن يُسَرِّعَ تحديث مؤسساته التربوية استنادا إلى تعلم اللغات الأجنبية مع الحفاظ على لغته الوطنية العربية والأمازيغية..
فدوى أحماد