أرْكبت البحر تعظيما
الجمعة 23 دجتبر 2016 – 10:01:45
…الذلُّ و الإذلالُ لأمة لا تحافظ على لغة القرآن الكريم . و استخدام الحشو الأعجميِّ بين الكلمات العربية ما هو إلا دَسِّ سُمٍّ في عسل عربي مبين. اللغة هي الملكة التي أنعم الله بها عز و جلَّ على الإنسان . فلا مناص للعرب في المحافظة على هويتهم اللغوية و الروابط المتواشجة بينمهما ، لاسترجاع مكانتهم العلمية .
مَنْ يُفرِّط في اللغة العربية إنما يفرط في هويته و كرامته و عِرْضه، و يُعرِّض نفسه للمسخ و التشوه ، و تصبح أمة عربية بدون قلب .
أجادَ الأساتيذ، كما أجاد قبلهم شاب قدِم من الأحواز ، عالي الهمة ، أخطأ في العربية فكسَّر القلم ، قائلا : لن يكتب إلا أن يتعلم اللغة العربية. ألف كتابا يحوي في كنهه عدَّة كتب ، فاشتمل على جميع ذلك العلم . فأحاط بغنى كتابان ، و ثالتهم ، كتاب سيبويه. حتى أفتى الناس في الفقه من كتاب سيبويه .فكانت صنعة النحو على عقل سيبويه ، ثم صيغتْ على هذا النحو. الشرط المعاصر لكتاب سيبويه ~ أرْكب البحر تعظيما ~ . أضاء الجاحظ عبقرية سيبويه برأيه عندما أخذ كتابه ، فلم يجدْ أشرف منه. كانت رسالة دكتوراة لأحد الأساتذة الأجلاء بعنوان : رافع في زمن الغربة الشديدة . و هي لبنة بقطوف دانية و بريح طيبة .
شيوخ عديدون اجتمعوا على شرح الكتاب وهي عُدَّة للذي أراد أن يركب بحر هذا الكتاب ، في منهج البحث في اللغة و البلاغة و مدخلا لحِجاج في النحو . هو كتاب يستغني و لا يُستغنى عنه . الكتب الكبرى في الاستعانة و الإحالة عليه لا تنقطع ، عربا و عجما .بسط مسلئله و فروعه و شرح أبوبه و معاني أمثلاته ، إذ لا يدَّعي أحد من العلماء الإحاطة به ، فما زالت إشكالات تحتاج إلى اجتهاد على النحو الذي أراده سيبويه المُفترى عليه ، ظلم من الإسقاط ما لم يحتمل .
أصبحت حتمية إحياء ذكرى اللغة العربية في الظرف و الزمان العصيب . كتاب سيبويه في اللغة العربية بنسختيه الفرنسية و بولاق ، عملا اجتماعيا على مستوى المؤسسات و ليس فرديا ، هو صياغ طويل لم ينته إلى اليوم . أحد الأساتذة في نسخة ، اكتشف نظرة جديدة ، ولم يُرتَبْ ترتيبة كما ينبغي ، لمنهج علمي ، و نشره و طُبع طبعا كلملا ، و فيه كفاية أو ليس فيه كفاية . مستوى الجودة تختلف بأنه حسن أو أحسن أو جيِّد . لا بدَّ من توحيد الجهود ليلجأ إليها الباحث في لأي مكان من الأرض . المشاريع الضخمة لا يمكن أن ينفرد بها الأفراد . فيجب أن يجتمع عليها المجهود بالمركز العالمي الدولي للبحث عن كل ما كتب عن سيبويه ، بالإنجليزية كانت أم بالفرنسة ، وهذه الأخيرة هي أول وسيلة نشرت للنسخة العربية .
ثمرة الخلاف بغض النظر عن قائله . و ربما ينقل عن النحويين ، و يخالفهم بكثرة المصادر إلى منزل القائل . أعجبٌ لأعجميٍّ يرُدُّ على عربي . أبو حيان في ناصب المستثنى ، لا يُجدي . و نون المثنى اختلفوا فيها ، أبو حيان لم يرَ فيها فائدة . و هي التي تمثله النحويون فيمن سبقوه . إثبات النظرية النحوية فيما هو أجدر بالبحث تفسيرا و تحليلا و استنباطا ، من غير مساس بالأصول و التراث . فيما أدى إلى حكم لفظي أو معنى. بقي المسائل في تراث النحويين هل ينطبق أم لا . أطلقه أبوحيان و تبعه في ذلك علماء المدرسة الواحدة.
ثمَّة نصٍّ للشاطبي في أصول الفقه و نظرية المقاصد .فمدار العناية أن يحصل القصد .ظاهر في اللفظ و المعنى .لا يبنى أي حكم ، ويراها الشاطبي ، لما تُمسك بالظاهر عن الظاهرة .لمّا صاغ لما فيه قصد البيان. مسائل حُكم عليها بقلة الجدوى كانت سبب الاختلاف ، ذلك لعدم فهم كتاب سيبويه . فقيل هذا الرجل قليل النظر ، و حين أمعن النظر في كتاب سيبويه فهِمَ . مالم يقارن لبعض الضمائر و المسببات . فالنحوي يمتلك الملَكة و درس النحوَ . الملكة لا تحصل عليه ملَكة . لابن خلدون : الصياغة ، التتابع و التواني ، و تقسيم سياق النص ، و تنسيقية النص ، و داخلية اللغة داخلها و خارجها . السياق في تعليم الألسن متعلما إلا أن يستطيع الإنتاج الفعلي كلاما و كتابة . متعلما باللغة أو عارفا باللغة . تعليم الألسن مفهوم التواصلية ( طومسكي ). و صنعة أبو اللسانيات يدخل دور العقل لنظرية الملكة للغة . فالكفاءة اللغوية و الكفاءة الاستراتيجية ، وهي التي تعطينا في تتبعها الاستعانة ، من أجل إيصال الرسالة للتداول . تركز عليه رسالة اللسانيات بين التراكيب (الكفاءة ) . سيبويه وعى فجمع في كتابه لكي يُمكن متعلمي اللغة لا مُجرَّد عارفي االلغة . فاللغة وليدة بيئة معينة .حين تنجز تكون في مستوى النسق. في أمثلة سيبويه.
عَكسَ صورة المجتمع العربي تتبدَّد في أمثلة سيبويه . نجد عبد الله و زيد و عمرو ، و لا نجدُ أسماء النساء لانَّ المرأة دائما مستورة . بل إنْ كان ذكرا أو أنثى ، إنما هو يُذكر من حيث أصل المذكر و الأنثى هي الفرع .
لغتنا العربية أداة العلم و المعرفة ، ثراء في مفرداتها ، بحار لا شواطئ لها . و على العرب مهمة البحث العلمي و الابتكار و الخَلق و الاكتشاف، و الأستاذية ، حتى لا نرضى بالتقليد الأجوف و بلادة التتلمُذ على الغير. لغتي العربية هي مسكني و موطني و مستقرِّي . من خلال عيونها أنظر إى بقية أرجاء الكون الواسع.