أسكّاس مباركي 2967 : السنة الأمازيغية الجديدة
الجمعة 20 يناير 2017 – 11:33:10
احتفلَ أمازيغ العالم ومعهم أمازيغ المغرب، بالسنة الأمازيغية الجديدة 2966 التي تبدأ في 13 يناير في التقويم “العجمي” وهو تقويم فلاحي يكرس ارتباط الأمازيغ بالأرض ويقوم على أساس تنظيم الحياة الزراعية والاجتماعية والسياسية في المجتمعات الأمازيغية منذ عهود قديمة. وقد انطلق هذا التقويم من قصّة اعتلاء قائد أمازيغي “شيشنيق” أو “شاشانق” أو شيشاق” أو “شوشنق”، عرش فراعنة مصر بعد انتصاره على جيوش رمسيس الثاني في معارك ضارية في بلاد بني سنوس، قرب تلمسان، وموت آخر فراعنة الأسرة 21، “بسوسنس الثاني” الذي تزوج الفرعون الأمازيغي ابنته السنة الأمازيغية لم تنطلق من حدث ديني كما هو الشأن بالديانات الإسلامية أو المسيحية أو حتى اليهودية، بل من حادث سياسي أرخ لوصول “فرعون” أمازيغي إلى عرش مصر.
وحسب العديد من الروايات التاريخية، فإن بداية التقويم الأمازيغي التي كانت في العام 950 قبل الميلاد، لا ترتبط بمرجعية أسطورية أو عقائدية أو دينية كما هي الحال بالنسبة للتقويمات التي يبقته، خاصة اليهودية والمسيحيو والاسلامية، بل بحدث سياسي تاريخي، يسجّل انتصار شعب الأمازيغ على فراعنة مصر وارتقاء القائد الأمازيغي “شيشنق ” (950 ـ 929 قبل الميلاد) عرش رمسيس الثالث، ليعطي بذلك انطلاقة الأسرة الأمازيغية الثانية والعشرين في سلسلة الأسر الفرعونية التي حكمت مصر، كما أن هذا التقويم يؤرخ لمرحلة تاريخية فريدة. انتصار أمازيغ شمال افريقيا على فراعنة مصر، على ما شتهروا به من قوة وعتاد ونفوذ واسع في منطقة الشرق الأوسط ، غيّر مجرى تاريخ العالم، ولا زالت أخبار هذا الانتصار العظيم محفورة بتفاصيلها على جدران وأعمدة معابد فرعونية عديدة خاصة في مدينة الأقصر.
هذا الانتصار العظيم الذي حدث العام 950 قبل الميلاد، اختاره الأمازيغ ليكون بداية لتاريخهم ولتدوين تقويمهم السنوي الذي لا يختلف كثيرا عن تقويم يوليان (جوليان) الروماني . على أن بعض الدارسين يرون أن التاريخ الأمازيغي قريب من التاريخ القبطي المصري. فكلا التقويمين ينبني على ثلاث سنوات مكونة من 365 يوما ومن سنة كبيسة من 366 يوما مع بعض الاختلافات بخصوص حساب شهر فبراير. السنة الأمازيغية تنطلق إذا من انتصار القائد الأمازيغي “شيشنيق” أو “شاشانق” أو شيشاق” أو “شوشنق”، عرش فراعنة مصر بعد انتصاره على جيوش رمسيس الثاني في معارك ضارية في بلاد بني سنوس، بالمغرب الأوسط، وموت آخر فراعنة الأسرة 21، “بسوسنس الثاني” الذي تزوج الفرعون الأمازيغي ابنته. شيشنق (950-929 ق م) هو ابن نمروث من تنتس بح، من قبيلة المشواش الليبية ويعتبر مؤسس العائلة الثانية والعشرين، تولى الملك بعد وفاة آخر ملوك العائلة 21 الفرعونية وأسس الأسرة الجديدة عام 950 والتي حكمت مصر زهاء قرنين من الزمن (950 – 730). وجاء ذكره في كتب الاغريق باسم الملك سوساكوس. وقد تزوج ابنة بسونسن، آخر ملوك العائلة الواحدة والعشرين.
كما ورد ذكره في االتوراة كملك قوي رفع من شأن مصر وسيطر على العديد من البلدان المجاورة ومنها لبنان وفلسطين التي أغار عليها واستولى على كنوز المعابد اليهودية بالقدس وكنوز بيت الرب يهودا وأيضا على خزائن سليمان الذهبية. كما تروي صحف اليهود. وحتى يدعم نفوذة الروحي كملك وكابن للكاهن الأكبر والده، زوج ولده وولي عهده “أوسركون”من بنت الفرعون الراحل الذي خلفه على عرش مصر كما زوج ابنه الثاني من إحدى بنات الكاهن الأكبر “بينوزم الثاني” كبير كهنة الأله أمون الذي كانت قبائل الأمازيغ المصرية تدين به.
اهتم الملك شيشنق بتعمير الأرض فشيد القصور و أقام هيكله الشهير في مدينة القدس، حرص على مصاهرة ملوك الممالك المجاورة فتزوج من ابنة الفرعون وملكة سبأ في اليمن، وغزا امبراطورية سليمان بعد أن تحالف مع يربعام عدو سليمان وقد انضم إليه “رحبعام” ابن سليمان واتخذ من “بوبيستيس” عاصمة لملكه، وكانت تعرف لدى العبرانيين بأرض “جوشن” وحقق لشعب مصر السلام والازدهار الاقتصادي بالعديد من المنجزات الاقتصادية والعمرانية التي أنشأها . ولأول مرة، منذ الأسرة الثامنة، توافد عليه أمراء الفنيقيين يقدمون له الهدايا ويضعون القرابين في معابد مصر. وتم العثور في مدينة الكرنك المصرية على جزء من لوحة يظهر فيها هو وابنه “أوبوت” ” كبير الكهنة” في طيبة وهما يقدمان النبيذ في خشوع إلى الإله آمون، في مدينة هيرونوبوليس التي تحتل موقعا هاما في الطريق الى السويس. وظهرت على اللوحة أيضا “إلاهة” الوجه البحري و”إلاهة” الوجه القبلي وهما يدعوان لشيشنق بطول العمر وبالصحة والعافية في بلدة الحيبة الواقعة على الضفة الغربية للنيل قبالة الفشن الحالية حيث كشفت الحفريات عن معبد للرب آمون وزوجته “موت” وابنه “خوفو”.
وأشارت النصوص إلى إن شيشتق بدأ بناء هذا المعبد في أواخر أيامه ثم أتمه من بعده ابنه “اوسركون” الأول. ويعتبر الاحتفال بالسنة الأمازيغية حدثا اجتماعيا يحمل دلالات رمزية ، ثقافية وحضارية وتاريخية، على المستوى الاجتماعي والثقافي والفني، كما يميز هذا الاحتفال ممارسة طقوس خاصة ترسخت في الثقافة الأمازيغية التي تعتبر رافدا أساسيا ف من روافد الهوية المغربية والثروة الوطنية.
ويتمثل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في إعداد الوجبات التقليدية وإقامة الطقوس الاحتفالية وفق عادات وتقاليد ورثها الخلف عن السلف وتتنوع بتنوع المناطق المغربية إلا أن القاسم المشترك هو غلبة الطابع الاجتماعي للاحتفال، بحيث تشكل مناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة فرصة يجتمع فيها أفراد الأسر لمد جسور التواصل وصلة الرحم. ويحتفل برأس السنة الأمازيغية الجديدة، ليلة 13 يناير من السنة الميلادية في كل دول شمال افريقيا، ومن خصائص هذه الليلة، أنها توافق أطول ليلة في السنة وبعدها يبدأ الشروع في امتداد طول النُّهارِ وقِصَرِ اللَّيْلِ على موعد أن تكون مناسبة ليوم ” لْعْنْصْرَا” ويطلق الأمازيغ على الشهر الأول من سنتهم اسم “ينير” وتعني الشهر الأول كما يطلق على هذا الشهر اسم ” تاكورت أوسوكاس” ويعني باب السنة وكذلك “نض ؤ فرعون” وتعني ليلة فرعون ويحتفل بـ “النَّايْر”ْ لذي يرمز إلى الخصوبة والازدهار، بإقامة طقوس خاصة تباشرها القبائل الأمازيغية، حيث يتم في هذه المناسبة، نحر ديك على عتبة المنزل، وذلك لإبعاد سوء الطالع، وللتفاؤل بالخير، ووفرة المحاصيل• كما يعد يناير مناسبة للقيام بطقوس محلية عديدة، تختلف باختلاف المناطق، إلا أن العائلات تشترك في اجتماع أفرادها حول مائدة عشاء يناير، الذي يبقى مناسبة تتوارثها الأجيال.
واحتفال المغاربة بالسنة الفلاحية، تعبير عن تشبثهم بالأرض، وخيراتها، ويتجلى ذلك في الطقوس المرتبطة بالاحتفال، حيث يتم بالمناسبة إعداد العديد من المأكولات، والوجبات التقليدية المتعارف عليها، والتي تختلف باختلاف المناطق وبأنواع المحصولات المنتجة بها من حبوب وخضر وغيرها، ويتم اعداد”إِمْنْسِي” أي العشاء احتفاءً بالسنة الأمازيغية، كما أن الطعام الذي يقدم، يجب أن يشكل رمزا، لغنى وخصوبة ووفرة المحصول وإذا كانت الاحتفالات بالسنة الأمازيغية تختلف باختلاف مناطق تامزغا، فإن هذه الاحتفالات تمتد في الريف المغربي ليومين ، حسب بعض الدارسين، إذ يتميّز اليوم الأول ب “أس نثشاريت إينودا” وهو يوم ملء الأطباق بالفواكه الجافة خاصة، بينما تقوم النساء بإعداد الأطباق التقليدية ومنها المسمن والبغرير. أما اليوم الثاني فتقوم النساء بإعداد وجبة عشاء فاخرة ومتنوعة، تعتمد غالبا على أطباق الدجاج البلدي.
وحسب المحفوظ أسمهري، باحث بمركز الدراسات التاريخية والبيئية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية فإن دلالات الاحتفال بالسنة الأمازيغية تتمثل في التشبث بالتقويم الفلاحي الذي تعود جذوره إلى أقدم العصور، هذا التقويم الذي يختزل معطيات عن الدورة الفلاحية وعن الطقوس والمعتقدات المتصلة بالمنتوج الفلاحي الذي كان، وما يزال، الضامن لحياة الإنسان على الأرض. كما أن طرق الاحتفال بالسنة الامازيغية الجديدة تختلف من منطقة إلى أخرى، غير أنها “تشترك جميعها في إقامة وليمة جماعية، غالبا ما تحضر بالحبوب، وقد يصل عددها إلى سبعة.
وهناك طقوس وعادات تمارس في هذا اليوم، وكلها تعبر عن الأمل في استقبال سنة فلاحية جيدة ولتأكيد أهمية هذه المناسبة وعراقتها، أدرجت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة احتفالات رأس السنة الأمازيغية في قائمة التراث العالمي اللامادي باعتبارها تقليدا تاريخيا عريقا تمارسه مجموعة بشرية وتتداوله الأجيال، وذلك إلى جانب أبجدية تيفيناغ باعتبارها تراثا إنسانيا لاماديا، وكذا الطبق الأمازيغي الأصيل “الكسكس” الذي تم تصنيفه في قائمة التراث الثقاقي اللامادي. وختاما، نقول لجميع إخوتنا الأمازيغ : عيدكم وعيدنا جميعا مبارك سعيد، وكل عام والمغرب، المتشبث بوحدته والمعتز بثقافاته وبعرشه الضامن لأمنه واستقراره، بألف ألف خيرا .