“أمودو”.. سلسلة وثائقية سبقت زمنها وعرّفت المغاربة ببلدهم
تعْرض القناة الأولى من التلفزة المغربية السلسلة الوثائقية “أمودو” منذ عشر سنوات. ويعني اسم السلسلة السفر باللغة الأمازيغية. يأتي ذلك في ظل تزايد الطلب على الأفلام الوثائقية في السنوات الأخيرة. بدليل ظهور قنوات مختصة مثل الجزيرة الوثائقية وناشيونال جيوغرافي أبو ظبي.
السلسلة من إخراج حسن بوفوس وقد بلغ المحطة 130 في رحلته. يحكي بوفوس أن السلسلة الوثائقية نشأت بحس نضالي من عشاق الاستغوار الذين شرعوا في تصوير زياراتهم لكهوف المغرب. يضيف “وَضع برنامج أمودّو منذ حلقاته الاولى نصب عينيه تثمين المؤهلات السياحية والتاريخية المغربية وتحسيس المُشاهد بأهمية موروثه الغني إن على المستوي الثقافي أو الديني أو التاريخي أو البيئي، ولتحقيق ذلك تم توظيف جميع الوسائل الممكنة من تقنيات حديثة واسلوب مميز في كتابة النص والموسيقى يستمد حيويته من كون الطاقم الذي يشتغل داخل خلية أمودّو يؤمن بشدة برسالته”.
بعد سنوات من بدء بث السلسلة صار صوت المخرج – الذي يقرأ التعليق – مألوفا لمشاهدي “امودو”. سألت بوفوس عن تحضير السيناريو وعن عدد الصفحات التي تكون مكتوبة من الحلقة قبل تصويرها وعن التعارض بين التحضير والصدفة التي تهيمن حين يجري تصوير الطبيعة. أجاب أنه يتم” تحديد مكان التصوير ويتم وضع تصور شامل للحلقة دون اللجوء إلى التفاصيل، فالهدف هو الاكتشاف. نحن نسعى الى اختيار اماكن ومواضيع تظهر لأول مرة على الشاشة. رغم تحضير سيناريو مكتوب فإن سيناريو الطبيعة مفروض علينا، نحاول مسايرته ولا يكفي فقط أن تترك الكاميرا مفتوحة، بل الأمر يحتاج الى خيال واسع وحظ وافر إضافة الى كتابة جيدة وموسيقى مناسبة. أثناء التصوير يجب ان تحضر سرعة البديهة والانتباه لأدق التفاصيل ثم يأخذ المونتاج وقتا طويلا لأنه يحدد مسار القصة”.
من خلال عشرات الحلقات التي شاهدتها يمكن استخلاص بعض خصائص الخط التحريري لأمودو ومنهج عمل المخرج.
رغم أن الأمر يتعلق بسلسلة فمواضيع الحلقات مستقلة. كانت مدتها 26 دقيقة ثم صارت 52د. وقد حصل تطور في التصوير مع الزمن، صارت اللقطات أكثر تنوعا. لم يعد المخرج يقتصر على استخدام كاميرا ثابتة على ثلاثة أقدام في ارتفاع قامة إنسان، تزايدت الكادرات التي تقدم نظرة بانورامية عن فضاءات واسعة. فيما بعد بدأ المخرج باستخدام كاميرا “الشبح” التي تلتقط حركات الحيوانات ببطء شاعري يسمح للعين المجردة برؤية أجنحة الفراشة ترفرت ورذاذ قطرة الماء وهي تتشتت حين تصطدم بالحجر وهو ما لا تستطيع العين التقاطه بشكل طبيعي. للحلقات أيضا عناوين شعرية مثل “الصحراء والفناء، “البحث عن الشجرة التنينية”، “ثعابين الجنوب”…
” أمودو” سلسلة وثائقية بنفس إبداعي ومعرفي. وهذا مطلب ملح في مواجهة موجة برامج الترفيه والتسلية. لذا تحفر قنوات الوثائقي مسارها في المشهد الإعلامي بصعوبة لكن بثبات. فالوثائقي لا يملك بريق مسابقات الغناء ولكنه يملك سلطة الوثيقة، أي المحتوى، المعلومة والحجة. (يمكن للقراء متابعة العديد من الحلقات على يوتوب).
لإغناء المحتوى المعرفي يمزج مخرج السلسلة الوثائقية على مستوى الصوت بين البرويتاج والتعليق الخارجي والشهادات. ومعيار اختيار أصحاب الشهادات هو التخصص كالجيولوجيين المؤرخين . كما يعتمد على المراجع التاريخية في التعريف بالمناطق التي يصورها. وحين يتعلق الأمر بموضوع تندر الكتب التي تتناوله يركز على شهادات ذوي الاعمار المتقدمة…
تركز أغلبية الحلقات على الطبيعة، على الحيوانات والحجارة. يتم تجنب التيمات المستهلكة، والتي تقدم تركز عليها وسائل الإعلام باستمرار. حول الواقع الخام إلى مادة للمعرفة. عرفت السلسلة الوثائقية المغاربة ببلدهم الذي تبعد أقصى منطقتين فيه بثلاثة آلاف كلم. ثم إن المغاربة لا يسافرون إلا مضطرين.
حاليا يدور جدل حول احتمال توقيف البرنامج.
لا ثم لا.