أيث ورياغر : قبيلة من الريف المغربي دراسة إثنوغرافية وتاريخية
الخميس 11 غشت 2016 – 12:05:12
يعد هذا الكتاب ذا قيمة علمية هامة، إذ سيشفي بدون شك، غليل عموم المثقفين الراغبين في معرفة أدقّ التفاصيل عن بلاد ابن عبد الكريم الخطابي ومنطلق مقاومته ضد الاستعمار سنة 1921، وهي البلاد نفسها التي شهدت انتفاضة 58-1959. كما سيجد فيه الباحثون المختصون ضالّتهم المنشودة للكشف عن حقائق ومعطيات فريدة حول البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي غالباً ما تغفلها الكتابات التاريخية الإخبارية. وإذا كان الجزء الأول قد ركّز على الخصائص الطبيعية والبشرية والاقتصادية للمنطقة وعلى رصد وتحليل البنيات التقليدية في المجتمع الورياغلي بالريف، وكذا تبيان تجلياته الثقافية والدينية، مع ما لهذه المواضيع من أهمية لفهم واستكناه طبيعة هذا المجتمع، فإن الجزء الثاني لا يقل عنه أهمية، إذ يتناول بالدرس والتحليل الإفرازات السياسية المجهولة في معظمها، لهذا المجتمع ويتتبع تمظهراتها الداخلية والخارجية، سواء إبان عهد الحماية الإسبانية أو مباشرة بعد الاستقلال.
سيّما وأن هارت قد زاوج في دراسته المخضرمة هاته بين عمل الأنتروبولوجي ودور المؤرخ فقدّم بذلك عملاً مُركّباً يوثّق لأبرز التحوّلات التي عرفها المجتمع الورياغلي، ويؤرخ لأهم الأحداث السياسية التي لعب فيها الورياغليون الدور الرئيس في مغرب القرن العشرين، بدءاً من إجهاضهم سنة 1908، لـ«الفتنة» التي أشعلها الروﯖـي بوحمارة، ثم مقاومة الاستعمار الأوروبي والتصدي للقوى الإمبريالية بزعامة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي ما بين 1921 و1926، ومرورا بالزج بهم في محرقة الحرب الأهلية الإسبانية 36-1939، فانتهاء بانتفاضة الريف سنة 1958-1959 بقيادة محمد سلام أمزيان، هذا ناهيك عن المشاركة في جيش التحرير المغربي وخوض غمار حرب الرمال بين المغرب والجزائر في بداية الستينيات من القرن الماضي.