وافانا موقع “حوار الريف” بتعليق حول اللقاء الذي أجراه السيد إلياس العماري ، مؤخرا، بالحسيمة، يستعرض فيه مختلف القضايا التي عرضت للنقاش خلال هذا اللقاء الذي تميز بحضور واسع للمنتخبين وللفاعلين السياسيين بالمنطقة.
جريدة طنجة – محمد الزياني (‹‹ إلياس العماري ››)
الخميس 04 فبراير 2015 – 16:56:11
فهو جاء إلى الحسيمة في أول زيارة سياسية ، إن صح التعبير ، بعد أن لبس قبعة رئاسة الجهة واراد أن ينزل إلى الأرض لمواجهة المشاكل السياسية والتنموية مفضلا الخروج من كواليس والأدوار الغامضة لرجل الظل.
فسواء شاء أم أبى فإن لقاءه جاء معلولا مع زيارة أخرى بنفس المضمون لرجل دولة آخر مرّ من هنا قبل أسابيع وأسَرَّ بدوره لنفس المنتخبين بعدد من المشاريع كان قد دشنها الملك اختير لها عنوان براق وجذاب سميت بمنارة الحسيمة . فهل تشكل زيارته تتميما لزيارة والي جهة طنجة أم مسحا لصورة رجل الإدارة الترابية وترسيخا لصورة رجل منتخب أراد أن يقول لأنصاره أنا من يحكم هنا ولا أحد غيري . ولو أن المعني بالأمر يرفض هذه القراءة ويعتبر مبادرته بعيدة عن هذا التأويل .
غير أن للموضوع بيانا آخر ، فكما يقول أنصار نظرية التفكيكية ذات المنهج الفوضوي التي استعملها دريدا لدك معاقل الميتافيزيقية بعد أن استلهم هذا المفهوم من مارتن هيدجر ، فالنص أو الخطاب أو المبادرة التي يقوم بها شخص أو جماعة أو .. يمكن أن تخضع لاستنطاق تفجر دواخله بشتى من المعاني وتقضي على انسجام صاحب النص كما أراده هو لنفسه بحيث يصبح مفصولا عنه ويخضع لسلطة التأويل والتفسير لمن يتصدى لهذا النص أو الخطاب ..
فقبيل برمجته للقاء الحسيمة كان قد تسربت بعض المعلومات عن إلغاء صفقة حول دراسة المخطط الاستراتيجي للجهة كان قد أعلن عنها والي الجهة ، حدث ذلك بعد أن كانت الصفقة قد كادت أن تستقر على مكاتب دراسات قبل أن يتدخل رئيس الجهة لتوقيف الصفقة في انتظار أن تعلن باسمه لاحقا ، وبالمناسبة كان حوار الريف قد تطرق لهذا الموضوع وتساءل حول قانونية إعلان والي الجهة لصفقة ضخمة باسم الجهة في ظل قانون تنظيمي للجهة خول لرئيسه سلطات واسعة في ميدان الصفقات العمومية بحيث صارت غير خاضعة أصلا لمصادقة سلطة الوصاية .
وإذا كان رئيس الجهة قد وجه رسالة قوية للمهرولين الجمعويين الذين غصت بهم قاعة الجهة بالحسيمة مفادها أن منهجية منح الدعم التي كانت سائدة في الماضي قد انتهت ، ومع على الجمعيات التي تلتمس الدعم إلا أن تغيِّر منهجية البحث عن التمويل باتباع طرق الشفافية والقبول للخضوع للمراقبة والمحاسبة الدقيقة لمشاريعها التي تنوي اقتراحها ، وهي فكرة على درجة من الأهمية ، لكن هل سيصمد الياس العماري مع لوبيات الجمعيات التي ألِفت أن تستعمل الدعم كنوع من الهبة إن لم نقل غنيمة !؟
في سياق آخر أعلن رئيس الجهة في لقاءه مع رؤساء الجماعات عن جملة من المشاريع التي تنوي الجهة إنجازها ، وبدا أن اللقاء في حد ذاته ينقصه التحضير التقني الدقيق ، لكونه جاء عاما جدا ويستهدف مناطق محفوفة بمخاطر الانزلاق، وعلى رأسها مشرعين هامين ، الأول يتعلق بتشخيص وضعية الساكنة المعروفة بزراعة القنب الهندي للبحث عن البدائل الممكنة ، والمشروع الثاني يتعلق بإحصاء المهاجرين الأفارقة وتحديد حاجياتهم وكذا إحصاء المهاجرين في أروبا المنحدرين من الجهة والبحث معهم عن المشاكل التي يعانون منها في جهتهم بل والتساؤل عن أسباب عدم استثمار أموالهم في مشاريع تنموية بالمنطقة .
وفيما يخص الموضوع الأول المتعلق بزراعة الكيف فإن الدولة تمتلك من الدراسات والتشخيصات ما يكفي ، وقد جربت بدائل بائت كلها إلى الفشل الذريع ، فيكفي أن نعود إلى تجربة التشخيص الذي قامت به وكالة تنمية مناطق الشمال بشراكة مع اللجنة الأممية المكلفة بمحاربة المخدرات والجريمة سنة 2007، فقد أنتجت عدد هائل من الخرائط والتصورات والبدائل انتهت إلى نتائج متواضعة جدا ، إن لم نقل عديمة الجدوى ، لم تسفر عن أي بديل يذكر ، وانتعشت زراعة القنب الهندي التي ازدادت احتدادا .
أما الموضوع الثاني المتعلق بالمهاجرين بصفة عامة، فإن الأمر سيكون له حساسية خاصة لكونه سيكون محصورا في مهاجرين من فضاء الجهة فقط ، فضلا عن كون الدولة لا تنقصها الاحصائيات والتشخيصات حول هذا الموضوع .
إن الذي يُتَخوّف منه ،هو أن يكون الرابح الأكبر من المشاريع التي أعلنتها الجهة هي مكاتب الدراسات التي بدأ يسيل لعابها للحصول على الكعكة ، فيما أن التشخيص الذي يتطلب القيام به من طرف الجهة يجب أن يتجاوز الأبعاد التقنية المحضة نحو الانخراط مع الساكنة بروح تنموية واجتماعية تحفز المواطنين على البناء والعمل ضمن وعي المصير المشترك ، فيما أن مكاتب الدراسات لا يهمها سوى إنجاز الدراسات والخرائط ، الموجودة أصلا ، التي يعول عليها من طرف رئيس الجهة لتسويقها للبحث عن التمويل لفائدة هذه المؤسسة . . !!!….