ابن خلدون علمه وحكمته
جريدة الشمال – محمد الشعري ( ابن خلدون)
الخميس 04 فبراير 2016 – 12:25:05
إن ابن خلدون رحمة الله عليه هو المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع وعلم العمران، وهو الذي وضع أسس علم التاريخ، حيث أن العديد من المفكرين والكتاب الغربيين وصفوا تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا ديني للتأريخ ، وهو له تقدير كبير عندهم.إن ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه، ليؤرخ لحياته و تجاربه و دعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.
لقد قدم مؤسس علم الاجتماع للمكتبة الإسلامية والعربية والإنسانية عددا من المؤلفات المهمة أهمهما “المقدمة” الشهيرة والتي قام بإنجازها عندما كان عمره ثلاثة وأربعون عاماً، وكانت هذه المقدمة من أكثر الأعمال التي أنجزها شهرة، ومن مؤلفاته الأخرى “رحلة ابن خلدون في المغرب والمشرق” وقام في هذا الكتاب بالتعرض للمراحل التي مر بها في حياته، حيث روى في هذا الكتاب فصولاً من حياته بجميع ما فيها من سلبيات وإيجابيات، ولم يضم الكتاب عن حياته الشخصية كثيراً ولكنه عرض بالتفصيل لحياته العلمية ورحلاته بين المشرق والمغرب، فكان يقوم بتدوين مذكراته يوماً بيوم، فقدم في هذا الكتاب ترجمته ونسبه والتاريخ الخاص بأسلافه، كما تضمنت هذه المذكرات المراسلات والقصائد التي نظمها، وتنتهي هذه المذكرات، قبل وفاته بعام واحد، مما يؤكد مدى حرصه على تدوين جميع التفاصيل الدقيقة الخاصة به لآخر وقت. من الكتب التي احتلت مكانة مهمة كتاب ” العبر” و ديوان “المبتدأ والخبر” والذي جاء في سبعة مجلدات أهمهم “المقدمة ” حيث يقوم في هذا الكتاب بمعالجة الظواهر الاجتماعية والتي يشير إليها في كتابه باسم “واقعات العمران البشري” ومن الآراء التي قدمها في مقدمته: “إن الاجتماع الإنساني ضروري، فالإنسان مدني بالطبع، وهو محتاج في تحصيل قوته إلى صناعات كثيرة، وآلات متعددة، ويستحيل أن تفي بذلك كله أو ببعضه قدرة الواحد، فلابد من اجتماع القدرات الكثيرة من أبناء جنسه ليحُصل القوت له ولهم- بالتعاون- قدر الكفاية.
ابن خلدون امتاز بسعة اطلاعه على ما كتبه الأقدمون وعلى أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. ابن خلدون كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة في شمالي إفريقية وغربيها إلى مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.
لقد كانت لابن خلدون فلسفته الخاصة المبنية على أفكار مؤسس علم الاجتماع والتاريخ، لقد كان رواة التاريخ من قبل ابن خلدون يخلطون الخرافات والأحداث، أما تفسير الأقدمين للتاريخ فكان مبني على التنجيم والوثنيات، فجاء ابن خلدون ليحدد التاريخ بأنه “في ظاهره لا يزيد على أخبار الأيام والدول، وفي باطنه نظر وتحقيق «وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها».