الإستزادة من معرفة التأريخ…
الخميس 01 دجنبر 2016 – 11:08:08
…يبتهج الصالون الأدبي لنادي الاتحاد بشراكة مع فريق البحث و ثقافات المجتمعات المتوسطية للأشكال الحضارية (جامعة عبد المالك السعدي –كلية الآداب و العلوم الإنسانية بتطوان) قراءة في كتاب ” أسرة أشعاش التطوانية ” . استرجاع ذاكرة لمؤلفه الأستاذ عمر أشعاش . بمشاركة الأساتيذ : الدكتور عبد العزيز السعود، و الأستاذ إدريس بوهليلة ، و الأستاذ محمد جيدة . أشرف على التقديم ، الأستاذ عبد المجيد لإدريسي، و قام بالتنشيط و التسيير الأستاذ الدكتور نزار التجديتي . و إذ يزفَّ النادي الثقافي للمهتمِّ و الباحث إصدار مولود جديد بعد مخاض عسير . قلم أجاد ليقدِّم للمكتبة و الخزانة المغربية إضافة نوعية في مادة التأريخ. عكف الأستاذ عمر أشعاش منذ مدَّةٍ في البحث و التنقيب عن الحفريات و المستندات و الحجج من الظهائر و التعيينات و الرسائل المخزنية .
ثمَّ المراجع و المخطوطات ، ك” نُزهة الإخوان في أخبار تطوان ” للفقيه عبد السلام السكيرج و للفقيهان الرهوني و محمد داود في تاريخ تطوان . كتاب ” كشاف عائلات تطاون ” لحكيم عزوز ، من بين المراجع التي اعتمدها في تأليفه لهذا النوع من الكتابات إذ لا تخلو لمسات أجنبية كان لها اليد الطولى في صناعة حقبة من تاريخ المغرب . و قد جمع من المادة ما أهله ليغوص في نهر لا شاطئ له . أشعاش عائلة موريسكية قال في حقهم ” سيرفانطيس ” ، في ” دون كيخوطي ” ، مقولتهم : أينما كنا فنحن نبكي إسبانيا . إذ كان الموريسكيون يحلمون بالعودة إلى أرضهم و حال سبيلهم . هم وُلدوا بها وهو وطنهم الطبيعي . اعتمد الكاتب في أبحاثه أيضا على التراجم و استدلَّ بظهائر سلطانية منذ سنة 1845- 1846للميلاد ، ثمَّ القياس و المقارنة و المقارعة ، مع ( على سبيل المثال ) سوزان ميلار التي كان موقفها و أقوالها لا تليق بمقام سفير السلطان ، عبد القادر أشعاش .
فاستدلَّ المؤلف بالحكمة ” ما آفة الأخبار إلا رُوَّاتها ” .
هو ( عمر أشعاش ) حفيد بار لآل أشعاش واكب الأحداث من خلال المستندات التي بحوزته و اجتهاده في العثور على المخطوطات و الكتابات الديبلوماسية الأجنبية حول تاريخ العوائل المغربية و خضَّ بالذكر و التأليف أسرة أشعاش التي ينتسب إليها .
تقتضي المادة العلمية ، ومضات من الأسئلة تفرض نفسها ….
-فهل هذا القلم غلبتْ عليه عاطفة الفطرة للإطناب الأسري ، أم اعتمد المنهج العلمي من التنقيب عن الحفريات و تحليلها المختبري من داخل النصوص ، للبحث عن مصداقيتها ، التي ينتهجها أهل التخصص ؟
–المادة العلمية باعتمادها على المؤرخ الحاكم تُصبح أسطورة و جناية على تاريخ الأحداث ، و تزجُّ بها في حلقات ” جامع الفنا ” و لا ترقى بها إلى العمل الأكاديمي .
-هل تطرَّق المؤلف إلى الأحوال الاجتماعية و التاريخية بوقوفه على الأشخاص العاديين و العثور على المذكرات لهؤلاء البسطاء .
–هل افتقد المؤلف للنظرة الاجتماعية لتاريخ الشعوب المعاصرة لآل أشعاش و اختضَّ بالتاريخ السياسي لدار المخزن ، و اسنباط ما كتِبَ بمفهوم التاريخ السياسي ؟
-هل لهذا العمل مواقف نقذية أم اكتفى صاحبه بالدفاع عن مواقف السفراء و الباشوات و القواد ؟
-هل ألبَسَتْه أبحاثه حُلة المحامي فتقمَّصَ صفته أكثر منه مؤرخ ؟
-هل ارتقى المؤلف إلى مقام القاضي ” فبرَّأ ” السفير من كلِّ ما نُسبَ إليه؟
– متى كان السجن صوريا ؟
وقد اعتمد المؤلف على رسالة بركاش إلى السلطان ب 8محرَّم 1281 للهجرة ، وهي من مُصنفات كتابات التاريخ السياسي ؟ وهي من الأدوات التي اضطرَّ إلى توظيفها إذ لا شكَّ أنَّ الظروف السياسية كانت أقوى من الحاكم حتى و إنْ كان يملك السُلط الثلاث ، ممّا يُعرِّضه إلى ارتكاب “المظالم” ! الخوض في علم التاريخ ، إنْ لم يخضع إلى المنهج و البحث العلمي قد يعاني من قول الزور و شهادة الزور . فالتاريخ مادة علمية كان يميل لها عظماء العلماء كالمقريزي الذي أجاد في مؤلفاته التي أربتْ على مئتيْ مجلد ، وهو تلميذ لابن خلدون . المؤرخ الباحث يجدُ المتعة في البحث و الدراسة و الاستقصاء . الأستاذ عمر أشعاش لم يُقدِمْ على “مغامرة” هذا الكتاب استجابة للحاكم و إنما استزادة في العلم و معرفة الحقائق . وقد وضع يده على بعض المكامِن المُبهمة ، و تجرَّأ على مناقشة أحداثها و محاولة شرح أسبابها .
و يعتمد على الأسس المادية في مناقشته و طرحه للقضايا ، نظرا لفكره الإقتصادي . لا شك أنه قدَّم للخزانة التطوانية – المغربية من خلال الأسباب التي صنعتْ الأحداث ، و الدواعي التي دفعتْ به أنْ يدرس حقبة تاريخية حساسة ، من قبل معركة إيسلي إلى معركة تطوان و ما صاحبهما من ” وَيْلات ” على المغرب .
كما قال “فرانز روزينطال” المؤرِّخ الباحث: التاريخ رواية، و جوهرها الأسلوب الحي الذي يُرْوى به الحدث و في مجموعة من الحقائق و بأسلوب لا يتجاوز الحد الأدنى من الصنعة الأدبية . مُصطلح التاريخ ظهر على أيدي المسلمين الأوائل ، فقد نُسِبَ إلى عمر بن الخطاب نحو عام 17 للهجرة ، مع أبي موسى الأشعري جاء يُخبرهُ عن حيرته في العمل بما يَرِدُ عليه من كتب أمير المؤمنين . ( القصة معروفة لدى المؤرخين ) . حتى جاء علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه بالرأي الذي لقي القبول ، وهو بداية التقويم من عام الهجرة .
صفوة القول و غني عن البيان أنَّ قراءة متأنية و مختبرية لهذا العمل من لدن المتخصصين و الأساتيذ سيسهم لا شك في تجلية أسلوب الحكامة في الزمان و المكان لأسرة أشعاش المنتسبة إلى دار المخزن بقلم أشعاشي . قد كانت للمؤلف الجرأة في التحليل و الاستنباط ، و لم تبق آراؤه في مرتبة التيمُّم عند الوضوء أو في منزلة التيمُّم عند افتقاده للماء . كما جاء على لسان المقريزي : إنَّ كلَّ شيء خاضع للتطوُر ، يولد و ينمو و يموت …..وقد انتهتْ عندما انتهتْ المُسبِّبات …