من بلوكاج بن كيران إلى بلوكاج الزلزال والحل ؟…
جريدة الشمال – عزيــز كنـونـي ( البلوكاج والعثماني )
الخميس 25 يناير 2018 – 16:26:16
وإذا كان بلوكاج بنكيران قد تم التخطيط له بشكل “مخدوم”، من جهات لم تعد نواياها خافية على أولي الألباب، بل إن أصحابها أفصحوا عن ذلك في أكثر من مناسبة، حين أربكوا المشهد بشرط “إما أنا وصاحبي، أو لا أحد”، فإن العثماني الرجل “الصامت” عن الكلام “المباح” يعيش حصارا من نوع مختلف، تتداخل فيه السياسة، والحزبية ، والأطماع والمناورات الشيطانية، حين أعلن حليف “قوي” من حلفائه الأقوياء نيته في ضم “مغانم” جديدة، من داخل أغلبية فقد أحد مكوناتها “كل ريشه” خلال الزلزال المعلوم. إذاك، راجت شائعات أن حزبا “أصيلا” ينوي التحالف مع حزب عتيد، من أجل “بعث” أغلبية جديدة لا يقوى حزب العثماني ولا المتحالفون معه على مواجهتها ! ………لتنتقل القطع والبيادق من مربع إلى مربع، ومن قلعة إلى قلعة….ويكون الرابح ذاك الذي “فقد” حصانه وبيادقه وقلعته في معركة “خاسرة” أو قل، أرادوها أن تكون كذلك ، وبأقل الخسائر !.
أما الخسائر فهي تلك التي تحدث عنها بعصامية محامي الدولة ، والناتجة عن حراك الريف الذي يبدو أنه انتقل من مربع إلى مربع آخر، حيث ادٌعى أنها بلغت ما بين 20 و 25 مليون درهم !….
ولم تحدد أية جهة خسائر الشعب من ‘بلوكاج” بنكيران الذي فاق الخمسة شهور، ضاعت في مشاورات ومشاورات مضادة، “ببغاوية”، انتهت إلى استسلام الرجل الذي طبع الحياة السياسية بطابعه الخاص ، كما وأنه لا زال يحتفظ داخل حزبه بــ “لوبيات” ضغط قوية، فشل “الصقور” في مواجهتها.
وهاهو العثماني يدخل مربع البلوكاج ، بعد ما أثبت “عجزه” فقط، عن “ترميم” حكومته التي بدأت تفتقد مقومات المصداقية، كما بدأت تواجه انتقادات شديدة من الرأي العام بعد الخرجات المثيرة لبعض “صقورها” من بينهم مصطفى الرميد، وعزيز الرباح وعبد القادر اعمارة وخصوصا العزيز على قلوب المغاربة ، لحسن الداودي، وزير “السانيدة والبوطة” الذي لا يتصرف بـ “إيتيكيت” الوزير، لباقة ولياقة، بل بسلوك المهرج، وإلا كيف تصفون “حلقة” السانيدة” أمام جمهور البرلمانيات والبرلمانيين؟ هل كان”الوزير” حقا، بحاجة إلى إقناع نواب الأمة، بوجهة نظره، باعتماده سَندا ماديا، ولسان حاله يقول : افهموها، مرة واحدة، ياعباد الله ، ثم ودعوني بالتصفيق والهتاف !!!
وأمام “صيام” العثماني عن الكلام، إلا نادرا، والنادر لا حكم له، كما تقول القاعدة الفقهية ، بدأت الإشاعات تتناسل، حول رغبة البيجيديين في “فك الارتباط ” مع حليف الأزياج، بل والقفز عليه بذريعة أنه لم يقدم بدائل “في المستوى” ليحتفظ بموقعه الذي بدأ بعض الحلفاء “يطعنون” في “شرعيته” اعتمادا على نتائج “الصندوق” المعلوم، إلى أن طلع العثماني، أخيرا، بتصريح ينفي فيه نية تخليه عن حزب الكتاب ويعلن تشبثه بحلفائه، بل ويؤكد “جاهزية” ميثاق الأغلبية الحكومية (ناقص أربعة) وأن “المشاورات مستمرة ” مع الأحزاب المعنية بآثار الزلزال، وأن حزبه وفي لمبادئه ولن يتراجع عن وعوده في إطار التحالفات، “تحت أي ضغط من الضغوطات”. فهل نفهم من هذا “النفي القاطع” أن العثماني يواجه، فعلا، “ضغوطات” من أجل أن تتخذ مشاوراته الحكومية مسارا مغايرا لما تعهد به ؟….
وهل يحق للرأي العام الوطني أن يطالب بمعرفة الخسائر التي تسبب فيها “البلوكاج العثماني” الذي يسير نحو شهره الرابع، وذلك في إطار قانون الحق في الوصول إلى المعلومة الذي “أجازه” مجلس المستشارين بعد أن “سيجه” بما لا يترك مجالا لتأويل أو “تسريب”، وسيتم عرضه على مجلس النواب في قراءة ثانية.
الغموض الذي يلف مشاورات العثماني بخصوص “ترميم” حكومته، فتح المجال أمام العديد من التأويلات، منها خروج الكتاب والسنبلة ودخول الميزان، و “تمطط” الحمامة، والقبول بتوسيع “الترميم” وفق مبدأ تغيير المواقع، والتخلي لقطاعات وزارية لهذا الحزب أو ذاك، بما يفيد أن الأمر سيتجاوز مسألة الترميم إلى التعديل الموسع، خاصة والحكومة واجهت وقائع اجتماعية خطيرة من حراك الريف إلى كارثة جرادة مرورا بحراك العطش بوزان وزاكورة حيث شهدت المنطقة حملة جديدة من الاعتقالات والمحاكمات، في حين تعاملت حكومة العثماني مع هذه الوقائع بنفس الطريقة التي تم التعامل بها مع “عجين” الريف، حتى “فاتت فيه الخميرة، و”تخيط” بفعل “الباكتيريا المتجرثمة” !!!…..
حقيقة إن الرأي العام سئم مما يحصل في أروقة الحكم وداخل صفوف االوزراء وحقائبهم، ورؤساء الأحزاب ومناوراتهم، و”البلوكاجات” التي لم يعتد عليها المغاربة بالرغم من أهوال “السنوات العجاف” التي لم ير مثلها في البلاد، , حيث احتدم الجدال وتواصل التعتيم على مجرى الأحداث، حتى أنه لم يبق مجال لفهم ما يجري ويدور، سوى فضاء الإشاعة والإشاعة المضادة، من هذا الجانب أو ذاك ، ليبقى المواطن في “دار غفلون”، يدور في هذا الفلك أو ذاك، خاصة بعد أن اتخذت الحكومة أو بالأحرى وزير الاقتصاد قرار “تعويم” أو ” تليين” الدرهم، تليينا للخواطر، وتبنت الحكومة قرار فرض الرسوم على تلاميذ الثانوي وطلبة العالي، وهي تجهل كل الجهل أحوال الشعب المغربي وأوضاعه الاجتماعية ولا تستطيع تحديد حالة “الميسور” من “المقهور” كما تبنت قرار رفع الدعم عن المواد الأساس نهائيا بعد سنتين، كتدبير أخير قبل “تفكيك” صندوق المقاصة، ليواجه ملايين الفقراء المغاربة في الحواضر والبوادي، مصيرهم المجهول، فقط، بأكف الضراعة والابتهال وطلب المرحمة من الرحمن الرحيم ! .
ومما زاد من حيرة المغاربة، ودفع إلى تناسل الإشاعات حول مصير حكومة العثماني، واحتمال الدعوة إلى انتخابات جديدة سابقة لأوانها بهدف بروز أغلبية جديدة، تضمن استقرارا أكبر،وانسجاما أوسع وأمتن، تأجيل المجلس الوزاري للمرة الرابعة، هو حدث يشهده المغرب للمرة الأولى في حياته الديمقراطية .
نسأل الله أن يكون المانع خيرا. .