الجملة الجريمة !
الأربعاء 23 نوفمبر 2016 – 10:53:36
..وعد بلفور المشؤوم و رسالة الجريمة التي بعث بها إلى اللورد ليونيل يخبره أنَّ الحكومة البريطانية تؤيِّد إنشاء وطن لليهود الصهاينة على الأرض الفلسطينية. ثمَّ انسحاب بريطانيا العظمى و تسليم فلسطين للكيان الصهيوني، بمسرحية الانتداب تنفيذا للأسطورة الخرافية لأرض الميعاد. وهي أكبر مأساة عربية ارتكبتها بريطانيا في العصر الحديث.
فَـرّقـوا الديار ونصبوا الموانع، بتوظيف خِلافـات الأمَّة العربية لضَربِ بعضها ببعض. إن هـو إلاَّ الهدف و السعي الحثيث للعدوِّ حتى لا يجتمع العرب و يكوِّنوا يَداً واحدة. من أجلِ انتشالِ الأمّة من أسبابِ الفرقة.
فـالتفـرقـة تُفسِدُ أحـوالهم. بنورهم و بهدُاهم يعْلو شأنهم، و لا تتَحَّقق بالشِعارات، و إنما بتحقيق الإيمان بالعقيدة و إخلاص العمل لله وحده . إذ تجمعهم الجينات و وحدة المصير و المشاعر و الأهداف . فأعظم العدَّة بعد تقوى الله ، توحيد الصفِّ و وحدة الكلمة . قلوب ممتلئة إخلاصا و صدقا ، لمنْ يُمسكُ بهما. استقرار المغرب و علاجه سلميا ظاهرة الربيع العربي وهو على وشك الانضمام في مجموعة الدول الصاعدة ، تؤهله أن يصبح من أكبر اللاعبين الدوليين في التجارة العالمية إذ له كل المؤهلات لذلك ، رغم بعض العصي في العجلات التي يتصهين من خلالها بعض المرضى من الدول. موقعه جغرافيٌّ متميِّز، و هامش هام من الحريات العامة و حقوق الإنسان ، و دمقرطة المؤسسات. هو مجتمع يتطوَّرُ بوتيرة لم يسبق لها مثيل ، تتجلى حكامة التدبير في الشأن العام ، حين اصطدمتْ بالأهواء و أنذرتْ بالفتنة ، و انقلبت بعض الدول العربية على الربيع العربي .
الثابت ولا للمتغيِّر في العلاقات بين الغرب الأمريكي والدول العربية، التفوُقُ الإسرائيلي العسكري و الاقتصادي و السياسي على جميع الدول العربية مجتمعة . و روسيا أيضا تعتبر من أكثر الداعمين لإسرائيل . رغم كلِّ الترسانة من القوانين التي أصدرتها الأمم المتحدة و مجلس الأمن لصالح الفلسطينيين و حلِّ الدولتين و عودة اللآجئين ، ثمَّ ميثاق أوسلو و اجتماعات مدريد ، و مسلسل من المفاوضات ، لم تجدِ نفعا . إسرائيل تبيِّتُ إقبار و دفن كل الاتفاقات الدولية. حتَّى يسقط غصن الزيتون و يترَنح . فالسياسات التي بُنِيتْ عليها القوانين الدولية تتآكل .و جاء غضب الشعب حين ابْتُليَ بأجندات زعماء سياسيين أكلة لحوم البشر. و حجم التداخل بين سياسة المصالح و المال ، تتصهين أمريكا-الغرب و روسيا فيتكاسل المريدان على الأراضي العربية ، من أجل المحروقات و ثروات بني يعْرُب . قسِّمتْ العراق بعد احتلالها من غير وجه حق و ضد كل المعاهدات و القوانين الدولية ، إلا من أجل إسرائيل .
صنعوا “داعش” حتى يقضون بها حوائجهم القذِرة. اللوبي الصهيوني في أمريكا صانع القرارات الاستراتيجية العسكرية ” الأمريكية ” وهي جزء من الأمن القومي الأمريكي ! أشعلوا النار في الهشيم العربي ، ولم يتدخل أحد من الدول الكلونيالية و لا أمريكا لإنقاذ الشعوب العربية من طرابلس إلى الشام و صنعاء و بغداد …
إلا ليمدُّونهم بالأسلحة الفتاكة للاقتتال و قطع الأوصال و التشدُّد و التشرد على غرار التهويد . ثم إيقاظ النعرة الطائفية و العصبية و التناحر و التفرقة . الغرب و سياسة المخادَعة نحو العالم العربي . تساقطت أرواح العرب في “الاستقلال ” أكثر مما تساقطتْ أيام وسنوات المقاومة ضدّ الاستعمار والمطالبة بالحرية . إذ تزعم ” أمريكا ” تحقيق الاتفاق النووي الإيراني ، الأورو-أمريكي إنجازا أنقذت به منطقة الشرق الأوسط من حرب بين إسرائيل و طهران و السعودية ؟ فتحلم بتحويل إيران عدُوّا أول للعرب عوَض إسرائيل ! أما الحروب الأورو-أمريكية و الروسية-الإيرانية على الأرض العربية ، هذه فصيلة ديبلوماسية ذكية للمزيد من الاستحواذ على الثورات العربية الخليجية ، من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل من أوْلوْية أوْلوْياتها . وهم يحتكرون المنابر الإعلامية العالمية ، من خلالها يشنون حربا موازية للتغطية عن” ساديتهم ” العسكرية.
و يتهمون الشعوب بذبح بعضهم البعض في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا ، و لعله يكون نوع من سيناريو و إخراج “هوليود” السنيمائي ، كما فعلوا ذلك من قبلُ مع أسلحة الدمار الشامل . لجني مكاسب سياسية و اقتصادية ، و هم ” كالذباب ” على قصعة الطعام العربي ، ينهبون ثروات الشعوب و يتمُّ تصفيتهم . صناعة “ماركة” غربية-إسرائيلية ، لنشأة عربية بين الحروب الأهلية للقضاء على أجيال من الديمغرافية العربية ، و لإسرائيل و الغرب و روسيا ” الحق ” في إتمام المهمة بارتكاب ” جرائم ضد الإنسانية ” ؟
القراءة الجيِّدَة لعالم ينهار أمام أعيُننا . الليبيرالية المتوَحشة ( حتى لا تكون دولة بين الأغنياء – صدق الله العظيم ) ، أجهشتْ على القِيم و الأخلاق و السلوك الكوْني المتعارف الجامع بين شعوب الأرض. فانقـلبت كـل المفـاهيم، تمخّضَ عن ذلك ” بركسيت” بريطاني و خروجها عن الجماعة الأروبية، و التي سبق أن رفض “ديكول” وهو الذي كان يريد الاستقلال عن الولايات المتحدة الأمريكية ، صاحبة مشروع “مارشال ” ، دخولها إلى السوق الاروبية المشتركة ، واصفا ذلك بحصان ” طروادة ” .
و قد سبقَ لها أن صنعت حصان “طروادة” في فلسطين بتلك الرسالة الجريمة سنة 1917 للميلادو 1948م بعصبة الامم. ثمَّ جاءت صدمة الولايات ” المتحدة ” الأمريكية ، متأثرة بالجوِّ الرافض في بريطانيا كأنَّ له دور في نجاح ” ترامب “، مع عوامل أخرى كالعولمة و الخوف من الإرهاب، إضافة إلى الحروب التي أشعلوها على الأرض العربية ، والجرائم التي ترتكب لحظة بلحظة ضدَّ الإنسانية.
و لعلى صدمة ثالثة قـادمة لا مَحالَة، وقد تحلُّ بفرنسا “بانتصار” زعيمة اليمين المتطرِّف –لوبان- وهي تحلمُ برئاسة الجمهورية الفرنسية ” السادسة”. و حتَّى و إنْ لم تفـوز بالرئـاسة فسوفَ يتـأتى لَها حصاد مقاعد هامة في البرلمان تؤهلها لدور الريادة لأحزاب المعارضة ، وهذا إنجاز نوعيٌّ في الخريطة السياسية الفرنسية .
تلك هي نتائج إيديلوجية حقيبة المال باعتبارها مدافعة عن الليبيرالية المتوحشة. و لربما تشهد بعض الدول الأروبية صُعود الأحزاب الشعبوية اليمينية. أصبحتْ سياسة الغرب ” تُعاني ” من عمَى الألوان ، وهي لا تدرك خَبـايـــا الأمور رغم إمكانياتها ” المخبراتية “و الأقمارالاصطناعية والإعلاميات ، كما حدث مع ثورة الخميني ، إذ لم تكن في الحُسبان لأمريكا و الغرب و حتّى إسرائيل.
إستراتيجية الشطرنج الدولي أصبح في عالم اليوم أكثر تعقيدا من ذي قبل …