“شموع طنجة” أزعجت الحكومة
جريدة الشمال – عزيز كنوني ( أمانديس )
الإثنين 02 نوفمبر 2015 – 10:28:27
الإعلان عن سلسلة من التدابير الميدانية لتصحيح الوضعية
بنكيران: لا أحد ينكر وجود الإختلالات، ولكن “اللي اعطى الله اعطاه”
المشكل وجد طريقه إلى الحل ويجب العمل على التهدئة
رحيل “أمانديس” خيار غير وارد في الوقت الراهن
.
اللجنة الوزارية “تقصت الحقائق” لدى الولاية والجماعة والشركة صاحبة “التبذير” المفوض، ولدى مختلف الجهات المشتبه في تورطها في “فضائح” أمانديس، ووقفت ، كما يبدو، على الاختلالات التي يشكوا منها المواطنون والتي دفعت بالآلاف منهم إلى النزول إلى الشارع للتظاهر ضد “أمانديس” وأيضا ضد “لامبالاة” المسؤولين المحليين، حيث أن المواطنين لم يتوقفوا، منذ سنين، عن التشكي من تعنت هذه الشركة الأجنبية التي تتصرف في رقاب المواطنين كيف تشاء، دون رقيب أو حسيب ! …..
وما فاتورات الصيف الماضي إلا “النقطة التي أفاضت الكأس” بينما السكان لم يتوقفوا عن التنديد بالخروقات التي تورطت فيها “أمانديس” في ما يتعلق بكناش التحملات، كما تورطت فيها المجالس البلدية السابقة، بسبب عدم ضبط أداء هذه الشركة وعدم إحكام المراقبة على طريقة تعاملها مع المواطنين.
وأمام إصرار أهل طنجة على مواصلة “نضالهم” المتحضر، رغم “الترهيب ” والتهديد الذي واجهتهم به القوات العمومية، وذلك من أجل رفع “ضيم” أمانديس عنهم، بطرد هذه الشركة الغول من مدينتهم، وبالرغم من التطمينات التي قدمها العمدة في بياناته ونوته الصحافية المعلومة، والتي أفسدتها “تدوينة “جارحة” بل “ومؤلمة” لأحد نوابه في حق المحتجين، وأمام تفاقم الوضع الذي دخل مرحلة الزمجرة، حل بطنجة، ، يوم الأحد الماضي، رئيس الحكومة ووزير الداخلية ، ليعلنا، خلال لقاء موسع مع المنتخبين محليين وبرلمانيين، عن تدابير استثنائية، اتخذتها الحكومة والتي تتقاطع مع مطالب السكان وتستجيب لرغباتهم.
عبد الإله بنكيران الذي قال إنه انتقل إلى طنجة رفقة وزير الداخلية بتعليمات ملكية سامية، اعترف، بداية، بوجود اختلالات في أداء أمانديس. وردد، مستسلما: “اللي أعطى الله اعطاه” (يعني) “أن الجميع “يعلم”، ولا أحد “ينكر” وجود هذه الاختلالات” ولكن الحكومة قامت بواجبها والمشكل وجد طريقه إلى الحل ، يقول رئيس الحكومة الذي كان يتكلم بنوع من “النرفزة” خلافا لعاداته “الخطابية” “المتقفشة”، بل إن كلامه اتخذ أحيانا طابع التهديد: “أنا أريد أن أكون واضحا معكم”. الإحتجاج يجب أن ينتهي !…..
وخلال حديثه استعرض التدابير التي اتخذتها اللجنة الوزارية الخاصة في إطار تشاركي مع الجماعة وشركة التدبير المفوض السيئ الذكر، والمفروض على المواطنين دون إرادة منهم ولا رغبة، وأكد أن هذه الإجراءات تتضمن القيام بمراجعة خاصة للفواتير المتعلقة بشهر يوليوز وغشت وأنها تستجيب لرغبات المواطنين، بغاية معالجة الاختلالات التي تسببت في غلاء الفواتير التي تضرر منها السكان.
الإجراءات تتضمن مراجعة جميع فواتير الاستهلاك المنزلي ابتداء من شهر يوليوز 2015، مع تحليل إجمالي لآسلوب الفوترة من طرف اللجنة، قصد تصحيح الفواتير التي تطبعها الاختلالات ، أضافة إلى مطالبة الشركة بعدم قطع التزويد بالماء والكهرباء خلال فترة عمل اللجنة، والعودة إلى إرسال الإشعار بمواعد قراءة العداد ابتداء من فاتح نوفمبر 2015 حتى يتأكد المواطنون من أن الشركة قامت فعلا بقراءة العدادات ،واعتماد المسؤولين عن مصالح إعداد الفواتير كمخاطبين رسميين للزبناء، ووضع إجراءات استعجالية لتحسين ظروف استقبال المواطنين مع إحداث وكالات جديدة بما يتناسب ومصلحة الساكنة.
ومن بين هذه الإجراءات أيضا، تفعيل عملية منح العدادات الفردية أو المشتركة حسب الحالات، حيث يتم احتساب الأشطر وفق عدد الأسر القاطنة بالمسكن الواحد واعتماد وسائل خاصة تمكن الأسر ذات الدخل المحدود من التحكم في استهلاكها وإحداث خلية دائمة لتحليل ومراقبة الفواتير قبل وضعها للاستخلاص بهدف ضبط عملية الفوترة وتقليص نسبة الأخطاء مع إجراء بحث على الفواتير التي تجاوزت الاستهلاك الاعتيادي، وكذا إحداث شباك للشكايات بكل الوكالات مع إمكانية اللجوء إلى لجنة مشتركة للتحكيم في حالة عدم التوافق، والامتناع عن قطع التزويد بالماء والكهرباء بسبب عدم الأداء إلا بعد إعلانين مسبقين بالقطع وعدم القيام بذلك أيام الجمعة والسبت والأحد.
وفي هذا الإطار أعلم رئيس الحكومة أنه تمت إلى الآن مراجعة 8900 فاتورة والعمل جار بالنسبة للفواتير الباقية، والتي تهم فوق المليون من سكان المدينة التي قال رئيس الحكومة إنها تشهد اليوم نهضة عمرانية واقتصادية كبرى، ولكنه اعترف بوجود “شوية دالهشاشة” و “شوية دالفقر”….
رئيس الحكومة انتقل بعد ذلك إلى “لغة العواطف” إذ قال إن “طنجة عزيزة علينا وعلى المغاربة” وعلى العالم بأسره، وأن هذه “الفتنة” ــ يعني الحراك الشعبي ضد أمانديس ــ لا تناسب حاضر ولا مستقبل هذه المدينة التي يرعاها جلالة الملك بعنايته السامية .
ودعا إلى وقف كافة أشكال الاحتجاجات متسائلا: “ما دام مشكل الفواتير قد وجد طريقه إلى الحل، ما هو المشكل الآن” ؟ وذكر بأن الوقت وقت تهدئة، و”أن الله أنعم علينا بالديمقراطية وكرمنا بالسلم ، فلا يجمل بنا أن نعود إلى الوراء”.
عبد الإله بنكيران ذكّر في خطابه منتخبي طنجة بدورهم كوسطاء بين الحكومة والسكان، وطلب منهم أن يقوموا بتوعية المواطنين بالتطورات الإيجابية التي شهدها الوضع الجديد في أعقاب زيارته ووزير الداخلية لطنجة بتعليمات ملكية، والإعلان عن التدابير الاستثنائية لمعالجة مسألة الفواتير والاختلالات التي يشهدها أداء شركة “أمانديس” كما طلب منهم العمل على أن تتوقف الاحتجاجات وتعود السكينة إلى المدينة ، لأنه من غير المعقول، في نظره، أن يستمر هذا الوضع الذي يسيء لطنجة كما قد تكون له انعكاسات سلبية على حركة السياحة والاقتصاد والاستثمارات الخارجية. واعترض على فكرة المسيرات السلمية، معتبرا أن تصرفا طائشا من شخص واحد، يكفي لخلق مشاكل مدنية وأمنية ، رغم الحرص على سلمية تلك الاحتجاجات.
ووجه نداء إلى “ناس ديال طنجة” بأن يتوقفوا كليا عن المشاركة في هذه “الأعمال” لكي تتحقق “التهدئة” و”تعود المياه إلى مجاريها”.
وختم حديثه إلى سكان طنجة عبر منتخبيهم الجماعيين والبرلمانيين، بحضور والي الجهة، محمد اليعقوبي، بأن ذكرهم بمسؤولياتهم الوطنية في حماية أمن واستقرار البلاد وأنه “غير معقول” أن ننساق إلى أعمال يقوم بها “اللي غير واعي” بحجة التضامن. وتساءل: “هاد الخروج لاش”؟ ما دام أن المشكل حل، وأن وزارة الداخلية قدمت ما يكفي من ضمانات لتنفيذ كافة الاجراءات والتدابير التي وصلنا إليها لحل المشكل الذي اشتكى منه السكان وسنواصل العمل من أجل تحسين أداء شركة”أمانديس”.
ردود رئيس الحكومة فيما بعد، عن تدخلات الحاضرين، كانت مقتضبة، ولم تخرج عن ثلاثة أمور،
مراجعة الفواتير التي تسببت في احتجاجات السكان، وقف “الخرجات” الشعبية لما تحمله من تهديد لمصالح المدينة ، وأن رحيل أمانديس خيار غير مطروح الآن.
وزير الداخلية، من جهته، أكد أنه تم الوصول إلى الإشكالات التي تسببت في غلاء الفواتير ودفعت المواطنين إلى الاحتجاجات، وأن جميع تلك الإشكالات ستجد طريقها إلى الحل، عبر إجراءات تقنية وميدانية في إطار الحوار والتشاور الذي يخدم مصالح السكان والمدينة التي تشهد اليوم نهضة اقتصادية واعدة، بفضل العناية الكبيرة التي يوليها جلالة الملك لهذه المنطقة.
أخبار آخر ساعة قالت إن لجنة خاصة من وزارة الداخلية ستتولى خلال الأسبوع الحالي متابعة تقصي أخبار المتضررين من تعامل “أمانديس، عبر إجراء بحوث ميدانية، تستخلص منها أسباب تذمر السكان من أداء هذه الشركة الأجنبية التي يطالبون برحيلها وبضرورة متابعتها بسبب الفساد الذي أدى إلى الاختلالات التي دفعت السكان إلى الخروج إلى الشارع بالآلاف.
كيف سيكون رد فعل السكان على “التدابير الاستثنائية’ و “الاستعجالية” التي اتخذتها الحكومة من أجل “تصحيح الوضعية وإرجاع الأمور إلى نصابها” وفق نطق بنكيران ، وعلى دعوة رئيس الحكومة إلى “عدم الانسياق وراء “الدعوات الغير مسؤولة، لإثارة البلبلة” ، وهل اقتنع السكان وممثلوهم بجدية الإجراءات المعلن عنها والتي من المفترض أنها ستفرض على “أمانديس” السيئة الذكر، تغيير طريقة تعاملها من المواطنين الذين ليسوا “خماسين” بضيعتها “المغربية” بل هم أصحاب أرض وحق، وهم أولياء نعمتها التي ينعم بها مدراؤها وأعوانها دون رقيب أو حسيب، بل، وأحينا ، بنوع من التواطؤ من جانب المكلفين، ياحسرة، بتتبع أدائها ومراقبته؟
هذا ما سَتكشف عنهُ الأيّام القادِمة.