الديمقراطية صمام الأمان
الجمعة 29 يوليــوز 2016 – 11:11:22
… بالأمس البعيد و على مرآى و مسمع من اللاعبين الدوليين (9/1982م)، حينما قامت القوات الإسرائيلية بنشر عشرات الدبابات من صنع أمريكي ، دخلت المخيم ، لتبدأ المجزرة في صبرا و شتيلا ، بتواطئ مع الغرب ، أين كان العالم العربي ؟ و بالأمس القريب ، هؤلاء الأنظمة العربية ” الاستبدادية ” ، الذين يسوِّقون الشعوب “بالكرباج” ، إذ بها تنهض هذه الأخيرة طالبة بحقها في دولة المؤسسات و حقوق الإنسان. فكانت 25 يناير ثورة في مصر على غرار ثورة الياسمين الخضراء، تلتها ثورات ليبيا و اليمن و سوريا .
كان الغرب يؤيّـد هــذه الأنظمة رغم الفساد الذي ينخر جسمها للحفاظ على مصالحه . بمعزل عن الواقع ، العالم العربي استغرق في نوم عميق ، فضلَّ مقيما في مهب الريح ، يأتمر بمن يسيطرون عليه إقصاديا بعمق استعماري . يعانون من مشكلة حرية التعبير ، و النقد لسياسات القمع ، داخل المناخ العام للتحولات التاريخية .
باسم المحافظة على “مؤسسات” الدولة أصبح الانقلاب العسكري على أرض الكنانة طرفا من الإجرام ضد الطيف السياسي . صفقات مصرية (عسكرية) بريطانية-فرنسية-إسرائيلية ، للتسليم لهذه الأخيرة بشبه جزيرة سيناء و قد دكّت من الأنفاق و على رؤوس المقاومة و أهاليها ، مقابل الاعتراف بشرعنة الانقلاب العسكري . ومن أجل الاعتراف أيضا بشرعنتها ، اضطرَّ العسكر للتفريط في الجزر التي سلموها إلى دولة عربية نفطية . ثمَّ تمَّ إصدار قوانين خرافية ، لإلقاء القبض على أشخاص ، سوف يقومون بتظاهرات مستقبلية …اعتقالات استباقية عشوائية لشباب في المقاهي و الجامعات و حتى في دور العبادة . المنهج الإديلوجي المقنن : لا بديل لمبارك إلا بمبارك – لا بديل للعسكر إلا بالعسكر – . دخلت أمريكا على الخط لكي “تقنع ” النظام على قول الحقيقة ، دون جدوى من ذلك . المشهد العربي للحكم الفردي في ليبيا و اليمن و سوريا ، عنون الغرب ، الأولى بدولة الصعاليك و الثانية بالركوع و الثالثة بالرفض . على الأراضي السورية ، واشنطن و موسكو بعد المغازلة الغرامية ، يعقدان زواج المتعة ، حتى تنتهي القنابل من القضاء على البشر و الشجر و الحجر .فسدَّتِ الأبواب و صفدَتْ كي يدفع المواطن العربي ثمن جرائم الشرق و الغرب . أبعاد الأزمة اليمنية وصلت إلى نوافذ مؤصدة ، رغم خارطة طريق من خمسة نقاط تقررت في مجلس الأمن . و التي لم تقبل بها إيران في الخفاء و هي الداعمة للحوثيين و صالح . هؤلاء جماعات مسلحة سيطرت على الدولة و انقلبت على شرعيتها قبل استحواذها على الأسلحة . وهل يمكن للحوثيين أن يتخلوْا عن الأسلحة ببساطة ؟ (رغم قرار مجلس الأمن ) . وهم يطالبون كذلك ، للخروج من مأساة الأزمة ، التوافق على مؤسسة الرئاسة و حكومة توافق و لجنة عسكرية متوازنة . و لا يمكنهم تسليم السلاح ما لم يكن الأمر “متوازنا” بزعمهم . تسعى الحكومة بتحرير اليمن بدعم من السعودية و قطر و دول التحالف العربي مع المقاومة الشعبية و الجيش الشرعي .
تواصل مستمرُّ ” لنصر” قاب قوسين ، أي الحسم العسكري على لسان الحكومة الشرعية . هي تراكمات لمنظومة استبدادية خلفت انهيارا كليا إقتصاديا و نسبا عالية من الجهل و الأمية في قطاع التعليم و الصحة و العدل .أما الصحافة و حرية الرأي فحدِّث ولا حرج . العقل يكشف عن الحقائق لدول عربية استدْرجتْ إلى أنظمة ديكتاتورية بعد استقلالها ، كأنه شكل من أشكال الاستعمار بصنعة لبوس “قناع ” الحرية من الحجر و العبودية . حتى يكون الغرب الاستعماري قد ضمن دولا نامية بأنظمة استبدادية ، لتبعية سيادتها ، ليخلد هو في صدارة الإنتاج العلمي للفكر و التكنلوجيا على الساحة الدولية . و على المدى الطويل للاستحواذ على ثروات الدول العربية ، و العالم الثالث . لكي لا تقوم لهم قائمة . مهزلة الأقدار أنْ يجرأ الغرب-الإسرائيلي ، و أوشك أنْ يمليَ إملاءاته ، بوقاحة ، طالبا بعدم تدريس نصوص عقدية في المدارس العربية ، زاعما انها حاضنة و مصدرا للإرهاب … ؟
يعلم الشرق و الغرب جيدا عندما كانا يتخبطان في ظلمات العصر الوسيط ، بينما كانت الحضارة وهي تمُر من أطوار التمدُّن ، و بعدما استقرَّتْ الدولة العربية الإسلامية سياسيا ، بدأتْ النهضة العلمية من تراجمات ، حيث أسست بيوت الحكمة و المرصد الفلكي في القرن العاشر للميلاد ، ثمَّ انطلقت منها العلوم الحديثة مع ما وصلت إليه الحضارة و العلم في بغداد و دمشق و قرطبة .
فكان يفدون عليها من كل حدب و صوب ، من أسقاع العالم آنذاك ، لطلب العلم و المعرفة من منابع الفكر و النبوغ العربي . وعيا من اللاعبين السياسيين لمقام الفكر العربي و موقع خريطته الاستراتيجية و الثروات التي حباه الله بها ، كان لا مناص لهم من أن يزرعوا من المحيط إلى الخليج أنظمة فردية ، و حرمانهم من دساتير يحكم فيها الشعب نفسه بنفسه ، و تلك هي الديمقراطية ، صمّامُ الأمان ، للدول العربية لاسترداد كرامتها و سيادتها. لن تركع أبدا دولا عربية ديمقراطية تنعم بحرية الأعلام و استقلالية السلط للاستبداد و العبودية شرقية كانت أم غربية .
تنفس الصبح و استوتْ سفينة السلام على الجودي فأدرك العالم قيمة الإعلام الحر الذي لعب دورا هاما ضد انقلاب عسكري غاشم في تركيا ، على النقيض من طغيان عسكرية مصر و كراكيز الإعلام المصري و سفاهة أقلام و أقوال المتواطئين معه ، و التي استمرأت في غي الانقلاب. فتحية إكبار و إجلال لشعب و ابن شعب باسل شجاع ، قال كلمة حق عند عسكر جائر …..