الرياضة قديما (1)
الجمعة 15 ابريل 2016 – 19:21:43
في العصور الماضية الطويلة لتطور البشرية اعترى مفهوم التربية الرياضية الكثير من التغيرات ، وقد لعبت الكثير من المتغيرات والمعتقدات الدينة والثقافية والفلسفات السياسية و الدراسات النفسية والبحوث العلمية والسلوكية دورا كبيرا في تطوير مفهوم التربية الرياضية وكل مجتمع وله ظروفه الخاصة وهذا جانب من الأحداث التاريخية لمفهومها :
أولا : التربية الرياضية في العصر البدائي : التربية الرياضية بطبيعة الحال ليست مبتدعة بل قديمة قدم الإنسان ، ولم تكن العصور الأولى تفكر في التربية الرياضية بالتفكير الموجود الآن ، هذا مع وجود أنواع عديدة من التربية في عهدهم فقد كانت هذه الأنشطة من نظام أعمالهم اليومية ، ويمكننا القول أن الإنسان الأول مارس التربية الرياضية بطريقة مباشرة و غير مباشرة
ثانيا : في العصور القديمة : مما لا شك فيه أن الشرق الأقصى وبلاد البحر الأبيض هي من رفعت رايات المدنية والتقدم وسوف نتناول بعض الدراسات في الدول العربية من جهة التربية الرياضية : أ-التربية الرياضية في الصين بلاد الصين ذات وضع جغرافي ومناعة ولا توجد لها طموحات عسكرية كما هو الحال مع جاراتها ولم تتصل بالعالم .وقد كانت عبادة الأسلاف جزأ من حياتها الدينية ، والحرص على العادات والتقاليد ، وبالرغم من الفلسفة التي كانت فيها توجد بعض الأدلة على وجود أنواع مختلفة من الرياضات الموجودة حاليا كالمصارعة والملاكمة و البولو وشد الحبل والألعاب المائية وكرة الطائرة والرقص والموسيقى والرماية بالنبال ولعبة ( تشي وي إن ) وهي شبيهة القولف في كثير من النواحي ، وبطبيعة الحال فإن الصين هي بلد لعبة ( الكونج فو ) وهي تمرينات علاجية غرضها حفظ لياقة الجسم .
ب – في الهند القديمة الهند القديمة تشبه الصين في كثير من النواحي ، وبالرغم من النواهي التي كانت من تعاليم بوذا بالامتناع عن ممارسة الألعاب والتمتع بالنشاط البدني توجد أدلة على أنها مارست ألعاب مثل الرشاقة وركوب الخيل والأفيال التي هي من ميزاتها إلى الوقت الحالي ، والمصارعة الرقص وكان نظام (اليوجا) فريد من نوعه يشمل تمرينات القوام والتنفس المنظم ، وكان على كل من يرغب ممارسة هذا النظام أن يتبع برنامجا يشمل على 84 وضعا مختلفا للقوام ، وكلمة اليوجا تعني “اتحاد روح الإنسان بالآلهة” .
ج – في مصر القديمة اهتم المصري القديم بالرياضة باعتبارها جزأ من تعاليم دينه ، والآثار القديمة للمصريين تثبت أنهم من أوائل الممارسين لكثير من الألعاب المعروفة الآن . ويقال أن التربية الرياضية بمفهومها الحالي لم تكن في منهاج المدرسة المصرية ، ولم تكن للدولة سياسة تجاهها ، بل يستمدها من حياته وأن ممارسيها من أبناء الطبقة الفنية.
د – في بلاد فارس كانت بلاد حربية وتسعى لبناء إمبراطورية عن طريق الاعتداء ومن المتبع في بلاد فارس واعتبار الأولاد من سن السابعة ملكاً للدولة ، وفيما بين السابعة والخامسة عشرة من العمر كان الأولاد يتلقون المبادئ الأساسية للتربية البدنية والتربية العسكرية التي يحتاجها الجندي للقيام بأعبائه ، ويستمرون حتى سن الخمسين وهكذا تمتعوا بالقوة القدرة القتالية
***
هو العصر الذهبي للتربية الرياضية على اعتبارهم بذلك ، فلقد حاولوا بلوغ الكمال الجسماني وتعتبر التمرينات والموسيقى مهمة لذلك .
وكانت تقام مهرجانات كل أربع سنوات وذلك تقديسا للإله الأعظم ( زيوس ) في منطقة البلوبونيزا إبتداء من عام 776 ق م ، وكانت تستغرق خمسة أيام وكانت المسابقات الرياضية هي عماد تلك المهرجانات . ولتكونها من عدة دويلات مستقلة كل منها بذاتها ،كان له الأثر في مفهوم التربية عند كل دويله وأبرزها دويلتا أسبرطه وأثينا .
1- أسبرطة : كان الفرد في أسبرطه تابعا للدولة ، وكانت العادة ترك الأطفال حديثي الولادة ليموتوا على جبل “تايجيتوس” وهم الضعفاء فقط فكانت ترحب بالأقوياء ، وفي سن السادسة ؛ كان الطفل يتجه ليتعلم نظام “أجوج” وهو النظام العام الإجباري ، وفي سن العاشرة ؛ يتجه للجيش بعد قسم الولاء،وفي سن الثلاثين ؛ تزوجه الدولة ويظل كذلك حتى سن المعاش (سن الخمسين). وكان الموت شرف ، والهزيمة في الميدان عار .
2- أثينا : وهو على النقيض من أسبرطه فقد اتسمت بالحياة السياسية و الدمقراطية و بالرغم إن الناحية الحربية لم تكن كأسبرطه إلا أنها اهتمت بالتربية الرياضية .
فكان الطفل الإثيني عن بلوغه سن السابعة يلتحق بالمدرسة ، وكانت المرحلة الأولى للتربية كانت تتم في مدرستين أولاها تسمى ( الباسترا ) وكانت متخصصة في تعليم المصارعة والملاكمة والقفز والتمرينات وثانيها ( الديد اسكوليوم ) وتختص بالأدب والموسيقى وجانب من الرياضـات ، أما في سن التزاوج ما بين الرابعة عشر والسادسة عشر فكان الصبيان يلتحقون بـ ( الجمنزيوم – صالة تدريب ) ويستمر على مل تعلم إضافة إلى الصيد وسباق الخيل .
وقد أوضح عملية التربية الرياضية فلاسفة الإغريق فقد نادى “( سقراط )” بضرورة الإبقاء على الرياضات كجزء من تربية الشباب ، ودعا “( أفلاطون )” إلى ضرورة الموازنة بين التربية البدنية والتربية العقلية ، أما “( أرسطو )” فكان يعترف بأهمية التربية البدنية إلا انه كان يضعها في المرتبة التي تلي دراسات الأدب والموسيقى ، كما أدرك أن الصحة العقلية تعتمد على صحة البدن ، وكان للتربية البدنية هدف آخر لدى الإغريق وهو العلاج . و في عصر الرومان كان من الطبيعي أن ينهار شأن التربية البدنية والرياضية في عصرهم فهم الذين فضلوا الألعاب القاسية و الدموية البشعة والذين فضلوا لاحتراف على الهواية مما أدى إلى أن ممارسيها من المحترفين ورجال الحرب فقط .
(يتبع)