الشيخ المبدع الفنان المتألق أحمد بن الحسين الزيتوني الصحراوي -6-
جريدة الشمال – عبد المجيد السملالي ( باحث في تاريخ موسيقى الألة المغربية)
الجمعــة 19 ينــاير 2018 – 16:06:10
مشاركته في الحفلات الوطنية والدينية:
ولإنجاح تلك الحفلات الوطنية التجأ الفنان أحمد الزيتوني، وهو يومئذ يرأس جوق المعهد الموسيقي، إلى صديقه الشاعر محمد بن المختار العلمي لإمداده بمجموعة من النصوص الشعرية الوطنية، تكون على وزن (قدود) صنائع الآلة، كما استعان في الغرض نفسه بصديقه الأستاد الفنان عبد المجيد المودن الذي قدم له أشعارًا من إبداعه في أغراض وطنية، ونذكر ـ على سبيل المثال لا الحصرـ نماذج من تلك الصنائع التي أبدعت في المناسبة الوطنية التالية:
وبمناسبة عيد العرش أعدّ الفنان المبدع أحمد الزيتوني وصلة من موسيقى الألة تضمنت صنائع من قدام العشاق جلها في تمجيد الحدث الوطني، بعضها من نظم صديقه الأستاذ الفنان عبد المجيد المودن، وصنعة أبدعها الشاعر محمد المختار العلمي، وقد عمد في إبان تلك الفترة إلى توثيق هذا العمل الفني وسعى إلى تسجيله في إذاعة طنجة، وهذه بعض صنائع من ذاك الميزان:
قدام العشاق:
• صنعة من بحر الرمل على وزن: ( يانسيم الروض خبر للرشا ** لا يزدني الورد إلا عطشا )
هذا من بشراك شعب المغرب = وارتقى في الأفق نجم المقدس
أيا خلي واسقني كأس الهنا = قم ترى فاليوم عيد النرجس
يا سليل العرش نصركم = نصركم مكتوب قبل الغلس
قولنا دائما يحيى الملك = فلنضحي بالنفس والأنفس
من نظم الأستاذ عبد المجيد الموذن.
• صنعة توشيح على وزن: ( الصباح نشر علامه ** وبدا لونه شريق)
الحَسن وَحّد هِلاَلُ = وبَنَى المغْرب جديد
من نظم الأستاذ عبد المجيد الموذن.
• صنعة توشيح على وزن: ( ليلي نهاري في سوا ** نشرب ونطرب ونهيم)
ياسَيّدي لك الولاء = من شعبك الحر العزيز
من نظم الأستاذ عبد المجيد الموذن.
• صنعة توشيح على وزن: ( أنظر جداول الروض ** كأنها حسام)
عشت يا حسن القصد = سائر الى الأمام
من نظم الشاعر محمد المختار العلمي.
• صنعة متقارب على وزن: (رعى الله ساعة وصلت مضت ** وما خالط الصفو فيها الكدر)
رعى الله ساعة النصر أتت = وما خالط الصفو فيها الكدر
كما قدم في إحدى الحفلات الوطنية شذرات من نوبة الماية، وجعل جل أشعار صنائعها تستوحي أغراضها من الشعر الوطني وتتغني بأمجاد عاهل البلاد، من ذلك في ميزان:
بسيط الماية
• صنعة منهوك الرمل على وزن: ( يا عشية ذكرتني شوقي ** وزمان النحول )
يا أخي ذكرتني شوقي = وجمال الحسن
نجمة العرش في سما تعلو = رائدةً للأمان
أيها الراعي حرر لنا واعط = معجزات الزمان
انظر الرمل كيف بدت تخضر= بايعت للحسن
من نظم الأستاذ عبد المجيد الموذن.
• صنعة كامل على وزن:( عشية كأنها عقيان**لون الذهب في دوحة الأغصان)
ملكنا حبيبنا االهمام = رمز الشباب في وطن الأبرار
من نظم الأستاذ عبد المجيد الموذن.
•صنعة توشيح مجزوالرمل على وزن:( أنظروا شمس العشية ** كيف بدا منها الغدر )
هذه الذكرى الغالية = ذكرى الحُب والسّلام
والشّعوب المغربية = توحّدت على الدّوام
من نظم الأستاذ عبد المجيد الموذن.
الأمسيات الرمضانية بدار الضمانة:
دأب الأستاذ الفنان أحمد الزيتوني على حضور الأمسيات الفنية التي كان ينظمها الشريف الفنان مولاي إدريس بن علي الوزاني رحمه الله، في منزله في الجمعة الأولى من كل شهر رمضان، وفي كثير من الأحيان كان الأستاذ الزيتوني هو الذي يرأس الجوق الموسيقي ويعد الوصلة الفنية التي تليق بزمان ومكان السمر الرمضاني، وهذه المناسبة كانت تقتضي منه اختيار ميزان يناسب مقام الشهر الكريم، لذلك اجتهد في إحدى السنوات مع نخبة الفنانين المحيطين به في تقديم ميزان قدام العشاق في المديح النبوي، فتوفق في عمله الفني وأبان عن حسن اختياره للصنائع المديحية، المقابلة للصنائع الغزلية. وفيما يلي مجموع الصنائع المديحية التي تضمنها هذا الميزان:
المجموعة الموسيقية الكبرى لمدينة طنجة برئاسة الشيخ أحمد الزيتوني:
لقد برزت لأول مرة فكرة المجموعة الموسيقية الكبرى لطرب الألة في أوائل استقلال المغرب 1956م، وذلك من خلال التئام أجواق طرب الألة المشهورة التي دعيت يومذاك إلى المشاركة في إحياء حفلات عيد العرش، وكانت المجموعة الموسيقية الكبرى تضم ثلاثة أجواق: جوق الإذاعة بالرباط، وجوق البريهي بفاس، وجوق المعهد الموسيقي بتطوان.
وتلا ذلك ظهور جوق الهواة الذي كان يجمع إضافة الى ألمع أفراد الأجواق الثلاثة، عازفين ومنشدين متميزين من مدن أخرى برئاسة الحاج عبد الكريم الرايس رحمه الله.
وبعد برزت فكرة المجموعة الوطنية المغربية، وكانت تشتمل على تمثيلية واسعة من الفنانين الموسيقيين، وكان يقود الجميع الأستاذ الفنان عبد اللطيف بنمنصور رحمه الله.
وفي نهاية التسعينات قاد الفنان محمد ابريول المجموعة الكبرى في أكثر من مناسبة، إحداها بمناسبة السهرة الفنية التي نظمتها جمعية هواة الموسيقى الاندلسية بالدار البيضاء احتفاء باليوم العالمي للموسيقى سنة 1998م. وآخرها قيادة الفنان المذكورالحفل الفني الكبير في طرب الألة الذي نظمته الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بساحة الوداية (الرباط) سنة 2016م.
في بداية الألفية الثالثة وبالضبط سنة 2003م، تألقت مجموعة كبرى إقليمية من شمال المغرب، المتمثلة في المجموعة الموسيقية الكبرى بطنجة، كان يرأسها الشيخ الفنان المقتدر أحمد الزيتوني، وضمت ألمع العازفين والمنشدين بمدينة طنجة، وقد تسنى للتلفزة المغربية أن توثق العمل الفني لهذه المجموعة، حيث قامت بتسجيل الوصلات الفنية المقدمة من قبلها: شذرات من نوبة الحجاز الكبير ونوبة الرصد وغيرهما، وذلك في فضاء قصر الرميقي بالقصر الكبير. وكان هذا الجوق الكبير يضم في صفوفه 30 عازفا ومنشدا، وهذه مجموع أسمائهم:
الشيخ أحمد الزيتوني، جمال بنعلال، محمد العروسي، عبدالصمد الشنتوف، عبدالسلام الخلوفي، العربي أكريم، العربي السرغيني، سعيد بلقاضي، عبدالرحيم عبدالمومن، خالد قرباش، يونس قرباش، عصام الغرباوي، شكري الغماري (عربيطو)، عبدالسلام الربيع، محمد حجاج، إسماعيل الإدريسي، مصطفى التسولي، لطفى بن عبدالله، سعيد بلكرش، لطفي الخمال، يوسف بنعيسى، عبدالمجيد الموذن، عثمان بخات، البشيرالخمال، عبداللطيف الحساني، فيصل بنكيران، نبيل العرفاوي، العربي الحداد المقراعي، رضا بنطاهر، منير الطليكي.
رئاسته للمجموعة الموسيقية الكبرى بفندق فيلا دوفرانس بطنجة سنة 2012م:
وبمناسبة شهر رمضان نظمت جمعية تراث للمحافظة على التراث المغربي والإسلامي بطنجة سنة 2012م، حفلا فنيا بفندق فيلا دو فرانس، اشتمل على وصلة من طرب الألة، وحصة من المديح والسماع، ضمت مجموعة طنجة الكبرى، برئاسة الشيخ أحمد الزيتوني، نخبة العازفين والمنشدين، ووجوها شابة جديدة، وهذه جملة من حظي بالمشاركة في هذا المحفل الفني البهي :
أحمد الزيتوني، جمال بن علال، عمر المتيوي، عبد السلام الخلوفي، العربي أكريم، نبيل العرفاوي، العربي السرغيني، سعيد بلقاضي، عبد الحميد الحداد، سعد التمسماني، محمد أعبود، عبير العابد، يونس قرباش، عصام الغرباوي، رضا بن طاهر، شكري الغماري (عربيطو)، عبد السلام الربيع، محمد حجاج، مصطفى البقالي النياتي، كريم شهيد، نور الدين عشا، بلال البوزيدي، إسماعيل الادريسي، مصطفى التسولي، لطفى بن عبد الله، سعيد بلكرش، لطفي الخمال، يوسف بنعيسى، عبد المجيد المودن، عثمان بخات، البشير الخمال، عواطف بنعمرو، صفاء طيبون،عبد اللطيف الحساني، المختار الطليكي، الشريف البقالي مصطفى، فاتن كرتي، مصطفى كرتي.
تنويهات وشهادات في حق الشيخ الفنان أحمد الزيتوني:
تنويه الأستاذ عبد السلام الشامي:
على هامش المهرجان الوطني التاسع عشر للموسيقى الأندلسية بمدينة فاس بتاريخ 21 فبراير الى 01 مارس 2014م، نظمت ندوة علمية بعنوان (مشروعية التلحين في الموسيقى التراثية: الموسيقى الأندلسية نموذجا)، وخلالها تقدم الأستاذ عبد السلام الشامي بعرض حول التلحينات الجديدة، وهناك نوه بمجهودات الشيخ أحمد الزيتوني في مجال التلحين، وخص بالذكر تلحينه (ميزان قائم ونصف الحسين) الذي سبق أن قدمه ضمن فعاليات ملتقى جمعية البعث بمدينة فاس سنة 2012م، وعبر الأستاذ عبدالسلام الشامي عن إعجابه بذلك العمل الذي اعتبره عملا أصيلا متكاملا، فيه إبداع وجهد والتزام بالقوالب الأساسية لميزان القائم ونصف.
شهادة الأستاذ يونس الشامي:
عرفانا بجميل الأستاذ أحمد الزيتوني، وإقرارا بفضله عليه، وتنويها في فضائله، واعترافا بجليل أعماله وبسعة اضطلاعه على تراث الألة، وبتفوقه الكبير في الإبداع الموسيقي، كتب الأستاذ المقتدر الشهم يونس الشامي شهادة في حق الأستاذ المقتدر الحافظ الواعية لتراث الألة، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل، ولا يعرف قدر الرجال إلا الرجال، وهذا نص ما جاء في شهادته القيمة:
« إن تتلمذي على يد الشيخ أحمد الزيتوني وملازمتي له طيلة المدة التي استغرقها تدويني لنوبة الماية ورمل الماية بالكتابة الموسيقية، وفق روايته وطريقة أدائه، والمراسلات البريدية والمكالمات الهاتفية التي لم تنقطع بيننا منذ سنين طويلة …
كل ذلك مكنني من معرفة شخصيته معرفة جيدة، وفهم عقليته ومزاجه وتطلعاته… وهكذا يمكنني القول بكل ثقة وأمانة، إنه رجل فاضل، متواضع، طيب القلب، رقيق المشاعر، كريم الشمائل، يتحلى بروح سمحة ونفس أبية، وهو لطيف المعاشرة، ودود، توّاق لفعل الخير، ولذلك فإنه يحظى دائما بحب وتقدير جميع من يعرفونه.
ويعد الشيخ الجليل أحد اقطاب الموسيقى الأندلسية المعاصرين، فقد حباه الله الباري عزوجل ذاكرة خارقة للعادة، مكنته من الإلمام إلماما تاما بهذه الموسيقى، وجعلت منه أحد المراجع الأساسية لها في هذا العصر، وهو معروف بغيرته الشديدة عليها، ومعارضته القوية لكل من شأنه أن ينال من أصالتها، وقد كرّس حياته لخدمتها وإعلاء شأنها، وذلك عن طريق تعليمها منذ ما يقرب من نصف قرن، والعمل في أجواقها منذ ريعان شبابه، إما بوصفه عضوًا في هذه الأجواق أو رئيسا لها.
وقد تخرج على يديه الكثير من رجالها، وأسهم بنصيب وافر في نهضتها الحالية، وقد أدرك في وقت مبكر جسامة المخاطر التي ستتعرض لها اذا ظلت تعتمد على الرواية الشفوية فقط في تداولها وتناقلها بين الأجيال، ولذلك فقد كان من المشجعين الأوائل لكاتب هذه السطور على توثيقها بالكتابة الموسيقية، والمشاركين بحماس وطول نفس في هذه العملية، كما كان من المتحمسين لتسجيلها تسجيلا صوتيًا على الأشرطة الممغنطة والأقراص المدمجة، فساهم مساهمة فعالة مع جوقه في إنجاز أنطلوجية الآلة التي جندت وزارة الثقافة أجود الأجواق الأندلسية الوطنية لتحقيقها. وقد تمثلت هذه المساهمة في تسجيل ثلاث نوبات أندلسية من مجموع إحدى عشرة نوبة، أي ما يزيد عن ربع حجم هذا التراث …
وقد كوفئ الشيخ أحمد الزيتوني على كل الخدمات الجليلة بتوشيح صدره بوسام العرش من درجة فارس سنة 1992، ومنحه العديد من الشهادات التقديرية من لدن أبرز الجمعيات الموسيقية الوطنية، كما تم تكريمه من طرفها في مناسبات كثيرة …
ومن المؤكد أن الأجيال القادمة ستظل تذكر له هذه الأعمال بكل فخر واعتزاز وامتنان»…..