الشّاعر الكبير عبد الكريم الطبال يفوز بجائزة الكتاب المغربي في فئة الشعر لسنة 2016 عن ديوانه الأخير “نمنمات”
الجمعة 29 ابريل 2016 – 20:50:20
فــازَ الشاعـرُ الكبيـر الأستـاذ عبد الكريم الطبــال بجـائـزة المغـرب الكبرى للكتاب في فئة الشعر، برسم سنة 2016.
وأعلنت وزارة الثقافة عن جوائز الكتاب الوطنية لهذا العام، في السرديات والمحكيات، والعلوم الانسامية، والعلوم الاجتماعية ، والدراسات الأدبية، والترجمة. شاعرنا الكبير فاز بجائزة الشعر عن ديوانه الأخير “نمنمات” الذي كان موضوع دراسة تحليلية خلال ندوة ثقافية نظمت بمركز محمد السادس للثقافة والفنون بشفشاون، بداية غشت من السنة الماضية. واعتبر الشاعر الطبال حصوله على جائزة الكتاب المغربي في فئة الشعر عن ديوانه “نمنمات”، “تحفيزا” له على المزيد من العطاء الفكري وعلى العمل من أجل نشر الثقافة المغربية والإبداع المغربي على نطاق واسع.
كما اعتبـرَ أن الجـائزة تتوجه لكـل الشاعــرات والشُعَـراء المَغـــاربة ، تنويها بعطاءاتهم الوفيرة والناضجة ، الأمر الذي يدل على أن المغرب يزخر بالعطاء الشعري الذي يعكس الصورة المتميزة للإبداع المغربي والعبقرية المغربية التي تجاوزت حدود البلد حتى صار المغرب مرجعا في الكتابات الشعرية علة مستوى العالم العربي، سواء تعلق الأمر بالشعر المقفى أو الشعر الحر.
وأثار الشاعر في حديثه للإعلام، بمناسبة حصوله على جائزة الكتاب المغربي لسنة 2016، ، أن مثل هذه الجوائز تعمل على الدفع بالإبداع المغربي والنبوغ المغربي إلى المزيد من العطاء في ظل المنافسة الأدبية التي لا يمكن إلا أن تغني الخزانة الأدبية الوطنية والعربية. الشاعر الكبير عبد الكريم الطبال ابن مدينة الشاون، أيقونة المدن المغربية وسادس أجمل مدن العالم، ازداد بها سنة 1931، وظل ملتصقا بها درجة الاندماج الكلي في تفاعل عاطفي ووجداني سرعان ما طغى على شعره وهو يتخطى خطواته الأولى في الإبداع، في ستينات القرن الماضي وليبرز في تطوان، وكانت حاضرة للعلم والمعرفة، اشتهرت بروابط واسعة ومتينة مع النهضة الثقافية بالمشرق، عبر بعثاث طلابية عديدة، واستقبال الكتب والمطبوعات العلمية والفكرية والأدبية المشرقية، ونشرها وتوزيعها في مدن الشمال، وهو ما عجل بانبعاث نخبة من الشباب المثقف المبدع في مختلف مجالات الآداب والمعرفة والفنون، وأغنى المشهد الثقافي في الشمال.
في هذا الجو الثقافي المشبع بأفكار التجديد والتحديث، نشأ الفتى ودرس بجامعة القرويين والتحق بالمعهد العالي بتطوان حيث نال الإجازة في الدراسات الاسلامية واشتغل بالتعليم إلى أن وصل السن القانوني للمغادرة، فتفرغ لشعره ومدينته ينسج من دروبها وأزقتها ومآثرها وشلالاتها وجبالها وحدائقها ذات الطرز الأندلسي البديع، أبياتا شعرية غاية في الرقة والسحر والجمال, لتتحول شفشاون إلى قصيدة في فم عبد الكريم الطبال ، بل عنوانا دائما لكل دواوينه ، يترجم تجربته الخصبة في الشعر وتشهد بريادته في الحقل الأدبي المغربي، شاعرا تتقاطع في أبيات قصائده نفحات الرمزية والرومانسية والوجودية والصوفية، ما أضفى على شعر الطبال تنوعا مثيرا وعمقا شعريا غنيا يتنقل عبره من عالم الانسان في علاقاته الاجتماعية إلى فضاءات الصوفية بحيث ينطلق شعره من ذاته المتأملة ليعود أليها محملا بتأملات صوفية برموز عجيبة. وخلال ندوة لديوان “نمنمات”، اعتبر المشاركون أن هذا الديوان يعتبر “جوهرة شعرية” وتحفة في الإبداع و “قلادة ثمينة” شكلا ومضمونا، وإضافة متميزة في التجربة الشعرية العربية.
ديوان “نمنمات”، اعتبر أيضا عملا شعريا رائعا يدفع القارئ إلى الغوص في أعماق وأسرار الذات الانسانية وملامسة مختلف القضايا المتصلة بهموم الانسان من فرح وحزن واضطراب وحيرة وما يعترى هذا الانسان من شعور بالقلق أمام تساؤلاته المتصلة بالوجود وبمحيطه وتعامله مع الكون، ومع الحياة. عبد الكريم الطبال جبل شامخ كتلك الجبال الشامخة المحيطة بمدينة شفشاون، مدينته التي يتنفس عشقها ويعانق أحلامها ويستقبل إيحاءاتها ويتفاعل مع إلهاماتها المتجددة، شفشاون مدينة الشعر والشعراء بامتياز، يتفرد أهلها بحس الجمال وبقدرة خارقة على الإبداع في الشعر كما في الموسيقى وشتى مجالات الفنون الأخرى.
يُعتبر العديد من النقاد أن لشعر الطبال خصائص مميزة منها البحث الدائم عن جمالية المعنى والرغبة في التحرر من القيود التقليدية والعمل على سبر أغوار اللغة الباطنية العميقة عبر تأملاته الكونية التي اكتسبها من تجربته الصوفية. ومعلوم أن الشاعر الكبير كان موضع تكريم في أكثر من مناسبة كواحد من أبرز شعراء المغرب الحديث، بل كمؤسس للقصيدة المغربية الحديثة، كان من أبرزها حصوله على جائزة “تشيكايا أوتامسي” خلال الموسم الثقافي الدولي لأصيلة، سنة 2004، بحضور شخصيات هامة، عربية وإفريقية ومغربية. كما أنه فازو بجائزت المغرب للشعر، عن ديوانه “عابر سبيل” لسنة 1994.
وتمَّ أيضـًا تكريم الشاعر الطبال بمدينة وزان سنة 2014، من طرف أساتدة اللغة العربية وفضاء “أما للفنون” حيث أطلق إسمه على الدورة الثانية لـ “الصالون الشعري 2014″ وكان شاعرنا الكبير ضيفا مكرما على الدورة الرابعة عشرة للشعر بمدينة إيموزار كندر” سنة 2015، المنظم من جمعية “الفينيق للإبداع والتواصل” بدعم من وزارة الثقافة، وتنسيق مع كلية العلوم الانسانية فاس سايس، تحت شعار “إيموزار كندر، تغريبة الشعر…نشيد الماء” . وقد تم الاحتفاء بالشاعر الكبير عبد الكريم الطبال كأحد أهم الوجوه المشرقة في الشعر المغربي الحجيث، ومن”الأسماء الأولى التي تصدرت المشهد الشعري في المغرب” وذاع صيتها في العالم العربي.
ونظمت بالمناسبة ندوة فكرية حول موضوع ” التجليات الشعرية في شعر عبد الكريم الطبال”. واللائحة طويلة. يقول الشاعر عن نفسه في حوار مع “المساء” إنه “واحد في الزحام، واحد في الضباب الكثيف، يتلمس الطريق، يتلمس النافذة، يتلمس يده التي تكتب، ودائما هو هكذا في اكتظاظ الطرق والمسافات ، حيث هناك طيور و أحباب وأصدقاء كلهم في الطريق نفسها وإن كانت الطريق ليست واحدة ، فهي واحدة في الظاهر، وهي طرق في الباطن، كلنا نمشي وكلنا له خطواته التي تختلف عن خطوات الآخرين” وعن كتاباته الأخيرة المتسمة بغزارة العطاء، يقول : “أعتقد أن الكتابة مثل التنفس عند الشاعر، حينما أكتب، ولربما تقريبا كل يوم، أتنفس الهواء وأحس أنني أعيش، أو أنني أحيا، ولا أنتهي من كتابة قصيدة إلا بعد أن أعيشها لغة ورؤيا، إلا بعد تغيير وتبديل،. وفي بعض الأحايين، تأتي القصيدة دون أن أبحث عنها ، تأتي مكتملة بقدمها ، تنزل علي فأنزلها على الورقة.
القصيدة التي أكتب في هذه السنين الأخيرة، هي غور في الذات وغور في الحياة.”
ومعلوم أن الشاعر عبد الكريم الطبال أصدر العدلد من الجواوين الشعرية نذكر منها : “الطريق إلى الإنسان” (1971)، “الأشياء المنكسرة (1974)، “عابر سبيل” (1993)، “آخر المساء” (1994)، “شجر البياض” (1995)، “القبض على الماء” (1996)، “على عتبة البحر” (2000) و”نمنمات” التي حاز بها على جائزة الكتاب لسنة2016 .