الغجريات على خشبة مسرح”الفدَّان”.
الخميس 06 اكتوبر 2016 – 11:11:39
وَدّتْ جمعية المسرح الأدبي أنْ تنظم فضاء تطاون المتوسطي للمسرح المتعدِّد لهذه السنة ، تحت شعار : المسرح و التنمية . و إذا به يضيء شمعته الإحدى عشرة ، ليعيش الحدث من بين قضايا شعبه بكل صعابها و إكراهاتها . وقد ارتوى من معين عيون انفجرتْ مياهها من مدرسة الحياة ، لتنعش العشبَ الذابل ، بفنِّ التلقي و الإبداع المسرحي بحثا عن المعايير الاجتماعية بقدرات تمثيلية ” لتشخيص ” أمراض المجتمع حتى يتساوى أفق المشاهد مع نصوص المؤلف .
خشبة تنفض الغبار عن العقول و ترفع الغشاوة عن الأعين ، لتهذيب الذوق ، و الارتقاء به إلى الأحاسيس المرهفة . لكي يصل المتلقي إلى فهم مدلول الرواية و يتحرَّر من نمطية المألوف ، من أجل استيعاب ميكانيزمات الكتابة و التأليف و التمثيل في بناء نصّ القصة و توليد دلالتها . فالعمل المسرحي مبني على تفعيل قدرات المشاهد لتكسير “الطابوهات” ، ليستعلم سيرورة التطوُّر و الحداثة .
النصوص المسرحية لا ترسم بأشكال مباشرة ، بل جمالية النصِّ الحكائي و البعد النسقي ، و حرفية استثماره من خلال فعل العرض ، إذ به يعتزُّ بحرمة العلم و اتساع الأفق للمخيِّلة الثقافية من الإبداع الفكري ، للتعبيرعن حق من حقوق الإنسان . فهو جزء من منظومة القيم باحتوائه على المفاهيم الكونية . فهو أيضا قضية مركزية و معلمة للتلاقح الفكري . إذِ الحياة مسرحية شاملة متعدِّدة الأبواب و الفصول .
هؤلاء الفنانون الأشاوش يبصرون مكامن الخلل اقتباسا و إبداعا ، فيلجون الخشبة و على أديمها لسوَيعات ، لينصهروا على نهل الصوفية لتشخيص قضية من ريش المجتمع . تحتوي هذه الدورة على عرض ست مسرحيات من بلاد الأردن و إسبانيا و جمهورية مصر العربية و المغرب . فالأشجار تعرف من ثمارها ، و بفضل هؤلاء الأبطال الذين غرسوا شرايينها لتأصيل الغايات النبيلة ، تفصلنا عن الأنا الذاتية ، يتمُّ تكريم مجهودات الفنانين في شخصية ، أبو سماقة من الأردن الشقيق ، و شاري إكسيريساطي من إسبانيا ، و روجينا و د.أشرف زكي من مصر ثمَّ ذ.رشيد بن رزوق من المغرب .المسرح أنهار متعدِّدة المنابع ، تملأ السواقي للروافد التي تصبُّ في بحار الحياة . خطابه سلس لأفكار من إبداع الأناسي ، وهو توأم لفن الأدب و الموسيقى و التشكيل ، بصياغة دلالة أصلية تعتمد العقل و الخيال و الحداثة .
ما هو إلا سينفونية وجدانية ، ثِقــلُ مَبانيها على مَعـانيها. يستشرف به آفاق و أصول لتأصيل ثقافة الاختلاف الفكري ، لاستثمار الأهداف النبيلة من أجل إنتاج فهم أكاديمي يترسخ في مدرَّجات الحوار لمناقشات العروض المسرحية ، لإغناء و إثراء و إرساء قواعد الاختلاف ” المولييريَة- الشيكسبيريَة ” . إنِ هي إلا نبذة من جمال الكون للقاح على أجنحة زاهية لفراشات في حضن الملِكة ، في مشتل من سرب يحوم حول ورود و زهور و ياسمين تمتضُّ رحيقها في حديقة بساتين الحياة