الفنان بوعبيد بوزيد يكرم بدار ربيع
جريدة الشمال – متابعة (تكربم بوعبيد بوزيد)
هكذا احتضنت ” دار ربيع” ، الذي أبى صاحبها ، إلا أن يقتسم فضاءها ـ بعد أن كانت مرسمه الخاص ـ مع مجتمع الفن و الثقافة . حيث صرح الرسام عادل ربيع ، في كلمته الترحيبية في تلك الصبحية الخريفية زمنا ، اليانعة الطقس ربيعا ، ” أن هذا الفضاء يحتضن اليوم ثالث تظاهرة ثقافية”، فكانت الحفاوة ، و كان الترحاب ، و كان التلاحم بين تلقائية ضيوف المنصة ، و الحضور و شخص المحتفى به.
الفضاء في حد ذاته لوحة فنية يمتزج فيها الحديث بالأصيل…تكسو جدرانه لوحات مختلفة الأحجام ، من إبداع مجموعة من رسامي مدينة تطوان ،تتوسطها ـ بحجم أكبرـ لوحتان للفنان المحتفى به. بينما المنصة تحف بها شخصيات لها ثقلها الثقافي و الفني ببلادنا، و هم السادة :
ـ الدكتور المهدي بنعبود
ـ الدكتور المهدي الزواق مديرمعهد الفنون الجميلة
ـ قيدوم الرسامين بمدينة تطوان ، الفنان سعد بنسفاج
ـ الرسام الأكاديمي عبد الكريم الوزاني
ـ الفنان حسن الشاعر
قام بتنسيق فقرات الحفل، الدكتور المهدي الزواق ، مفتتحا اللقاء بكلمة شكر في حق صاحب فكرة المبادرة و فضاؤها ، الفنان عادل ربيع، ليليها بعد ذلك بسرد بيبليوغرافي لشخصية المحتفى به. و قبل أن يعطي الكلمة للفنان سعد بنسفاج ، الذي قدمه أنه بمثابة الأخ الأكبر للمحتفى به ، أشار الى أن هذه الصبحية ستكون بدون رسميات.
استهل الفنان سعد بنسفاج شهادته في حق المحتفى به ، بتوجيه كلمة الشكر لصاحب فضاء ” دار ربيع” و تثمين مبادرته في مجال خدمة الفن و الفنانين ، معرجا بعد ذلك على علاقته الخاصة بالفنان بوعبيد قائلا : ” بوعبيد كان تلميذي ، و اليوم أصبحت أنا تلميذه . يتكلم عني بمعلومات أنا شخصيا لا أعرفها عن نفسي. كان يستدرجني لمرسمي ، كي يناقشني في أعمالي ، وهو ما زال تلميذا. و استمر هذا الاهتمام و التواصل ـ كذلك ـ بيننا نحن الاثنين و الراحل المكي مغارة.ثم يضيف الفنان سعد بنسفاج ” على التطاونيين أن يدركوا أنهم ربحوا عن طريق بوعبيد ” المتحف الاقليمي للفن الحديث” ، و أن الفن بمدينة تطوان مبني ثقافيا . و الفنان بوعبيد ، فنان مثقف . ثم يلتفت إليه مداعبا : ” يبدو أنك من الوندال، لأنك متمكن من أغرب ما مر في تاريخ بلادنا “ـ ثم يسترسل متوجها هذه المرة نحو الحضور ـ كما أنه باحث ، يشتغل بقلبه . إنجازاته هي عبارة عن ” art du coeur”. ليختم كلمته بتوصية للمجلس البلدي لمدينة تطوان ، بشراء لوحات بوعبيد ” فهي فخر للمرافق الإدارية بالمدينة ، وواجهة ثقافية لها”.
بعده استعاد الدكتور الزواق المايكروفون ، مؤكدا ما جاء في كلمة الفنان سعد ، مقدما الشخصية الثانية التي ستدلي بشهادتها في حق الشخصية المكرمة ،الفنان عبد الكريم الوزاني ، رفيق دربه ، و شريكه في تطوير مؤسسة الفنون الجميلة ، كجامعة فنية ذات إشعاع و حضور.
و كما أشار الدكتور الزواق ، في كلمته الافتتاحية ، فإن حفل تكريم الفنان بوعبيد ، كان خارجا عن الرسميات . يعكس روح الفن المتحررة، التي تجلت ـ هذه المرة ـ في حيرة الأستاذ الفنان الوزاني ، وهو يبتسم فيما يشبه الخجل قائلا :” ماذا عساه يقول الزمار في عرس ابنته”…. قبل أن يسترسل في عرض مراحل من تجربتهما المشتركة.”علاقتي ببوعبيد جذورها ممتدة منذ أيام الدراسة…ظلت مترابطة … يملؤها المرح رغم اختلافنا. أنا أهتم بما هو آت…وهو عاشق للتاريخ. و هذه كلمة سبق و أن قالها هو في حقي في إحدى المناسبات. وهو كذلك مغرم بمدينة تطوان لحد الوله . يقدمها لزائريها بأسلوب فني، و بمعطيات ثقافية حول فن المعمار و التاريخ. بوعبيد أستاذ صديق الطلبة. سعيد هو من يحظى بفرصة تسجيل بحثه معه. كما أن طريقنا لم يبدأ معبدا. فبعد عودتنا من رحلتنا الدراسية، و كلنا حماس، تعذر علينا عرض أعمالنا في القاعات المعروفة آنذاك. لكننا بكل تحدي، قمنا بعرض لوحاتنا بساحة الفدان. كانت تجربة فريدة من نوعها بمدينة تطوان . أطلقنا عليها اسم ” معرض الربيع”. و بالرغم من سقوط المطر عند كل افتتاح ، فقد كانت حصيلة التجربة ست معارض ، نتج عنها ما عرف بعد ذلك بالفن الحديث.
بعد أن قدم الموسيقي الشاب فهد بنكيران ، مقطوعة أندلسية بعزف منفرد على العود. عادت الكلمة لمنسق فقرات الحفل الدكتور الزواق ، الذي أضاف للحضور معلومات جديدة عن المحتفى به . و كيف أن الفنان بوعبيد الأكاديمي ، قبل أن تسند إليه مسؤوليه إدارة ” مركز الفن الحديث” ، كان قد أضاف إلى رصيده العلمي ، دراسة “علم التحافة “، كتخصص في تسيير المتاحف ، و ترميم اللوحات. كما زار ـ في هذا الإطار ـ كل متاحف اسبانيا. مشيرا كذلك إلى كون الفنان الأكاديمي المكرم ، يدرس بجامعة ” ويلفا ” الإسبانية. بعد هذه الإضافة ، حول مسيرة الفنان بوعبيد ، أعطيت الكلمة للدكتورمحمد بنعبود ، الذي قددمه المنسق ، على أنه يقتسم مع صاحب التكريم حب مدينة تطوان ، و أنه من أجلها تخلى عن تدريسه بجامعة محمد الخامس بالرباط . كما أنهما رفقة عمل جمعوي تحت مظلة جمعية ” تطاون سمير”
في البداية صرح الدكتور بنعبود للحضور ، أنه لما أخبروه بدعوته لتقديم شهادته ، في حق الفنان بوعبيد ، لجأ إلى حاسوبه لتدوين ما راكمته رفقتهما ، و تجربتهما الإنسانية و العملية المشتركة ، تحت عنوان ” بوعبيد الإنسان و الصديق و الفنان” ، فكان أن أخذ الموضوع سبع صفحات ، وهو الأمر الذي صعب معه تقديمه في هذا اللقاء ، معلنا أنه يوجد على موقعه الالكتروني لمن يريد أن يطلع عليه. موضحا أنه مكتوب باللغة الانجليزية ، بحكم أن دراسته بكل مراحلها ، كانت بهذه اللغة. ثم بعد ذلك قدم الدكتور بنعبود ملخص تجربته مع الفنان بوعبيد . تكلم عن عملهما من أجل إخراج مشروع ” مركز الفن الحديث” إلى الوجود. ” حققنا أنا و بوعبيد عدة مشاريع، في إطار عملنا بجمعية ” تطاون سمير” . و بصفته رئيس اللجنة الفنية، كان له أكبر دور في إنجاز ” مركز الفن الحديث”. هذا بالإضافة ـ يقول الدكتور بنعبود ـ إلى مشاركته في تدريس التراث الثقافي ، في المغرب و اسبانيا ، و في أغلب الأحيان ، دون أن يتقاضى أتعابه. كما ساهم في تهييء دليل فناني مدينة تطوان. ثم يضيف : ” بوعبيد إنسان هادئ يشتغل بعقلية الفريق . يتعامل مع الفنانين و المؤرخين مثل الأستاذ محمد الشريف المختص في تاريخ المغرب و الأندلس ، و الأستاذ شكيب الشعيري ( مشيرا الى المعنيين بالأمر الجالسين بين الحضور).
كان منسق فقرات الصبحية ، كلما عادت الكلمة إليه ، يلقي بإضافة معلومة جديدة حول شخصية المحتفى به . حيث الحم كلامه بآخر كلمة من مداخلة الدكتور بنعبود ، ملتقطا السياق ، ليضيف قائلا: “إن منهج العمل لدى الفنان بوعبيد منفتح على التعدد في التخصصات” . و قبل أن يعود لتقديم صاحب المداخلة الموالية الأستاذ حسن الشاعر الفنان التشكيلي و تلميذ سابق للمكرم ، و زميله في التدريس بمعهد الفنون الجميلة . أشار الدكتور الزواق أن دار إذاعة تطوان ، بعثت فرقتها لتغطية الحدث. و نحن بدورنا ، شاهدنا السيدة خديجة البقالي مندوبة وزارة الإعلام ضمن الحضور .
كلمة الفنان حسن الشاعر كانت بالفرنسية، افتتحها بشكر الفنان المضيف، عادل ربيع ، موضحا ـ في نفس الوقت ـ عن كونه يرسم أكثر مما يكتب…و عن علاقته بالفنان بوعبيد يقول :” إنني من أقدم تلاميذ الفنان بوعبيد. و هو إنسان ألهمني. الكلمات لا تسعفني في التعريف به.,إنه لا يقارن بالآخرين، لكن الآخرين يمكن أن نقارنهم به. علمنا الانطلاق من الذات للآخر، مع احترام التراث و المعاصرة.
أما كلمة الفنان بوعبيد بوزيد ، فقد جاءت مفعمة بالأحاسيس ، أمام فيوضات المشاعر التي تلقاها من محبيه و رفاق دربه و تلامذته ، الذين حضروا هذه الصبحية…كان الامتنان لهم جميعا ناطقا على محياه. و حين تقدمت إليه الطفلة نجلة الفنان عادل ربيع بباقة الورد ، ازداد حبوره . أما هدية الدكتور الزواق ، فقد رمت به في غمر معشوقيه التاريخ و الفن . كانت الهدية عبارة عن قطعة فخار مصنوعة على شكل نوع من القطع التي يستعملها الرومان لتجسيد رسوماتهم . هذا ما شرحه الفنان بوعبيد للحضور، بينما فرحة طفولية تداعب ملامح وجهه ، مضيفا أن هذه القطعة يصنعها شخص يدعى ميمون ، و أنه يعتبر هذه الهدية تحفة فنية. ليختم كلمته باعتراف جميل بفضل شخصين على كل نجاحاته هما أخوه المهندس…..و حرمه المربية الفاضلة الحاجة إحسان البازي.
أما آخر هدية تلقاها المحتفى به ، فكانت أغنية …..من تلحين الفنان جواد الدفوف ، أداها هو نفسه رفقة الموهبة الصاعدة نضال البقالي ، و على نغماتها اختتم الحفل ، بأخذ الصور التذكارية مع المحتفى به.