المجلس الإقليمي لشفشاون وجمعية”ارحيوة” ينظمان رحلة ثقافية لزيارة الكتاب في معرضه الدولي
جريدة الشمــال – عبد الحي مفتـاح ( رحلة ثقافية لزيارة الكتاب في معرضه الدولي )
الثــلاثاء 27 فبراير 2018 – 17:32:30
وإذا كانت المناسبة شرط فهذه الرحلة تجرنا للحديث عن الكتاب ووضعيته في العصر الراهن، ووسائل ترويجه.
الكتاب هو وعاء قديم للعلم والمعرفة بشتى أصنافهما، وعبر الكتاب تناقلت البشرية الأساطير والأفكار و تجارب الشعوب وعاداتها والأحداث والتواريخ وأوصاف المناطق والإبداعات والاختـراعــات إلخ.
الكتاب لذلك هو أداة أساسية في حفظ ذاكرة الإنسانية وشحذ ذكائها وصنع تطـورها، لعدم قدرة الذاكرة غيـر المكتوبة على مقاومة آفة النسيان، و الصمود في وجه الزمن الذي يجري كالماء.
الكتاب احتفت به كل الثقـافـات والشعوب، وحظي لذلك المُـؤلفون والكتبة بمنزلة خاصة في المجتمع ولدى أصحاب القرار، بل إن أغلبهم كان مقربا من دواليب السلطة، وكواليس الأمر والنهي.
إلى حدود القرن العشرين ظل الكتاب الورقي يهيمن على سوق الكتابة والقراءة والنشر، ولم تكن تنافسه أوعية أخرى قوية لنشر الكتاب وتداوله، إلى أن حل الأنترنت والوسائط المعلوماتية أو الإلكترونية فنزل الكتاب الورقي من عليائه، بل إن الكثير من دور النشر أصابها الذعر من جراء ارتفاع تداول الكتاب المصور أو الإلكتروني بشكل صاروخي عبر الوسائط الجديدة، وبالتالي نزول أرقام مبيعات الكتاب الورقي، بل إن الصحافة الورقية وهي صنو للكتاب على المستوى الآني أو اليومي ضربها الزلزال، وكان عليها أن تساير ما ليس منه بد أو الموت، خصوصا مع انتشار الصحافة الالكترونية ومنافستها الشرسة.
الكتاب لحسن الحظ ليس كالأكلة السريعة، فاستهلاكه مرتبط بزمن ممتد، كما أن إنتاجه يحتاج إلى وقت قد يطول ويقصر، و هكذا فقد استغرقت كتابة كتب سنوات طوال بل عقودا خلافا لأخرى، كما أن كتبا تخضع للتنقيح والزيادة عبر طبعاتها المتعددة وأخرى لاتخضع لمشرح هذه العمليات.
قبل عقود ظهرت آلات النسخ و عرفت تطورا سريعا، كما عرف لذلك ثمن النسخ انخفاضا يوما عن يوم، وتعرض الكتاب المطبوع للقرصنة والسرقة عبر النسخ، لذلك كنا نرى تنبيها مكتوبا على بعض الكتب” النسخ يقتل الكتاب”، ومع ذلك لم يتأثر الكتاب كثيرا من آفة النسخ لأنها بقيت محدودة، لكن مع إنتشار النسخ/ المسخ الالكتروني للكتاب أو النشر والتداول الالكتروني بصفة عامة، بدأت تطرح أسئلة بخصوص استمرارية الكتاب الورقي وحدود صموده من أجل البقاء، خصوصا وأن الحديث عن تعويضه بالكتاب الرقمي اصبح هو المستقبل، ومع ذلك لا بد من القول إن الكتاب الورقي ما زال لم يفقد بريقه بعد لاعتبارات متعددة مرتبطة بعادة القراءة وطقوسها، وحسية الكتاب و سهولة التفاعل بالقلم معه، ثم لأن نسخ الكتب المتداولة إلكترونيا ما زالت تتعب العين و تعيي الأعصاب، وإن كان تداولها أصبح أكثر يسرا وسرعة.
الكتاب هو الكتاب إنه عصارة جهد فكري وخيالي ودراسي وبحثي لمؤلفيه، وسواء كان الحامل ورقيا أم إلكترونيا، فالكاتب أيضا يظل هو الكاتب لا يمكن أن نتجاوزه أو نستغني عنه، لكن طريقة إنتاج الكتب ونشرها وترويجها، وحقوق التأليف هي التي تعرف تحولات وربما سيطرأ عليها تغييرات جوهرية في المستقبل، وإذا كانت وسائل التواصل وقع فيها ثورة فإنها لا زالت متجاورة، فالراديو مازال موجودا إلى جانب التلفزيون والسينما والفيديو والصحيفة والكتاب والأنترنت إلخ.
وهكذا، فجمعية “ارحيوة” حسب ناطقها الرسمي محمد البوقديدي مازالت تقاوم التيار الجارف و تعول على الكتاب الورقي كحامل لنشر الثقافة وقد قامت بمبادرات متعددة لخلق وتزويد مكتبات في مؤسسات إيواء التلاميذ كدور الطالب والطالبة، وبدور الأطفال التي تدبرها الجمعيات الخيرية، و كذا بمؤسسة السجن المدني بشفشاون، ويقول محمد البوقديدي في هذا الصدد إن هذه المبادرات تهدف إلى الاحتفاء بالكتاب الورقي وتمكين الفئات الهشة منه، وهي مبادرات تقوم بها بدعم من وزارة الثقافة و والمجلس الإقليمي والمجلس البلدي لشفشاون.
وقال محمد البوقديدي أيضا بخصوص الرحلة إلى المعرض الدولي للكتاب إنها تندرج في إطار تنفيذ أهداف الجمعية الرامية إلى انخراط الجماعات الترابية في تشجيع المثقفين والإنتاج الثقافي، و كذلك في إطار برنامج الشراكة الثقافية الذي يجمعها بالمجلس الإقليمي لشفشاون، وأضاف محمد البوقديدي إن الثقافة هي الضامنة للحمة الشعوب والصانعة لرؤيتها المستقبلية والحافظة لها من الزيغ والتيهان، لذلك وجب توفير الإمكانيات اللازمة للجمعيات الجادة التي تنشط في المجال الثقافي ورصد اعتمادات مهمة في ميزانيات الجماعات لدعم الثقافة والأنشطة الثقافية ، وشكر في هذا الصدد المجلس الإقليمي لشفشاون ورئيسه عبدالرحيم بوعزة على العناية التي يوليها للمجال الثقافي وعلى الدعم السخي الذي يخصصه للجمعيات وأشطتها الثقافية.