سؤال المغرب الذي نريد بعد انتخابات 8 شتنبر 2021 سؤال عريض ومتشابك بل إشكالي.
القاعدة البسيطة تقول: من المقدمات نعرف النتائج، أو كما نقول شعبيا: “النهار الزين باين من صباحو”، لكن…
تراكمات سلبية عديدة أفقدت السياسة و بالتالي الانتخابات طعمها الديموقراطي، بعدها التداولي، نفسها الإصلاحي، و هدفها التجديدي، لكن…
تراكمات في تآكل منسوب الثقة في الطبقة السياسية، تراكمات في اتساع هوة الفوارق الاجتماعية والمجالية، تراكمات في اتساع رقعة المطالب الاجتماعية و انخفاض في التدبير الرشيد للموارد العامة، تراكمات في الشعور بالاستياء و النقمة، و تراكمات في الإحساس بالظلم و” الحكرة”، لكن…
تأتي الانتخابات كل مرة و الناس ينتظرون عروضا جديدة، و قوى جديدة، و خطابات جديدة و ممارسات جديدة، وسلوكات أخرى تعيد لهم الاعتبار و سياسات جديدة تقترب من همومهم، تواسيهم، تضمد جراحهم، وتداوي قروحهم، وتبحث بجدية عن دواء لأمراض المجتمع البنيوية، لكن…
تأتي الانتخابات كل مرة والناس قد أعياهم الأمل، هدتهم الخيبات، استسلموا للقدر، فيصرخون في صمت ولا من مجيب، يدعون سرا ويبستمون علانية لعل الله يصلح حال هذه الأمة، لكن…
تأتي الانتخابات كل مرة والناس يستغربون من صبرهم، و قدرتهم على تحمل إفك السنين، يستغربون من صلافة من يبيعون ويشترون في مآسيهم، يستعجبون ممن هان عليهم فقر الوطن في مقابل غناهم الذاتي، ممن ضيعوا فرص النماء على مدنهم وقراهم، ممن حولوا وطنهم إلى بقرة حلوب حتى أدموه، لكن…
يا صبر أيوب لا تجعل بلدنا يقسو علينا أكثر، يا هؤلاء، يا إخوتنا و أخواتنا الذين يخطبون ودنا كل خمس أو ست سنين، لا نريد منكم جزاء و لاشكورا، لكن نريد فقط :
مغربا يتسع لنا جميعا؛
مغربا يصون كرامة كل أبنائه وبناته؛
مغربا تتمتع فيه بالحرية و الحياة؛
مغربا لا نفضل أي بقعة في الأرض عليه؛
مغربا نعمل من أجله جميعا وننعم بخيره جميعا؛
مغربا يصفو ماؤه و يحنو ترابه و نتنسم بالتذاذ هواءه؛
مغربا يبز الدول عدلا، وتعلو راية فوق الرايات؛
مغربا آمنا، ديموقراطيا، متعددا، متسامحا، متضامنا و متآخيا؛
مغربا يبني، يتقدم، يزدهر؛
مغربا يفتح أشرعة الحلم و آفاق الإبداع و إمكانيات المبادرة؛
مغربا يفخر بالمغاربة، ومغاربة يفخرون بمغربهم؛
نناشدكم إخواننا أخواتنا، يا من وضعنا فيكم ثقتنا و توسمنا فيكم الخير أن لا تقضوا على بصيص الأمل الذي تبقى لنا، لأننا نريد مغربا آخر بعد الجائحة، مغربا لنا جميعا سقف بيته الوارف الحاضن حديد و ركنه حجر، فما أشد العواصف والأهوال والأطماع التي تحيط بنا؟ ! .
عبد الحي مفتاح