المفكر والأفكار
جريدة الشمال – بقلم : عبد القادر أحمد بن قدور ( محمد عزيز الحبابي )
الجمعة 12 يناير 2018 – 16:01:38
ومؤتمر باندونغ لعدم الانحياز( ) الذي وحد العالم النامي برئاسة الرئيس والقائد المرحوم برحمة الله الواسعة جمال عبد الناصر الراحل رئيس الجمهورية العربية المتحدة دولة مصر الشقيقة وجواهر للا نهرو والماريشال تيتو والزعيم الراحل المرحوم برحمة الله الواسعة الشهيد المهدي بنبركة وآخرون، ضد الفقر والجوع والتهميش، ومع شعوب العالم الثالث من أجل التحرر ومصير واحد ووحدوي ضد الامبريالية (المتوحشة) وغيرها، ويعملون من أجل أفكار تقدمية ووطنية لإنعاش هذه الشعوب وتقدمها، وبمصير واحد، وأفكار تحررية وديمقراطية مع الثورة الطلابية في شهر ماي سنة 1968 التي كان في مقدمة مسيراتها (جان بول سارتر) و (سيمون دوڤوفوار) ومفكرون آخرون تجمعهم وحدة الأفكار التقدمية والمتنورة والوطنية الخالصة، بأهداف سامية لتغيير مصير فرنسا والعالم.
في هذا الحماس الطلابي المنقطع النظير … وهذه الأفكار الثورية … لطلاب فرنسا الذي كان أثره في العالم للطلاب المتنورين أينما كانوا ..حتى ببلدي انتعش الطلاب بعدما خمدوا لفترة بعد الهجمة العسكرية الأفقيرية بالدار البيضاء سنة 1965 لفترة .. من أجل مطالب التلاميذ والطلبة العادلة جاء المد الطلابي النضالي الكاسح لما دخلت الجامعة في سنوات 1968 وما يليها … فعشت سنوات الرصاص والجمر المتقد كما يسميها الكثيرون، وأنا في ريعان الشباب … عشت أجواء الجامعة بمناشيرها التي كنت أوزعها وملصقاتها الوهاجة والمكافحة والنضالية للدفاع عن مصالح الطلبة الغيورين كلهم على هذا الوطن ومؤازرة الفئات الشعبية المحتاجة في مطالبها لحقوقها من أجل الغد الأفضل والعيش الكريم، ومناصرة المضطهدين والمقهورين في كل مكان، وضد من يقدم لبلدي هربا من شعبه الذي ثار عليه وهجره …
حضرت في تلك السنوات كذلك وشاركت بتدخلات كغيري مع كثير من الطلبة المجدين في ندوات الفكر والتعليم والتنوير والرواية والإبداع بدار الفكر بالرباط (الآن مكانها نيابة وكالة المغرب للأنباء) ويا مادار الفكر آنذاك .. وبعد في المقر الجديد لاتحاد الكتاب للمغرب، (بزنقة سوسة رقم 5 بالرباط) وندوات جميلة للإبداع والثقافة الجادة بكل معانيها …
لا زلت لا أنسى … ولن أنسى ذلك المفكر الكبير والعميد المغربي الأول بعد الاستقلال لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط– بجامعة محمد الخامس التي أسسها رائد ثورة الملك والشعب، هذه الثورة التي ابتدأت مند شهر غشت سنة 1953 بالمغرب كافة بقيادة القائد الهمام الملهم جلالة الملك محمد الخامس قدس الله روحه الذي كان دائما مع الوطنيين الأقحاح يعمل بكل قواه وأفكاره من أجل استقلال المغرب وارجاع الأسرة الملكية من المنفى الى وطننا العزيز، مع وارث سره الملك الراحل المغفور له الحسن الثاني الذي بنى المغرب بالسدود العديدة ومسيرة الوحدة الخضراء المظفرة سنة 1975 التاريخية والمجيدة، وغير ذلك…
– و د. محمد عزيز الحبابي المعرب لشعبة الفلسفة الأول بالمغرب، والفيلسوف ذو الأخلاق العالية رحمه الله ومتعه بالرضوان والغفران ،وعبد ربه كنت جالسا بجانبه في الأمام مع الحاضرين ، وقد قبض على يدي اليسرىبحرارة وشد عليها منذ البداية … بداية الأمسية الشعرية لأستاذ الفلسفة الشاعر الدكتور بنسالم حميش الذي ألف وأبدع عدة روايات هامة أخذ على بعضها جوائز أساسية؛ ووزير الشؤون الثقافية سابقا- الذي فرق بيننا بعضا من نسخ قصائده قبل أن يقرأها علينا بإنشاد جميل أخاذ وفكر ثاقب، وهو في ريعان الشباب قد جاء ليدرس بالجامعة بالرباط، وأفكار الفلسفة الوجودية والماركسية والماوستونغية تحشو ذهنه المتقد وذهن العديد من الطلبة الوجوديين والمتنورين … وذلك الوقور الأستاذ الدكتور الجليل المرحوم برحمة الله الواسعة الراحل عبد الكريم غلال مدير جريدة “العلم”
الوطنية والغراء ورئيس اتحاد كتاب المغرب الملتزم كثيرا وقويا بالمبادئ الوطنية الخالصة والمتقدة بالثقافة المتزنة والمتنورة آنذاك، بعد فترة قدم لنا الفيلسوف الكبير والمبدع الخلاق الذي بجانبي تقديما رائعا ومشرفا يليق بمقامه وفكره المتزن المشحون بإكسير الحياة والفلسفة الشخصانية الإسلامية وكل من ينير الطريق، طريق البناء والتقدم المتواصل في العلياء، فقرأ علينا قصائد جميلة وأخاذة ومبهرة لذكرياته الجميلة وعواطفه الجياشة المؤثرة والبليغة والملتهبة بباريس مدينة الأنوار والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية بالإحساس الجميل والوقاد باللغتين العربية والفرنسية … فكان الأثر في الأدمغة الوقادة والوهاجة بإمعان وتبصر وروعة ما بعدها روعة وفتنةبليغة في الروح والوجدان والأفكار … بعد نفي اضطراري للمفكر والشاعر الأخاذ الذي يبهر ويسحر الألباب المرحوم والراحل الآنف الذكر في بلد جار كغيره من الثوريين والمناضلين الأحرار ليدرس بها في جامعاتها وهي الجزائر الشقيقة الذي تعاون المغاربة الأحرار المقاومين للعمل على استقلالها وتحريرها وعلى رأسهم العقيد (القايد) الجليل المناضل الفذ والوطني الكبير الغيور الراحل المقاوم الهاشمي الطود بن عبد السلام – القصري حتى النخاع- المتوفي بتاريخ 16 أكتوبر 2016 بعد عمر مليء بالكفاح المستميت والصمود المتواصل من أجل تحرير فلسطين السليبة والحبيبة وبلدان المغرب العربي وعلى رأسهم بلدنا العزيز ودولة الجزائر وشعبها الشقيق، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
هذا وقد ساعد هذا الكولونيل الشهم المغوار هو ومقاومين مغاربة آخرين ورواد الثورة الجزائرية بالعدة والعتاد والرجال والسلاح وغير ذلك لتحريرها واستقلالها حتى حصلت عليه بفضل أزيد من مليون شهيد في بداية الستينات من القرن الماضي …
وفي هذه الأمسية كانت فرحة عارمة للكل على وجود المرحوم والراحل آنذاك محمد عزيز الحبابي العميد والمفكر والشاعر والروائي ينتصر للتحرر ويصمد أمام الزوابع … صمود الأحرار والأبرار … كما انتصر الطلاب في العالم آنذاك بوحدتهم وتكتلهم وانتصاراتهم لكل جميل بأفكار يسارية واجتماعية هامة ووطنية، ونضال مستميت في أفق رحب يعمل من أجل التغيير المنشود مع الفكر والإبداع الملتزم وقضايا الإنسانية والأمة والتحرر والانعتاق من الظلم والاضطهاد بتضحيات جسام حققت بعض أهدافها بإصرار ومواكبة وعناد وحماس منقطع النظير …
إنها ذكريات جميلة عابقة بالعطر والإخلاص التواق إلى الانعتاق من الظلم والفقر والحاجة للوصول إلى المواطنة الحقة بكرامة الإنسان وتحقيق ميثاق حقوق الإنسان والمواثيق الحقوقية الأخرى للإنسان … إنها كرامة الإنسان نضحي من أجلها بالغالي والنفيس لتحقيقها وتحقيق الحق والعدل الاجتماعي والمساواة في الحقوق والواجبات ليكون التآخي بين الإنسان والإنسان فيتحقق السلم والأمان بالعمل البناء والعقل والروح السامية والعواطف الجياشة، والأحاسيس النبيلة الفياضة بالإخلاص والتفاني فيه …
وهذه نظرة موجزة عن حياة المفكر محمد عزيز الحبابي الفكرية والإبداعية:
– المفكر الكبير والفيلسوف المرحوم والراحل محمد عزيز الحبابي حصل على الدكتورة في الفلسفة الشخصانية الإسلامية وكان أول دكتور مغربي حصل عليها في الأربعينات من القرن الماضي في الجامعة الفرنسية، وله ثلاث روايات “جيل الظمأ” و “إكسير الحياة” باللغة العربية و “العض على الحديد” باللغة الفرنسية، وديوانين شعريين “أغاني الأمل” باللغة العربية، والديوان الثاني بعنوان “عالم الغد” باللغة الفرنسية … إلى غير ذلك، والدراسات والبحوث والمقالات العديدة الأخرى ….
ـــــــــــــ
1 – وحاليا براغ هي عاصمة جمهورية التشيك بعد تقسيم يوغسلافيا الفدرالية.
2 – مؤتمر عدم الانحياز كان سنة 1954...