المفهوم الحقيقي للإفلاس… توضيحه
الجمعة 13 ينايـر 2017 – 14:14:31
إنَّ الحبيبَ المصطفى لم يترك ـ صلى الله عليه وسلم ـ طريقا من طروق الخير، إلا دله لأمته، ولم يترك سبيلا من سبل الشر إلا حذر أمته منه، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، إن هذا الهدي النبوي الشريف يلفت أنظار الصحابة ـ رضي الله عليهم جميعا ـ إلى أمر عظيم ومهم وإلى ناحية دقيقة طالما غفل الكثير من الناس عنها ولم ينتبهوا لها، ألا وهو توضيح مفهوم «الإفلاس» على حقيقته. الناس يعدون أن المفلس هو الذي ليس له من المال شيئا، أو الذي ضيع ثروته وماله، فهم الذين يحرصرون الإفلاس في الدرهم والدنيا والمتاع، إن هذه نظرة ضيقة.
الرسول عليه الصلاة والسلام، ينظر إلى الإفلاس من زاوية واسعة لأنه مهتم بالحقيقة لا بالصورة وبالواقع لا بالمظهر، إنه عليه ـ الصلاة والسلام ـ يخاطب أصحابه بأسلوب فيه إشارة إلى البحث والتفكير وتنبيه لهم إلى غوص في أعماق الموضوع ليظهر لأصحابه الحقيقة الناصعة الجلية، عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، «إن رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت قبل أن يقضي ماعليه، أخذ خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار» رواه مسلم.
تعريف المفلس: التعريف العرفي والتعريف الشرعي، إن التعريف المتعارف عليه بين الناس: هو من لا درهم له ولا متاع «أي المفلس من المال» والتعريف الشرعي: أن المفلس هو من اعتدى على غيره بالشتم أو القذف أو الغيبة أو سفك دم وأكل مال بالباطل، فإنه يؤخذ من حسناته ما يقابل هذه الأعمال وتعطى حسناته لمن اعتدى عليهم، حتى تفنى حسناته ويصبح مفلسا من الحسنات، والعياذ باللهّ تعالى. التحذير من العدوان على الناس، كما يجب على الإنسان أن يؤدي ما للناس في حياته قبل مماته، حتى يكون القصاص في الدنيا ممّا يستطيع، أما في الآخرة فليس هناك إلا الحسنات أو السيئات، فيبقى هكذا حتى يفدي نفسه، ليس فيه إلا الحسنات أو السيئات. إن السيئات إذا غلبت الحسنات أدخلت صاحبها إلى النار والعياذ بالله.
سئل رسول اللّه عليه الصلاة والسلام عن بيع الرطب بالتمر «أينقص إذا جف؟» حيث قالوا: «نعم» فنهى رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلم ـ عن ذلك، أما في هذه الحديث فسيخبر الصحابة عن أمر لا يعلمونه، أو لا يعملون مراد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ به.
صدق رسول الله صلى اللّه عليه وسلّم، إن هذا هو المفلس حقا، فإن الدنيا تأتي وتذهب، وربما يكون الإنسان فقيرا، فيمسي غنيا، أو العكس، لكن الإفلاس كل الإفلاس أن يفلس الإنسان من حسناته ثم يؤخذ منه لفلان وفلان، فلا بد لكل عاقل أن يتوقف برهة من الزمان ليحاسب نفسه ويعيد تقييم ذاته عسى يجتنب غضب اللّه عليه في الدنيا الفانية وأن يكون من الناجين في يوم القيامة فيدخل إلى الجنَّة خالدًا فيها .