المقبرة العربية ؟
الخميس 31 مارس 2016 – 13:15:57
…الثورة بدأت سلمية ، وهي الحقيقة التاريخية المجردة .انتفض الجيش السوري يصبُّ غضبه على الشعب ، ليولجهُ القبر فزال الكفن . استدعى النظام بمعية المخابرات العسكرية (العائلية) إيران و روسيا لتدمير سورية و التاريخ . و كلُّ الذين استعانوا بالخارج ، جاؤوا من أجل تمزيق البلاد ، قد صدوُّا عن السبيل . فالرئيس الزعيم يؤمن بفكرة السلطة و النفوذ و الخلود .
لمّا كانت اللقاءات مقطوعة بين أمريكا و روسيا بعد قضية أوكرانيا ، أصبحت تطرح رؤيا لتثبيت وجودها في سوريا ، لمزيد من الأوراق السياسية بيدها . من أجل تغيير موازين القوى لصالحها على الأرض . استجابت روسيا بإرسال طيرانها العسكري لقصف “عشوائي” ، أفسدت هذه العملية ، بتدخلها استبعاد الحوار السوري-السوري ، بمباركة النظام ، الذي كان طياروه يقذفون بالبراميل المتفجرة بني جلدتهم . جنت روسيا نصرا سياسيا و ما حققته من مكاسب ميدانيا من الفجوات التي لم يكن يقصفها الطيران الأمريكي-الفرنسي-البريطاني ، من أجل إيصال سوريا إلى دولة الشيشان، أو تقسيمها إلى ثلاث دوَيلات على غرارما فُعل بيغوسلافيا .
التدخل الأجنبي العسكري بسوريا ، يحدث خطر تمزيقها كما هو الحال بالعراق . الغارات الروسية واكبت العسكرية السورية للمزيد من التعاون بينهما ، غيرت استراتيجية المعارك حتى لا تستطيع المعارضة إحراز النصر . فكانت روسيا لا تسعى لتغيير الموازين . و إنْ استحال التوافق سياسيا ستبقى الحرب المستدامة و عدم حسم الصراع . ما هو مطروح ، هو المسار التفاوضي على أساس قرار مجلس الأمن 2254، إذ الخيار الوحيد الديبلوماسي لحقن دماء السوريين ، فالعسكري لم يعد مطروحا ؟ القرار يتحدث عن حكومة انتقالية – تشكيل هيئة عوض هيئة حكم .إطلاق صراح المعتقلين .رفع الحصار عن المدن ، و إدخال المعونات . المسار السياسي لا ينفصل عن العسكري . كان لا بد من استغلال “النصر” العسكري الروسي من القتل و التهجير ، كورقة قدمها النظام لمناوراته مع المعارضة . روسيا و النظام لن يوقفان قصفهما على “الأطفال و النساء و الشيوخ ” ” الإرهابيين” ، لاستغلال اللحظة على حساب الضحايا التي تتساقط تلو الضحايا ، حتى من بين أعضاء المعارضة الذين لا إرهابي بينهم . هم يلتقطون اللحظة و إلا فاتهم قطار الأكفان . طيران أمريكا و حلفائها لم يكن عن طريق مجلس الأمن ، و طيران روسيا دعي بتوسل ، من النظام السوري ، و كلهم “يتعاونون” على إقبار الشعب العربي السوري ، باسم الإرهاب ؟ الإنتقال السياسي أمرٌ ملح وهو أساس كل شيء ، لكي يخلص ما بقي من الشعب من اللجوء و الهجرة (الغرق) ، و المقابر الجماعية .
طبول الحرب حول صنعاء تقرع بأثمان باهضة بأرواح يمنية لا يعلمها إلا الله جلَّ في علاه . الملاسنة و التلاعب بالألفاظ بين الإخوة “الأعداء” (كرامازوف). طائفة تزعم أنَّ التحالف عدوان وهو نتاج لقرار مجلس الأمن رقم2216. و الطرف الآخر لا يؤمن إلا بلغة النار ؟ الموضوع المحوري ، ترجمة “النصر” العسكري (للتحالف) إلى مكاسب سياسية ، بالكرِّ و الفرِّ بينهما ، و التهم بصفات الغدر و المراوغة ، لتحقيق موازين القوى على الأرض . التحالف يحدث بطيرانه ” الفتاك” اختراقا عسكريا و سياسيا و يقلب المعادلة الإقليمية (الشيعية) التي اختلفت ،إذ الفرس لم يعودوا يدعمون الحوثيين كما كان عليه الوضع بالأمس القريب .
و لن تحسم المعارك إلاَّ بمفاوضات سياسية ؟ إرادة معينة ملزمة بكلِّ طرف . و ليست بقصف الأحياء السكنية ، و خطوط المواجهة بالقتل و التدمير ، لا عاصم منه من القذف و المأساة تليها مأساة . الحرب الإعلامية على أشدها ، منهم من يحقق تقدم ميداني و منهم من استعاد ما فقده بالأمس ، و بين هذا و ذاك ، جرائم و إبادة ترتكب ضد الإنسانية . لتحقيق مكاسب سياسية القتال هو “سيد الموقف” بين الإخوة . التصفية للحوثيين و صالح في مقابل التصفية للمقاومة و الجيش الوطني ، حتّى أصبحَ الاستئصال هدف المُتحاربين . كلُّ وادي و كلُّ جبل و كلُّ منطقة و كلُّ شبر من الأرض اليمنية تأخذ ثمنا غاليا من أرواح اليمنيين كعدد “حصى” أراضي سبإ الطاهرة .
أيودُّ كلٌّ من المقاتلين الوصول إلى المفاوضات عند باب المقابر ؟…فمتى يطرق السلام باب البلاد العربية ؟…
فاعتبروا يا أولي الأبصار-صدق الله العظيم-(الحشر ،الآية2). كيف أنَّ دولة ذات سيادة تتحاور مع إرهابيين لضرب مصالح دولة جارة ذات سيادة ؟ بقي أقصى غرب العالم العربي في مأمن من الفتن ، تريد بلقنته ” الطغمة العسكرية” الجزائرية لتصدير مشاكلها الداخلية ، استخفافا بالقوم، إلى جارها الذي ينعم بالسلام . تحاول تجنيد بعض أفراد من “الإرهابيين ” ، خصيصا منهم من استفاد من العفو الرئاسي ، لتدبير عمليات إرهابية ضد المغرب ؟ لينعكس على البعد الإقتصادي و السياسي ؟ “ويكليكس” تفضح النظام الجزائري بصفقتها مع منظومة إرهابية يتزعمها الشخص ( المنعم عليه) المدعو”المختار” . تلك هي المؤسسة التي تتمتع بنوع من الصدقية في تفاصيلها . النظام الجزائري بمفاهيم تصعيدية و إصرار ، بكيدية لإشعال فتيل الفتنة ! وهل الجيش الجزائري يعتبر الجيش و الشعب المغربي (واحد) “الغاشم” عدوا لنظامهم ؟ تلك انزلاقات لكلام عسكري اللامسؤول ، و كيف له أنْ يطرح تعبير ، أقل ما يقال عنه أنه صبياني! اتّضحت علاقة المُخـابـرات العسكرية الجزائرية مع “الإرهاب” بتواصلهم مع ما سمي بقاعدة الجنوب من الملثمين و الموقعين بالدم ! فمن يفتح الكتاب يجب ألاّ يكون بالغرور . إنْ هي إلا أقوال سفاهة ، تلعب في توليد و صنع نشاز .
فالمغرب يرحب و يستقبل و يراعي حقوق الإنسان ، وهو أفضل من التصعيد . و لن يدعم أبدا أعمالا إرهابية ، إجرامية منافية لتعاليم الإسلام . وهو قلعة منيعة، بها أجواء تدفع بالشعب إلى الاطمئنان على الاستراتيجية الذكية المغربية .على نظم أبي العلاء:
صاح هذه قبورنا تملأ الرحب ِِ
فأين القبور من عهد عاد
خفف الوطء ما أظن
أديم الأرض إلا من هذه الأجساد…
واللبيب اللبيب من ليس يغترُّ بكونٍ
ليس مصيرهِ للفساد .
جريدة الشمال