ملامح صحافية في شمال المغرب : بدايات وامتدادات مجلة ‹‹الشــــراع››
جريدة الشمال – هُدى المَجاطي (.مجلة ‹‹الشراع››.)
الخميس 04 فبراير 2015 – 16:56:11
أشفشاون خلناك في الأرض جنة ….. فأنت هي الفردوس ذات النمارق
هي أول مجلة أدبية صدرت في شفشاون، بعد أن كان مثقفوها ينشرون إبداعاتهم الشعرية والنثرية في أهم الجرائد والمجلات التي صدرت بتطوان زمن الحماية الإسبانية، وفي سنة 1960 التأم مجموعة من المثقفين خاصة منهم المهتمين بالشعر، وعلى رأسهم الشاعر الكبير عبد الكريم الطبال، وأقدموا على خوض أول تجربة في النشر بإصدار ‹‹مجلة الشراع››.
في افتتاحية العدد الأول، كتب مؤسس المجلة: ‹‹ هذا شراعي وشراعكم سيشق الآن عباب البحر مترسما الطريق إلى الشاطئ البعيد، فهيا بنا رفقة المحبة والأخوة في شراع الأدب والفكر، نتعاون على مجابهة الصعاب ومقاومة الأنواء، فإن الشاطئ البعيد الذي نسير إليه هو غايتي وغايتك، وإن هذا الخط الأبيض الوحيد الطويل الذي لا ينتهي بالشاطئ، هو الطريق الوحيد الذي يبلغ السائرين فيه إليه، فما وصل من انحرف عن هذا الطريق الوعر، وما اهتدى من تجنب هذا السبيل الشاق، وما توفق من اختار غير وعورة الطريق وغير شائك السبيل. وبعد، فهذا ندائي إليك أرجو أن يجد عندك أذنا تصغي وقلبا يسمع وقلما ينتفض وضميرا يستيقظ فتمد يدك إلى يدي، ولنسر على بركة الله في شراعنا المصنوع من دمنا ومشاعرنا والذي سيسير بإرادتنا وعزيمتنا…إنه رسالة كل مثقف يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، ويحس بالواجب المنوط به، إنها رسالتنا ومسؤوليتنا في إحياء تراث ماضينا المشرق، وفي إلقاء الضوء على حاضرنا الصاعد، وفي رسم الطريق لمستقبلنا الأفضل، الذي نتطلع إليه جميعا››
من كتاب ‹‹الشراع››: محمد شهبون، عبد القادر العافية، عبد الكريم الطبال، محمد أبو عسل، عبد القادر المجاهد، محمد بن عبد الكريم الخيراني، عبد الحق العمارتي وغيرهم، وقد استقطبت المجلة أيضا بعض الأقلام المعروفة آنذاك مثل: مالك بن نبي،عبد الرحمان حجي، حسن مفتي، عبد الله التمسماني والشاعرين: عبد القادر المقدم والمهدي زريوح.
ويحضر في العددين الرابع والخامس من المجلة اسم الأستاذ حسن الوراكلي والشاعر محمد المختار العلمي.
توزعت مواد ‹‹ الشراع›› بين المقالة الأدبية والتاريخية ودراسات في التربية وقصائد شعرية، واختتم كل عدد بركن خاص بالأنباء والمستجدات الأدبية، وفي هذا الركن من العدد الأول، نبأ عن تأسيس جمعية أدبية ثقافية بشفشاون ضمت عددا من مثقفيها، أطلق عليها اسم ‹‹أصدقاء المعتمد›› تيمنا بالملك الشاعر المعتمد بن عباد، ولازالت هذه الجمعية قائمة بشفشاون، ومن أهم أنشطتها الثقافية تنظيم مهرجان سنوي للشعر الحديث.
من مواضيع العدد الأول: مشكلة الحضارة (مالك بن نبي)، التربية في حياتنا (عبد الرحمان حجي)، الضمير والفكر لدى الفرنسيين(عمار الطالبي)، الصراع والأدب (عبد القادرالعافية)، الإصلاح في نظر الكواكبي (محمد شهبون)، صرخة إلى الأدباء(عبد القادر المجاهد)، أبو نواس ومطلع القصيدة (عبد الله التمسماني)، إضافة إلى قصائد للشعراء: عبد الكريم الطبال،محمد أبو عسل، محمد عبد الكريم الخيراني.
وبدءا من العدد الرابع أصبحت محتويات المجلة موزعة على ثلاثة أقسام: القسم الأول خاص بالأبحاث، والثاني بالشعر والقسم الثالث خصص للقصة القصيرة.
بعنوان ‹‹ الشراع في سنته الجديدة›› كتب الشاعر عبد السلام الحضري في مطلع سنة 1962 قصيدة عن المجلة جاء فيها:
هات الشـراع فإننــي مــلاح ….. ولـج البحار وحولك الأرياح
بسم المهيمن مجراه ومرساه ….. إن الركوب على العباب كفاح
مجدافه: الإيمان والصبر الذي ….. بهما يمــر ودأبــــه الإصلاح
•
هاجت بحار الجهل من حول الحمى ….. ودجا الظلام وعطل المصباح
وهوى الشبـــاب للجها مترديــا ….. يبغي الخلاص ولا خلاص يتاح
موج تلاطم بعضه مع بعضه ….. ودنا الحمام وضجت الأرواح
وطغى الصراخ على العويل مناديا ….. أن السلامة عندنـــا: أربـــاح
•
أنر السبيل لفتية جهلت هنا ….. أنواءها ولها هنا أشباح
وخذ الطريق من المجاز فإنما ….. أخذ الطريق من المجاز صلاح
•
جهل الشباب يعد شيئا عائبا ….. وتجاهل الأشياخ عنه جناح
وتغافل الربان عن ضوء الحمى ….. سبب الهلاك عليه سوف يناح
•
كم يعرفون عن الشعوب منائرا ….. وبذا المنار تلاعب النزاح
وعلى السفينة قد قضوا وتوهموا ….. في جبرها إصلاحا فأطاحوا
•
إن الكنوز لدى الشعوب كثيرة ….. وكنوزنا في العلم سوف تباح
كم أبرز الكتاب من سر الحجا ….. فسمت به الأبدان والأرواح
لم لا نرى كتابنا قد ساهموا ….. وبنوا لنا الأمجاد وهي صحاح؟
•
إن الشراع مجلة تحلو لنا ….. فخذ الشراع كأنها مصباح
إن الشراع مجلة قد أنشئت ….. لتنير وجه الحق وهو صراح
•
إن الشراع صغيرة في حجمها ….. وعظيمة في نهجها، وسلاح
قطعت بنا شوط الأماني لحظة ….. وبدا الصباح وحبذا الإصباح
وتظافرت أقلامها وبحوثها ….. وتنوعت أقداحها والراح
لا تبخلوا عن نشرها بجهودكم ….. فجهودكم لو تعلمون نجاح
توقفت مجلة ‹‹الشراع›› مؤقتا ثم نهائيا بعد صدور العدد الخامس في يناير 1962. . !!!….