بوطاهر اليطفتي (آل عزيز) في الذكرى الثانية لوفاته
جريدة الشمال – د.هُدى المجـاطـي ( بـوطـاهـر اليطفتي )
الجمعة 24 نوفمبر 2017 – 16:49:45
• بطاقة تعريفية :
•من مواليد سنة 1924 بقبيلة بني يطفت (إقليم الحسيمة).
•حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة.
•انتقل إلى تطوان في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي للدراسة بالمعهد الديني، ثم بمعهد مولاي الحسن، وتابع دراسته بعد ذلك بمعهد مولاي المهدي مستفيدا من جميع التخصصات التي كانت تدرس آنذاك.
• تابعَ دراسته بمعهد العلـوم الاجتماعية بغرناطة.
• عمل أستاذا ومسؤولًا إداريـًا ب:
-معهد مولاي المهدي.
-المعهد الرّسمي.
– ثانوية «خديجة أم المؤمنين».
– المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان بالقسم العربي وقسم الصحف.
– المدرسة العليا للأساتذة بتطوان.
– مكتب التعريب التابع للجامعة العربية.
– كلية أصول الدين بتطوان إلى حين بلوغه سن التقاعد.
• بعد سنة 1970، عمل الأستاذ بوطاهر اليطفتي في سلك المحاماة، وهي المهنة التي ظل يمارسها إلى حدود 1997.
• نشر العديد من المقالات في منابر إعلامية شمال المغرب زمن الحماية الإسبانية، وألف مسرحيات..
نقدم للقراء نموذجا مقاليا تأصيليا للمرحوم في موضوع المؤسسات العلمية في العالم الإسلامي منمذجا بجامعة القرويين التي أسستها أم البنين فاطمة الفهرية سنة 245 هـ:
المدارس في الإسلام!
نظرة واحدة في سجل التاريخ الإسلامي، وفي صحف المدنية الإسلامية تعطينا بيانا شاملا، وفكرة واضحة على الاتجاه العلمي الذي خطته الأمة المحمدية منذ فجر حياتها وبزوغ شمسها..
لقد بعث الله تعالى النبي العربي صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يدعو الإنسانية إلى سنن الهدى والرشاد، ويبشرها بتعاليم القرآن فكان أول معلم يلقي الدروس القرآنية بالقراءة. فتتخرج على يده الكريمة تلك الجيوش الجرارة من نبغاء الحضارة الإسلامية التي وتقود زمام المدنية بلا منازع، فتنتشر العلوم في مختلف أصقاع المعمور.
وبتوالي الأيام والسنين تتفرع العلوم، وتتنوع الفنون ويتسع نظامها، فتشمل جميع الفروع، وتظهر الحلقات وتنشأ الدروس في «الجوامع»و«الربط» و«المنازل» وغيرها.. بل كثيرا ما كان الأغنياء والخلفاء والأمراء يهيئون لأولادهم دروسا خصوصية بانتقاء مدرسين ومعلمين لهذا الغرض نفسه.
وما أتى النصف الأول من القرن الثالث الهجري تقريبا، حتى تصدت بالمغرب الأقصى أم البنين فاطمة الفهرية القيروانية لبناء جامعة القرويين من حر مالها الذي ورثته من أبيها وزوجها، فسجلت بذلك هذه السيدة الكريمة أول مبرة نسوية في تاريخ وطنها، وهيأت لأبناء جلدتها أول جامعة في العالم، التي ما لبث نجمها أن تألق في سماء المجد والعلم منذ أواخر القرن الثالث وأول الرابع، فسرعان ما تخرج منها علماء أفذاذ من مختلف الجهات، حتى من أوربا، ولو ذكر فقط البابا (سلفستر) الثاني الذي كان أول من أدخل الأرقام العربية إلى أوربا لكفانا دليلا واستدلالا وبرهانا.
على أنه لا تكاد تمر فترة أخرى من فترات التاريخ الإسلامي، حتى ترمي المقادير الإلاهية بالقائد المغربي جوهر الصقلي – من قبائل الخلط – إلى أرض الكنانة فينشئ القاهرة المعزية، التي لا تكاد تمر عليها سنة 359 هـ حتى تنشأ الجامعة الأزهرية التي تألق نجمها، وغرزت مادتها وانتظمت حياتها وعمت فائدتها على و
ولا حاجة بنا إلى ذكر تاريخ هذه الجامعة العتيدة، ففي خطط المقريزي والخطط التوفيقية ما يروي ظمأ القارئ اللبيب ويشفي غليله.
هذا وإن رجال الإسلام لم يتوقفوا يوما على إنشاء المدارس في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، فالإفرنج أنفسهم يذكرون للمسلمين مدرسة أنشأها المأمون في خراسان، وهو وال هناك، كما أنشئت في نيسابور – عاصمة خراسان- عدة مدارس منها مدرسة ابن فورك، والمدرسة البيهقية، والمدرسة السعيدية، ومدرسة إسماعيل الاسترابادي، والمدرسة التي أسسها الأستاذ أبي إسحاق. كما أسس الوزير نظام الملك الطوسي، وزير ملك شاه السلطان السجلوقي المدرسة النظامية في نيسابور لإمام الحرمين في سلطنة ألب أرسلان ومدرسة أخرى بهذا الاسم في بغداد..
ونظام الملك هذا هو أول من بنى مدرسة كبرى في بغداد، وجعل التعليم فيها مجانا، وفرض لتلامذتها الأرزاق والجواري والمعالم، وكان يجري هذا الوزير في سبيل العلم ما قدره 600.000دينار في السنة.
ولقد كان بطل البلاد المقدسة صلاح الدين مهتما بإنشاء المدارس، وما انقضى ملكه حتى كان مجموع المدارس 25 مدرسة، وسار على أثره السلاطين المماليك بمصر، فبلغ ما أنشأوه من المدارس بمصر، أيام المقريزي في القرن التاسع للهجرة 45 مدرسة.
أما في الدولة العثمانية، فكان أول من اهتم بإنشاء المدارس السلطان أورخان المتوفى سنة 761 هـ، واقتدى به إخوانه الملوك من بعده، فأنشأوا كثيرا من المدارس، وأشهرها المدارس الثمان التي أسسها السلطان سليمان.
ولقد ذكر الرحالة المغربي الشهير ابن جبير الذي طاف الشرق الإسلاميفي القرن السادس أنه شاهد عشرين مدرسة في دمشق، وثلاثين في بغداد..
وأما نهضة المدارس الإسلامية الإسبانية المسلمة العربية، ففي غرناطة وحدها بلغ عدد المدارس الكبرى والمدارس الصغرى 120.
ولكن مدارس الأندلس أنشئت على غير مثال المدرسة النظامية، كما يتضح من كلام المقري رحمه الله: «وليس لأهل الأندلس مدارس تعينهم على طلب العلم، بل يقرأون جميع العلوم في المساجد بأجرة، فهم يقرأون لأن يتعلموا، لا لأن يأخذوا جازيا»
أنظروا إلى ذلك التاريخ الحافل، واقرأوا سطور المجد، التي كان يمليها على الإنسانية رجال الإسلام بأعمالهم ومنشآتهم الثقافية والعلمية، واعلموا أن أول صوت جلجل في غار حراء بمكة أم القرى منذ أربعة أشهر قرنا: «اقرأ يا محمد» هي الكلمة الأولى، والصوت الأول الذي يجلجل اليوم في سماء المغرب«اقرئي يا أمة محمد»…